الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سرنجة التوهان.. انتعاش سوق المخدرات بين الشباب.. إقبال على الماكس بالحقن وتراجع للبانجو ورواج للحشيش.. 40 مليار جنيه حجم تجارتها سنويًّا.. 8 ملايين متعاطٍ.. و87% من الجرائم سببها "المزاج"

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن شبكة المراقبة الأمنية لـ"خُنن" المخدرات وبؤر المزاج "ساقطة" أو ضعيفة بدليل عودة انتعاش سوق المخدرات بين الشباب، مع إقبال على الماكس بالحقن ورواج الحشيش، الكارثة أن 40 مليار جنيه حجم تجارتها سنويا، وأن نسبة التعاطي قفزت لـ 8 ملايين متعاطٍ، وأن و87% من الجرائم سببها "المزاج"، خبراء من جانبهم رأوا أن الحصار لتجارة الصنف قائم، لكن ما يحدث من انتعاش بسبب بعض التسريبات للسوق، واستمرار اللعب ضد شباب البلاد من جانب أصابع خارجية تسعى لتدمير هذه الطاقة البشرية.
تكشف الإحصائيات، أن نسبة المتعاطين والمدمنين في تزايد، حيث قفزت نسبتهم إلى 8 ملايين متعاطٍ، وأن أعمارهم بين 11 عاما وحتى 55 عاما، مؤكدة أن حجم تجارتها يفوق 40 مليار جنيه سنويا مؤثرة على الاقتصاد، لافتة إلى أن تأثيرها وارتباطها بحجم الجريمة يزداد بشكل كبير، كاشفة أن 8500 دعوى قضائية بين الأزواج بسبب المخدرات سنويا.
وبحسب تقرير المخدرات العالمي الصادر عام ٢٠١٦، جاء فيه أن ١ من كل ٢٠ بالغا في الفئة العمرية من ١٥-٦٥ سنة تعاطى المخدرات ولو لمرة واحدة في العام بمجموع ٢٥٠ مليون شخص في العالم، إضافة إلى وجود أكثر من 29 مليون شخص يعانون على مستوى العالم من أمراض شديدة جراء إدمان المخدرات أو ما يطلق عليهم المدمنون الإشكاليون.

أضاف التقرير أن عدد متعاطي المخدرات بالحقن ١٢ مليونا، بواقع ١ من كل ٢ من متعاطي المخدرات بالحقن، مصاب بالالتهاب الكبدي C، ولهذا يشير تقرير المخدرات العالمي إلى أن تأثير تعاطي المخدرات على الصحة لا يزال كارثيا، كما يشير إلى أن 207 آلاف شخص توفوا عام 2015 نتيجة تعاطى المخدرات.
فيما رصد تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن عدد متعاطي المخدرات في مصر قد وصل في نهاية عام 2014 إلى 8 ملايين شخص بما يعادل 10% من عدد السكان، مؤكدا أن هناك مناطق سكنية بالكامل تحولت إلى أوكار لتجارة المخدرات وترويجها، إضافة إلى عدم اقتصار تجارة المخدرات على الرجال فقط بل أصبحت تتاجر بها السيدات، وانتشر التعاطي بين الطلاب والشباب ليس فقط على المقاهي والأماكن المغلقة بل أصبح على الطرقات والأرصفة.
في السياق أوضحت إحصائية صادرة عن محكمة الأسرة، أن هناك 17 ألف دعوى قضائية بسبب خلاف بين الزوجين بسبب التدخين وصلت نسبة الطلاق من تلك الدعاوى 45%، كما أن إدمان المخدرات تسبب في خلافات زوجية بين الزوجين وصلت إلى 8500 دعوى قضائية منها 5 آلاف دعوى بسبب إدمان الزوجات و3500 بسبب الأزواج، وقد وصلت نسب الطلاق من تلك الدعاوى 55%، كما بلغ عدد الدعاوى القضائية بسبب إدمان الخمور إلى 12 ألف حالة سنويا.

