الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أستاذ العلوم السياسية قال إن الشعب المصري استهلاكي بطبعه.. معتز عبدالفتاح: الرئيس "مايسترو" يواجه الإرهاب والبيروقراطية بدون "عازفين"

الدكتور معتز بالله
الدكتور معتز بالله عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
“الثورجية” أضاعوا مكاسب ثورة الخامس والعشرين من يناير وفشلوا فى اختيار قائد لها 
قرض صندوق النقد الدولى «دواء مصر المر» لخروجها من أزمتها الاقتصادية.. ولا أستبعد الحل العسكرى فى أزمة «سد النهضة»
الحديث عن مصالحة مع «الإخوان» أمر مرفوض تمامًا وكلام لن يؤتى ثماره

قال الدكتور معتز بالله عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر تشهد حاليًا حربًا موجهة، تقودها جماعة الإخوان المسلمين، عن طريق قنواتها فى قطر وتركيا، وكذلك من بعض تجار الثورة فى مصر، والذين فشلوا فى الحصول على أى مكاسب من تلك الثورة،
مؤكدًا أن تلك الحرب هى حرب نفسية تستهدف إصابة المصريين باليأس والتقليل من حجم الإنجازات، وأضاف مدير وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط فى جامعة ميتشجان المركزية فى الولايات المتحدة، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، يسير بخطى ثابتة، ولكن تعوقه مؤسسات الدولة والوزراء الحاليون، مؤكدًا أن قرض صندوق النقد الدولى، يعتبر دواءً مرًا للشعب والحكومة المصرية.

■ قلت من قبل «لو ذهب المصريون لليابان سيعوقون تقدمها».. فما الداعى لتلك المقولة؟
- لا شك أن مصر بحاجة للاستثمار فى الإنسان، وليس مجرد الاستثمار له، مثلما يحصل فى الفترة الحالية، من تدشين لمشروعات ومؤسسات، دون أن تكون هناك تنمية للإنسان نفسه، حيث لا يجوز أن يعمل الأب فقط من أجل الادخار وتأمين مستقبل أولاده دون أن يقوم بتعليمهم جيدًا، ولا يجوز أن تقوم الدولة بإنشاء طرق، بينما المواطن لا يجيد فنون القيادة، أو أن تقوم الدولة بإنشاء مصانع وشركات، بينما العامل المصرى اعتاد على التكاسل، حيث يجب الاهتمام بالبنيان قبل البناء، ومن هنا كانت مقولة اليابان، وكان المقصود لو أننا أحللنا المصريين محل اليابانيين، سيؤدى ذلك إلى تعطيل التقدم والحضارة فى اليابان، وبالتأكيد القيادة والحكومة، ممثلة فى الوزراء والمحافظين، يتحملون المسئولية الأولى، حيث يجب أن يكونوا قدوة حسنة للمواطنين تدفعهم للتغيير من أنفسهم، ولا يجوز على سبيل المثال أن يُطالب المسئول الشعب بالتقشف، بينما هو يعيش حياة رغدة، ويمتلك سيارات فارهة.
■ كيف يمكن تحديد مظاهر الخلل فى المجتمع المصري؟
- بالتأكيد، هناك خلل فى جميع مناحى الدولة، سواء على مستوى التربية والتعليم، أو الإعلام، وتجديد الخطاب الدينى، لو بدأنا بمنظومة التربية والتعليم نجد أنها تحتاج إلى إعادة هيكلة بشكل كبير، وتحتاج لتجديد الخطاب التعليمى بشكل سريع، وتربية الطالب أو النشء على التعددية، مثلما يحدث فى كل مدراس دول العالم، حيث نجد الطالب يتعامل يوميًا مع كافة الجنسيات والأديان دون تحفظ، ما يخلق لديه حالة من التحضر والرقى، علاوة على ضرورة تربيته على الفهم والتدبر وليس الصم والحفظ فحسب، واكتساب القيم والمهارات من الحياة اليومية.
