الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الموت في كيس دم.. 300 بنك حكومي ونصفها خاص بالمسشفيات.. تشديد الرقابة بعد تكرار حوادث القتل بـ"الدم الفاسد"..و"المنظمة العالمية": مصر ضمن 120 دولة ليس لديها أنظمة أمان في حفظ الدم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخطر قائم، الموت زاحف عبر كيس دم فاسد، شبح أصبح يطارد المصري كلما هبط بجسده النحيف على سرير في مستشفى حكومي واستدعت حالته نقل دم، الخطر جار حصاره من وزارة الصحة التي شددت من إجراءاتها للمتابعة والرقابة على بنوك الدم بعد تكرار حودث الموت بسبب نقل دم فاسد، انتهت الإجراءات إلى غلق 10 معامل بعد ثبوت تجاوزها في عمليتى التبرع ونقل الدم.
هي كذلك، تجارة تنتعش في ظل غياب رقابة وسيطرة من وزارة الصحة، كيس الدم ومشتقاته يتراوح بين 350-1200 جنيه، و"المتبرعون" أحيانا من فئات الشباب المدمنة، وكانت منظمة الصحة العالمية قد وضعت مصر ضمن 120 دولة في العالم ليس لديها أنظمة أمان في حفظ الدم بسبب غياب استراتيجية وألية خاصة باختبارات الأجسام المضادة للفيروسات وغيابها من المستشفيات، وكشفت أن العجز في بنوك الدم الحكومية بلغ نحو 3 ملايين وحدة دم رغم أن مصر تمتلك نحو 300 بنك للدم، فيما يتم بيع نحو 30% من الدماء التي تم جمعها إلى المستشفيات الخاصة.
خريطة بنوك الدم في مصر تشير إلى أن هناك أكثر من 100 معمل وبنك للدم بالمحافظات، بينهم 6 مراكز لنقل الدم تابعة للقطاع الخاص بالقاهرة فقط، أشهرها مستشفى د.مجدي، ومستشفى الشبراويشي، وبنك دم مستشفى الزراعيين، ومركز طيبة، ومركز الشروق، المفجأة بورصة أسعار "الدم"، مثلا، في مستشفى الشبراويشي، كيس الدم ومشتقاته تتراوح بين 350 جنيه- 1200 جنيه، ووحدة البلازما بـ120 جنيهًا، و6 وحدات فائح دومية 550 جنيهًا، و12 صفيحة دموية بـ1100 جنيه، بينما تصل تكلفة اختبارات التبرع إلى 280 جنيهًا، وفلترة كيس الدم بـ200 جنيه، وإشعاع الكيس 60 جنيهًا، وSD-CRYO250U بـ370 جنيهًا، وSD-CRYO500 بـ740 جنيهًا، وSD-Plasma بـ450 جنيهًا.
في مستشفى "الزراعيين" توقفنا قليلا، علمنا أن بنك الدم به لا يتبع لإدارة المستشفى وبالكاد تشرف عليه وزارة الصحة بينما تقوم بتأجيره جهة خاصة، "ممكن نسمي بيزنس؟ "، هو كذلك، بيزنس بحسب وصف مدير المستشفى د. "محمود عضمة" الذي كشف لنا عن مفاجآت جديدة عن بنوك الدم الخاصة في مصر والتي سماها بـ"المافيا" وتابع: "عصابة كبيرة لا يستطيع أحد السيطرة عليها وأنه مهما كشفنا من أسرارها فلن يجدي الأمر نفعا إلا إذا تم وضع منظومة متكاملة تأخذ في اعتبارها البعد الإنساني بجانب المكسب والربح، لأن تحديد أسعار البيع للمريض تخضع للعرض والطلب، ووزارة الصحة نفسها لا تملك سيطرة عليها".
وكشف "عضمة" أن المسيطرين على عملية التبرع بالدم هم "المدمنون" حيث يتبرعون بدمائهم مقابل المال لشراء المخدرات، مؤكدا أن وزارة الصحة وحملات التبرع تستقبلهم وتعطيهم مبالغ مالية مقابل عملية التبرع، فالمدمنين كانوا قبل ثورة 30 يونيو يكثرون من التبرع في سوق واسع لا أحد يعرف الداخل فيه من الخارج، وأوضح "عضمة " أن المتبرع من هؤلاء وغيرهم يحصل على مبالغ كبيرة وهناك مصاريف أخرى إضافة إلى هامش الربح الضخم وكله محمل على الفاتورة التي يتكبدها المريض الذي يكون في بعض الأحيان "معدم" لا يجد قوت يومه، ومن لا يملك المال "يموت" لأن الصحة في مصر بـ"فلوس" ومن يريد أن يعالج ويحصل على رعاية جيدة عليه أن يدفع.