وفى دراسة مسحية أجراها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي لمواجهة ظاهرة تعاطى وإدمان المخدرات بين النشء والشباب في القرى الأكثر فقرًا بالريف المصري، أجريت على 26 قرية في محافظات المنيا والشرقية وأسيوط جاء فيها أن نسبة المدخنين في النشء 30% إضافة إلى أن 90% من المدخنين في الفئة العمرية أقل من 25 عاما يستهلك 68.3% منهم من 20 إلى 30 سيجارة يوميا، إضافة إلى أن 42% من العينة يدخنون الشيشة.
كما أوضحت نتائج الدراسة أن 62.1% من المبحوثين قد سمعوا من قبل عن المخدرات، حيث أشار 94.1% أنهم سمعوا عن البانجو و93.7% سمعوا عن الحشيش، كما أشار 22.5% منهم أنهم سمعوا عن الهيروين، وأشار 21.4% من المبحوثين أنهم سمعوا عن الكحوليات، كما أشار 20.6%، 20.4% من المبحوثين سمعوا عن الأفيون والأقراص المخدرة على الترتيب، كما كشفت النتائج أن 84% من المبحوثين يسمعون عن المخدرات من خلال وسائل الإعلام، وأن 39.5% يعتبرون الأصحاب مصدر السماع عن المخدرات، كما أن 3% منهم قد سمعوا عنها من أقاربهم.
كما أشارت النتائج أن البانجو هو أكثر مادة مخدرة تعرض المبحوثين لرؤيتها من قبل (84، 1%)، يليه الحشيش (78، 5%)، ثم الأقراص المخدرة (15، 5%)، ثم الكحوليات (13، 9%).، وكان الحشيش هو أكثر المواد المخدرة انتشارًا بنسبة بلغت 83.1%، يليه البانجو بنسبة بلغت 56.2%، بينما قرر 32.6% أنهم يتعاطون الأقراص المخدرة، وجاءت الكحوليات بنسبة 16.9%.
وجاء بها أن 37.1% من المبحوثين قد تعاطوا المخدرات لأول مرة في الفئة العمرية من (15 إلى أقل من 20 سنة)، كما أشار 28.1% من المبحوثين أنهم بدءوا التعاطى في الفئة العمرية من (20 إلى أقل من 25 سنة).

أوضحت النتائج أن أغلب المبحوثين الذين مروا بتجربة التعاطى مازالوا مستمرين في تعاطى المواد المخدرة بنسبة بلغت 42.6%، بينما أشار 33.3% من المبحوثين أنهم يتعاطون المخدرات بشكل متقطع، وأشار24.1% منهم أنهم يتعاطون المخدرات في المناسبات فقط. 
كشفت النتائج أن أكثر الأسباب في الاستمرار في التعاطي، هو اعتقاد المتعاطين بأنها تعدل مزاجهم بنسبة بلغت 78.3%، يليه لأنها تضيع الوقت بنسبة 60.9%، كما أشار 47.8% أنهم مستمرون في المخدرات لأنها تعطيهم قوة بدنية وجنسية.
ولكن كم تبلغ حجم تجارة المخدرات في مصر، هنا نشير إلى تصريح مهم لوزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز، أكد فيه، أن حجم تجارة المخدرات في عام 2014 بلغت 22 مليار جنيه، بينما أكدت مصادر أخرى أن الإنفاق على حجم تجارة المخدرات في مصر بلغ 40 مليار جنيه سنويا.
وقال الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن كثيرا من الدراسات والأبحاث تشير إلى تزايد نسبة التدخين وتعاطي المخدرات بين المراهقين والأطفال، والتي أكدت تخافض سن تعاطي المخدرات إلى ١١ سنة، وأرى أن التعاطي يبدأ قبل ذلك، وهذا راجع إلى أسباب ليس فقط منها انفصال الأبوين فقط، بل إن الدراسات تشير إلى أن غياب الأب بسبب السفر والعم أو الوفاة يؤدى للإدمان بنسبة 37% وكذلك غياب الأم بنسبة قريبة.