■ هل أصاب الخلل منظومة الإعلام أيضًا؟ 
- بالطبع هناك خلل كبير فى منظومة الإعلام المصرى، حيث منح نفسه مساحة كبيرة، مرتبطة بضعف الحياة الحزبية من ناحية، وغياب المجتمع المدنى من ناحية أخرى، ما حول عددًا من الإعلاميين إلى قبلة سياسية ومحركين للانتماءات، وهم غير مؤهلين لذلك الدور، علاوة على أن الإعلام فى الفترة الحالية يعتمد على الإثارة والتهييج، والبحث عن المادة والمكاسب المادية، بعيدًا عن الإعلام الهادف الذى يقدم مضمونًا جيدًا، وأصبح الإعلام متقاعسًا عن دوره، ولا يقوم بمعالجة الأزمات التى تصيب المجتمع، بل يقوم بتغذيتها وزيادتها، وأصبح الإعلام يتغذى على السطحية، وهنا يجب أن ندرس تجربة ماليزيا، التى قادها مهاتير محمد، حيث بدأ فى تجربة نهضة ماليزيا عن طريق الإعلام، الذى استهدف تعليم المواطن أساليب الحياة اليومية التنموية، والتوعوية، التى تخلق مجتمعا متحضرا وراقيا، بينما الإعلام المصرى رفع درجة التسطيح والتفاهة بشكل أكبر من اللازم.
■ ماذا عن الخطاب الديني؟
- لا شك أن الخطاب الدينى يحتاج لتجديد بشكل جذرى وسريع، خاصة أن الخطاب الدينى الحالى يكتفى بالتركيز على الماضى الأليم، دون التركيز على أزمات الحاضر الأكثر ألمًا، وعند ذكر التجديد نتحدث عن كتب التراث فحسب، دون ذكر أزمات مصر المعاصرة، ويجب أن يركز الخطاب الدينى على علاج مشكلات المجتمع المصرى الأكثر تفحلًا، مثل البطالة، والجهل، المرض، التطرف الفكرى، الإرهاب، الإهمال، الفساد، الاستبداد، والإنجاب بلا حساب، وهي تعد الأزمات العشر فى المجتمع المصرى، ومن شأنها أن تدخل البلاد فى نفق مظلم، وهنا يجب أن يضع الخطاب الدينى قواعد لعلاج تلك الأزمات، مثل الزيادة السكانية، وتوعية المواطن بخطورة تلك الزيادة على مستقبله، ومن شأن ذلك أن يدخلنا فى مرحلة التحسن المظهرى، والتخلف الجوهرى، الذى لا يمكن أن يشعر به المواطن البسيط، أو يؤتى ثماره فى المجتمع المصرى.
■ لو انتقلنا للمشهد السياسى.. كيف تقرأ المشهد الحالى وماذا عن البرلمان؟
- هناك العديد من التوتر وعدم الاستقرار فى المشهد، ولو تحدثنا هنا عن البرلمان، نجد أن أكبر أزماته أنه «نشيء» بلا خلفية إعلامية كافية، وإن كان ذلك أفاد الأعضاء والبرلمان بشكل كبير من ناحية أنه تخلص من آفة الاستعراض لدى بعض النواب، والذين كانوا ينتظرون الهواء لتقديم ذلك الأداء الاستعراضى، بينما من ناحية أخرى أثر بالسلب، حيث أخفى نشاط النواب وعمل البرلمان، الذى أجد أنه يسير بخطى جيدة، ويضم نوابًا هواة، ونوابًا محترفين فى نفس الوقت، لذلك البرلمان الحالى يحتمل جميع التأويلات، لو شئت تقول إنه برلمان ناجح، أو غير ذلك.