وتساءل "عضمة" أنه إذا كان إيجار مقر بنك الدم فقط يصل إلى 120 ألف جنيه في السنة فكم يكون دخله وأرباحه ليغطي كل هذه المصاريف، لكن الواضح إن كله على حساب المريض، وللإنصاف يجب الإشارة إلى أن المعامل الخاصة تجري فحوصات جادة على أكياس الدم التي تصلها على عكس بعض البنوك الأخرى.
وتابع "عضمة" تفجير قنابله قائلا: "في وزارة الصحة والبنوك التابعة لها، يتم وضع حوافز للطبيب المشارك في الحملة والموظفين على كل متبرع مما يجعل هدفهم الأساسي هو جلب متبرع دون النظر إلى صلاحيته أم لا، وما في ذلك من إهدار للمال العام، إضافة إلى أن هناك معدلًا للطبيب والحملة، حيث يقوم بعض الأطباء بعد الوصول إلى هذا المعدل "التارجت" وتحقيقه ببيع الأكياس الزائدة إلى البنوك الخاصة لتحصيل مبالغ كبيرة عليها في حين أنه إذا سلمها لوزارة الصحة لن يتحصل على أي حافز زيادة، وأضاف عضمة " على سبيل المثال إذا كان التارجت المطلوب تحقيقه 50 كيس دم في اليوم والحافز للوصول إليه 10 جنيهات على الكيس أي إجمالا يتحصل الطبيب على 500 جنيه لا تزيد حتى لو وصلت الكمية إلى 100 كيس دم متبرع به".
ومن داخل بنك الدم بنفس المستشفى أوضح "حليم سيعد" مواطن، أنه يبحث عن أكياس دم لمريض له منذ أيام سيجري عملية جراحية ولم يحصل على كل الكمية المطلوبة، حيث ذهب إلى القصر الفرنساوي فطلبوا منه أشخاصًا يتبرعون بالدم حتى يصرفوا له المطلوب فأحضر لهم 10 أشخاص فلم يأخذوا دم إلا من اثنين فقط وأعطوه في المقابل كيس دم واحد وألزموه بدفع مبلغ 253 جنيها كرسوم إضافية.
وأضاف "سعيد" أنهم في بنك "الزراعيين" يشترطون وجود 3 متبرعين حتى يأخذ كيسًا واحدًا إضافة إلى الرسوم وأكد أنه تعب من البحث على أكياس الدم رغم أنه موجود عندهم لكن يحتفظون به للحالات التي تعالج عندهم، وبحث في بنك مستشفى الزراعيين والشبراويشي ولم يجده مستنكرا أن المريض لن ينتظر يوم واحد زيادة.
"محمود عبد السلام" حالة أخرى تبحث عن دم، حكى " أن قريبه أصيب بشكل خطير تكسرت عظام ساقيه وفك أسنانه ويرقد بين الحياة والموت ويحتاج لنقل دم، وهو يجوب المحافظات ليحصل له على أكياس الدم المطلوبة دون جدوى لدرجة أنه بحث عنها في مستشفيات بني سويف والقاهرة والجيزة وبنوك الدم الخاصة، واستقر به المطاف في بنك الدم الخاص الموجود بمستشفى الزراعيين وسوف يعطيه كيس مجاني شريطة أن يوفر 3 أشخاص يتبرعوا ب3 أكياس أخرى والزامه بدفع مصرفات تصل إلى 350 جنيها للكيس الواحد رغم أنه سيوفر لهم 3 متبرعين لكل كيس دم زيادة سيأخذه من البنك ".
وأبدى "عبد السلام" حسرته من رد العاملين في المصل واللقاح "فاكسيرا" بشقيه الحكومي والخاص حيث لم يعترفوا بالخطاب الموجه لهم من المستشفى الخاص الذي يعالج في المريض، فلا بد أن يكون في مستشفى حكومي حتى يصرفوا له ما يحتاجه من أكياس الدم، ما أدخله دوامة البحث عن "كيس دم" في سوق لا يسيطر عليه أحد ولا ضابط له ولا رابط، ما يجعل القضية مفتوحة أمام الرأي العام والمسئولين عنها في وزارة الصحة وكذلك وزارة المالية التي توفر دعما لا يكفي احتياجات المرضى ممن يموتون بسبب عجزهم عن توفير نقطة دم نظيفة في بنوك الدم الحكومية والخاصة.