أكد حماد أن الدراسات تشير إلى أن النسبة الأكبر من الأولاد الذين يتعاطون المخدرات توجد مع الأسر التي يعيش فيها الأبناء مع الآباء والأمهات، وليس الأسر التي يحدث فيها طلاق بين الوالدين، وإن دل هذا فيدل على غياب كبير لدور الأسرة، وعلى غياب كثير من القيم والمفاهيم وغياب الرقابة الوالدية.
وتابع حماد أن من بين تلك الأسباب، تزايد الأعمال الدرامية التي تشجع على ذلك، والتي تظهر البطل في صورة تجذب الصغار، حيث أشارت دراسات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان إلى تزايد رهيب في عدد الأعمال الدرامية التي توجد بها مشاهد للتدخين وتعاطي المخدرات بلغت في عام ٢٠١٤ أكثر من ١٤٠ ساعة درامية كلها مشاهد تعاط وتدخين، كما يزيد من خطورة هذه الأعمال الدرامية ميل المراهق للتقليد والتجريب وحب المغامرة، موضحا أن الحلول تأتى من حوار الأب مع الأبناء عن المخدرات ومخاطرها، حيث تشير دراسة أمريكية أن نسبة 70% من الأبناء لن يتعاطوا المخدرات إذا تحدث الآباء معهم عن مخاطرها.
وعن علاقة المخدرات بالجرائم، قال حماد: إن هناك دراسة أجراها صندوق مكافحة الإدمان على نزلاء المؤسسة العقابية تؤكد أن متعاطي الحشيش منهم ارتكبوا جرائم اغتصاب بنسبة 86%، وجرائم هتك عرض بنسبة 58%، وجرائم القتل بنسبة 23.7%، وجرائم السرقة بالإكراه بنسبة 24.3%، إضافة إلى أن 56، 7% من مرتكبي الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، كما أن الإحصاءات الرسمية تؤكد أن 87% من الجرائم غير المبررة يأتى تعاطى المواد المخدرة كمحرك رئيسى لها.

وكشف الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي وأمراض المخ والأعصاب وعلاج الادمان، أن أسباب ذهاب الشباب للمخدرات هو هروبهم من الضغوط الاجتماعية وأحيانا يكون الفراغ في حياته أو عدم التكيف مع الأسرة أو علاقات عاطفية فاشلة أو رسوبه المتكرر وغيرها، مضيفا أن المتعاطى يكون غير سعيد، ويرى أنه لا يستحق الحياة فيلجأ إلى المخدرات ومنهم من يتمنى الموت فيقوم بزيادة الجرعة فهو يتلذذ بتعذيب نفسه، ومنهم من يتلذذ بوخذ الإبرة، وأغلب المدمنين شخصيات ماذوخية تتلذذ بتعذيب نفسها ويبحث عن أي شىء يعذبه ويهين كرامته.
أضاف فرويز، أن النسبة في ازدياد، وهناك مراحل سنية بدأنا نراها كانت غير موجودة من قبل وكانت ما بين 18 حتى 25 عاما الآن نفاجأ بأعمار وصلت من 50 إلى 55 عاما، ومنهم من تعاطى المخدرات لأول مرة في هذا العمر، وهذا يدل على مدى الانحدار الأخلاقي والثقافي الذي وصلت إليه مصر، وهناك أعمار من 12 إلى 15 عاما أيضا يتعاطون المخدرات، موضحا أن هناك فارقا بين المدمن والمتعاطي، وهناك نسب عالية جدا تتعاطى الحشيش وأخرى الترامادول ولا يعتبرون أنفسهم من ضمن المدمنين، وهناك نساء أزواجهم يعطونهم الترامادول ولا تعرف أنه الترامادول.
ومن ناحية الإدمان بالحقن قال فرويز: إن هناك أشخاصا لا يحبون الشم مثل الهيروين فيلجئون للحقن، وآخرين يلجئون للهيروين بالشم، وآخرين بالترامادول فقط، وهناك آخرين يأخذون كل أنواع المخدرات مثل الماكس وهذا يصعب علاجهم.
وأكد الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الادمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن مصر بلد غير منتج للمخدرات، وتقوم باستيراد المخدرات بالدولار، مما يؤدي إلى استنزاف النقد الأجنبي، والذي بدوره يؤدي إلى زيادة المعروض من العملة المحلية، ونقص المعروض من العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى انخفاض العملة المحلية، وهذا يؤثر على الدول الفقيرة والتي تعتمد على الاستيراد والعملة الخارجية لتوفير ما تحتاجه من التزامات.
أكد حماد إنتاج المخدرات وبيعها وتسويقها لا يدخل ضمن دورة النشاط الاقتصادي؛ لأنها مواد غير مشروعة، فيؤدي ذلك لخسائر اقتصادية فادحة حيث يؤدي إنفاق المال على المخدرات إلى ضعف القدرة الشرائية للفرد والأسرة، فبدلا من الصرف المشروع على التعليم والصحة والادخار يتم الصرف في أوجه ضارة جدا، وهو ما يؤدي إلى نقص في الدخل المتاح، وقد أثبتت الدراسات أن المخدرات وراء ارتفاع سعر الدولار وتحطيم القوة الشرائية.