■ وماذا عن حكومة المهندس شريف إسماعيل؟
- الحكومة الحالية، مغلوبة على أمرها وذلك بحكم تكوينها، حيث تضم وزراء تكنوقراط، تنتابهم حالة بطء فى التعامل مع الأزمات التى تضرب المجتمع المصرى، فى الوقت الذى استفحلت فيه تلك الأزمات، وأصبحت بحاجة إلى تدخل سريع، ولا تكتفى بتسيير حياة المصريين يومًا بيوم، علاوة على غياب التنسيق بين الوزارات المختلفة، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة فى العديد من الأزمات، وعدم وضوح للسياسات المتبعة، وغياب الشراكة مع الشعب، بحيث يكون هناك اطلاع دائم على أعمال الحكومة والأزمات التى تواجهها، وهناك حالة انفصال كبيرة مع الشعب، حيث نجد عددا كبيرا من الوزراء مجهولين بالنسبة لأفراد الشعب المصرى، والغريب أن عددًا من الوزراء لديهم حالة سعادة بجهل المواطن بهم، وهنا كان من الأفضل أن تكون الحكومة سياسية، حيث يمتلك الوزير السياسى القدرة على اتخاذ القرارات بشكل سريع، ويمتلك رؤية أكبر من الوزير التكنوقراطى، علاوة على الجرأة فى التعامل مع المواطنين والتلاحم مع طبقات الشعب المختلفة.
■ ماذا عن تقييمك لأداء الرئيس عبدالفتاح السيسي؟
- الأداء الشخصى للرئيس السيسى على درجة عالية من التميز، ولكن هنا يجب أن نذكر أن الدولة لن تقوم على شخص واحد، فى ظل مؤسسات لا تعمل بكفاءة، وأياديها مرتعشة فى اتخاذ القرارات، حيث تتعرض مصر حاليًا، لأزمة كبيرة فى جلب الاستثمارات الخارجية، علاوة على الروتين والبيروقراطية، الذى يشوب مؤسسات الدولة، وكذلك انتشار الإرهاب فى مساحات من سيناء وليس سيناء كلها، كما يصور الإعلام المحلى والدولى، ومن وجهة نظرى فإن تلك المعارك يخوضها الرئيس وحيدًا، دون مساندة من أجهزة ومؤسسات الدولة، سوى من الأجهزة الأمنية، مثل الجيش والمخابرات والداخلية، حيث يعمل هنا كـ«مايسترو» دون عازفين، أو على الأقل عازفين لا يمتلكون المهارة الكافية للعمل الجاد.
■ على ذكر الأجهزة الأمنية.. كيف ترى نغمة وجود صراع بين أجهزة الدولة؟
- وجود صراع بين الأجهزة أعتقد أنه وصف فى غير محله، ولكنه مجرد عدم تنسيق بين مؤسسات الدولة، وكذلك نفس أزمة الروتين التى تصيب مؤسسات الدولة، ولا يوجد هنا مبرر من الأساس للصراع بين مؤسسات الدولة.
■ كيف تقرأ الوضع الاقتصادى الحالى.. وماذا عن قرض صندوق النقد؟
- أزمة مصر الحالية هى النمط الاستهلاكى الذى يصيب أغلب طبقات الشعب المصرى، وهنا نجد على سبيل المثال ما حدث فى كوريا الجنوبية، حينما تم وقف الاستيراد للبضائع التى لها بديل وطنى، وعدم الاعتماد على المنتج المستورد، على شرط أن تلتزم القيادات أيضًا بذلك ليكونوا قدوة للمواطن، وبشكل شخصى اتخذت قرارًا بعدم شراء ملابس من الخارج، والاعتماد على المنتج الوطنى، والتبرع بالجزء المخصص لشراء الملابس المستوردة لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، حيث لا يجوز أن يشترى مواطن مصرى منتجًا بآلاف الدولارات، فى ظل أزمة دولارية كبيرة، وقرض البنك الدولى هنا يُعتبر الدواء المر، لخروج مصر من أزمتها الحالية، حيث يعالج الأزمة فى ميزان المدفوعات بين مصر والعالم الخارجى، وكذلك يمنح شهادة لمصر، تمكنها من استعماله مع المستوردين والمستثمرين تؤكد أن مصر تمر بأزمة مؤقتة، وتشجعهم على الاستثمار فى مصر.
■ هل حقق مشروع قناة السويس الجدوى الاقتصادية من إنشائه؟
- مشروع محور قناة السويس، تعرض لظلم شديد بسبب تدشينه فى ظل أزمة اقتصادية عالمية، أثرت بالسلب على التجارة العالمية، لكنه لن يفسد بمرور الوقت، ومن المنتظر أن يجلب المشروع عائدا ماديا كبيرا على مصر، فى بداية عام ٢٠١٨، مع تطور الوضع الاقتصادى وتحسن التجارة الخارجية، لا سيما أنه مشروع طويل الأمد لن يفسد أو ينتهى بمرور الوقت، بل على العكس سيزيد من فرص الاستثمار وينمى العائد الاقتصادى.
■ هل ترى أن هناك من يتعمد التشكيك فى الإنجازات؟
- بالتأكيد، هناك حرب نفسية، وتصدير حالة من الإحباط لدى الشعب المصرى، وتعتمد تلك الحرب على إصابة المصريين باليأس، والمتهم هنا قنوات جماعة الإخوان الإرهابية، مثل الجزيرة ومكملين، حيث تقود حربًا نفسية، وعملية تشكيك كبيرة ضد النظام والشعب المصرى، علاوة على من يدعون حمل لقب الثورجية، وهم ممن شاركوا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولم يحصلوا على شيء من الثورة، حيث لم يجدوا مكانًا تحت مظلة العمل العام فى مصر، وأخذوا الثورة مهنة، وليست وسيلة، وهم نفسهم من أضاعوا ثورة الخامس والعشرين من يناير بعد أن قاموا بها، حيث افتقدت الثورة للقيادة والكوادر والبرامج القادرة على تحقيق أهداف الثورة، وسبق أن تحدثت مع شباب الثورة فى ذلك، حيث إنهم حققوا الجزء الأصعب فى المعادلة، ألا وهو الحراك الثورى، وتحريك الناس ودفعهم للنزول إلى الشارع، بينما فشلوا فى تحقيق الجزء الأسهل من المعادلة، وهو اختيار من يقود تلك الثورة العظيمة.
■ كيف ترى مصير الديمقراطية فى مصر.. وهل الشعب مؤهل لها؟
- الأزمة هنا ليست فى الشعب المصرى، ولكن فى النخبة، حيث لو كانت النخبة هنا مؤهلة لتطبيق الديمقراطية، سيكون الشعب مؤهلًا لتطبيقها، وذلك بعيدًا عن المبادرات الوهمية التى تخرج من وقت لآخر، ومن وجهة نظرى أن مبادرات إصلاح مصر من خارج مصر، هى مبادرات محكوم عليها بالفشل، مثل مبادرة العالم المصرى عصام حجى، حيث دائمًا المبادرات التى تأتى من الخارج تشوبها الريبة ولا يثق فيها الشعب المصرى، ومن وجهة نظرى أنها لن يحالفها النجاح.
■ كيف تقرأ مستقبل تيار الإسلام السياسى فى مصر؟
- تيار الإسلام السياسى من الصعب القضاء عليه، وجماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال، تشبه السلالة، التى تتكاثر وتضم الأسرة جميعها، وهنا يجب تجفيف منابع الجماعة، بالقضاء على الفكر الجاذب للانضمام للجماعة، عن طريق الخطاب الدينى، والأزهر، حيث ما زالت جماعة الإخوان تمثل نسبة ليست بالقليلة من الشعب المصرى، وهنا يجب على المؤسسات الدينية قيادة دفة التغيير وتطهير الفكر المتطرف، أما ما يتردد عن نظرية المصالحة، فهذا أمر مرفوض تمامًا، وكلام لن يؤتى ثماره، لأنهم ما زالوا يمتلكون الفكر المتطرف، وجماعة غير وطنية.
■ دعنا ننتقل لملف السياسة الخارجية المصرية.. كيف ترى أزمة سد النهضة الإثيوبي؟
- لا شك أن أزمة سد النهضة حاليًا تفاقمت، وأصبحنا مُجبرين على التعامل مع آثار السد وليس مجرد بنائه، بعدما انتهت إثيوبيا من بنائه، وهنا أرى مصر من حقها اللجوء إلى منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والدفاع عن حق مصر فى مياه النيل، علاوة على الاحتكام لصوت العقل، بما يحفظ حق مصر، وهنا أيضًا لا أستبعد الحل العسكرى، رغم بُغضه، وعدم اعتباره فى مصلحة مصر أو إثيوبيا، بل والقارة الإفريقية ككل، على الرغم من تطور الجيش المصرى، والمؤسسة العسكرية، وقدرتها على ردع الجانب الإثيوبى، ولكن هنا أرى أن المفاوض المصرى سقط فى فخ إضاعة الوقت مع الجانب الإثيوبى، الذى استهلك الوقت لصالحه بشكل كبير.
■ ماذا عن الدورين السودانى والإسرائيلى فى الأزمة؟
- السودان تدخلت بما يحقق مصلحتها العامة، والاستفادة من الكهرباء الإثيوبية، وتعتمد على فكرة عدم معاداة إثيوبيا، بل استراتيجية مشاركة إثيوبيا فى المكسب كبديل عن مشاركة مصر فى الخسارة، كذلك إسرائيل، دورها ليس ببعيد، حيث تلعب دائمًا على وتر ضعف كل الدول العربية، على الرغم من توقيعها معاهدة سلام مع مصر، ولكنها تمارس دورها وتحركاتها فى المنطقة من أجل تحقيق مصالحها، وشاركت فى بناء سد النهضة، منذ أن كان مجرد فكرة فى عهد الرئيس الإثيوبى زيناوى.
■ على ذكر إسرائيل.. كيف ترى حديث البعض عن تعديل اتفاقية كامب ديفيد؟
- الحديث عن تعديل الاتفاقية أمر مرفوض تمامًا، وإن كان من الممكن تعديل الملاحق الأمنية الخاصة بالحدود الأمنية، لا سيما أن إسرائيل ترحب بذلك، لأنه يخدم الأمن المشترك للبلدين فى القضاء على الإرهاب والجماعات المتطرفة، كما أن الاتفاقية لم تحرم مصر من تنمية سيناء والاستثمار فيها، ولسنا بحاجة إلى إثارة أزمة لا طائل من ورائها.
■ هل نجح النظام الحالى فى تعظيم الدور المصرى فى إفريقيا؟
- بالفعل، النظام الحالى والدبلوماسية المصرية نجحا فى عودة السيطرة للجانب المصرى فى إفريقيا، بعد أن كان تقزم الدور المصرى فى أواخر عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وأصبح الرئيس السيسى يحظى بشعبية جيدة فى القارة الإفريقية، وهو ما حدث أيضًا بالنسبة للدور المصرى مع الدول العربية، حيث نجحت مصر فى مساعدة الدولة الليبية، ومساندة النظام الشرعى فى البلاد، وكذلك مساندة السعودية فى اليمن، وحماية اليمن من السقوط فى قبضة إيران، وتحولها لولاية شيعية، وكذلك نفس الأمر فى سوريا، وإن كان الوضع هناك أصعب كثيرًا بعد دخولها فى شبح الحرب الأهلية، التى قد تستمر طويلًا.
■ هل شهدت السياسة الخارجية السعودية تغييرًا بعد تولى الملك سلمان الحكم؟
- بالطبع، فإن تولى الملك سلمان مقاليد الحكم فى المملكة العربية السعودية جعلها أكثر مرونة، وتخلت عن حالة التحفظ الاستراتيجى، بعد أن طرق الإرهاب أبوابها، وأصبحت بحاجة إلى مواجهة شبح السيطرة الإيرانية الشيعية على المنطقة، وأطماع طهران فى الخليج العربى، لا سيما أن إيران تسعى إلى تدمير كل من لا يتوافق معها أيديولوجيا، من أجل السيطرة على المنطقة العربية، وتعتبر نفسها الأحق بقيادة الدول الإسلامية، وقيادة الدولة الشيعية الفارسية للعالم الإسلامى.
■ ثورات الربيع العربى نقمة أم نعمة على المنطقة؟
- لا يمكن القياس على جميع الدول العربية، على سبيل المثال، فى مصر وتونس كانت الثورتان نعمة وفى صالح الدولة والشعب، بينما فى سوريا أو ليبيا على سبيل المثال أصابت الثورتان هاتين الدولتين بخسائر كبيرة، وكانتا سببًا فى نشوب حرب أهلية فيهما، ما يجعلها نقمة كبيرة عليهما.
■ مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. كيف تقرأ المشهد الحالى وتأثيره على مصر والشرق الأوسط؟
- الدور الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط يختلف حسب الهدف والمصالح، فالأمريكان إما متآمرون، أو مثاليون، أو حمقى، والصراع الدائر هناك بين مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب، ومرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون، لا شك أنها ستؤثر بشكل كبير، والأقرب هنا فوز هيلارى كلينتون، وهو الأفضل لمنطقة الشرق الأوسط، لا سيما أن دونالد ترامب يميل إلى اليمين المتطرف، ومن شأنه أن يدخل الآلة العسكرية الحربية فى منطقة الشرق الأوسط، وزيادة التفتت فى المنطقة العربية، وسيمثل خطرًا كبيرًا عليها، وهنا حسنًا فعلت مصر بتوطيد العلاقات مع المعسكر الشرقى، سواء روسيا أو الصين، من أجل خلق حالة توزان سياسى واستراتيجى فى المنطقة، خاصة بعد أن سقطت الولايات المتحدة فى اختبار ثورة ٣٠ يونيو، ومساندتها لجماعة الإخوان، من أجل تطبيق استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هنا لا بد أن نؤكد أن لا أحد مضمون أو يحمل صك الولاء الدائم لمصر، حيث تختلف السياسة حسب مصلحة وأهداف تلك الدول الكبرى.
■ ماذا عن الانقلاب العسكرى الفاشل فى تركيا.. وموقف أردوغان من مصر؟
- الحركة العلمانية فى تركيا تبغض سيطرة نظام أردوغان على الحكم، وعلى الرغم من ذلك لم تقف تلك التيارات السياسية مع الانقلاب، ومن وجهة نظرى فإن غياب دور الأحزاب العلمانية، والتنسيق معها من قبل قيادات الانقلاب العسكرى كانا سببًا لوقوف تلك الأحزاب مع النظام التركى فى مواجهة الجيش التركى، لعدم فهمها ما يحدث، أما عن موقفها عن مصر فيشوبه حالة توتر وعدم فهم كبيرة، بعدما تعرضت لصدمة بسبب قوة الموقف المصرى، وصلابة الدولة المصرية، ولا تعرف الآن إلى أى جانب ستقف، خاصة بعد أن خسرت الشعب المصرى، وخلقت حالة من العداء الكبير بينها وبين طبقات الشعب المختلفة، نفس الأمر ينطبق على قطر التى تسعى للعب دور أكبر من حجمها، عن طريق تحويل أموالها إلى مكاسب أو مصالح سياسية، ومن وجهة نظرى فإنها أصغر من أن تغير أى شيء فى منطقة الشرق الأوسط ككل.