السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل تجاوز الرئيس الخطوط الحمراء؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن فى مقدور معظم من سبقوه فى حكم مصر الدخول إلى أعشاش الدبابير أو الاقتراب منها.. كان فيهم من يؤثر السلامة ليظل قابعا على الكرسى فى سلام، وفيهم من كان يستجيب لتخويف من حوله حتى لا يقترب من ملفات صعبة أدى طول التغافل عنها وإهمالها إلى تضخمها فصارت أحيانا ككرة الثلج يصعب الوقوف أمامها وصدها عن التدحرج السريع حتى لا تزداد ضخامة، وأحيان أخرى ككرة اللهب يصعب على أحد الاقتراب منها حتى لا تشتعل فيه النار فتحرقه وتحرق شعبيته المغيبة بالمسكنات!.
لم يقف الأمر عند هذا.. فهناك ملفات كانت وما زالت محظورا علينا التعامل معها بإرادة أمريكية وغربية من بقايا تراث الاستعمار والامبريالية العالمية فى إخضاع الشعوب لسيطرتها والسير فى أفلاكها.. وكان الهدف أن تظل مصر فى حاجة ماسة إلى الطعام، وتظل دولة مستوردة للقمح حتى صرنا الدولة رقم واحد فى استيراد هذه السلعة الإستراتيجية بعد أن كانت مصر سلة غذاء أوروبا.. فنظل فى حالة قلق وخوف من نفاد احتياطى القمح الاستراتيجى من مخازننا ويظل القرار السياسى لمصر رهنا بقرار اقتصادى لا نملكه.. ومن لا ينتج طعامه لا يملك قراره خالصا.
كان تسليح الجيش مقصورا على أنواع معينة من الأسلحة بتكنولوجيا متأخرة عن مثيلاتها مع جيوش أخرى فى المنطقة، وكان ذلك حكرا على أمريكا ومن تسمح لها من الدول الأخرى، وكان تنويع مصادر السلاح ملفا محظور التعامل معه بغير إذن حتى يكون قرار الحرب مرهونا بإرادة دولة أخرى.
كانت تنمية سيناء والاهتمام بها ملفا محظورا تداوله.. كان مسموحا فقط بالتصريحات وإصدار قرارات حبر على ورق، وبالشعارات الرنانة التى تنطلق مرة كل عام مع الاحتفال بعودتها إلى الوطن الأم، والحقيقة أنها لم تكن قد عادت منذ استردادها بحرب العبور واتفاقية السلام.. كان المقصود أن تظل هكذا أرضا تثير القلق والمخاوف من السطو عليها، وربما ادخارها كورقة ضمن أوراق حل القضية الفلسطينية فى إطار خطة تبادل الأراضى لحساب إسرائيل.
وكان ملف أكباد المصريين من المحظورات ليظل المرض اللعين يأكل الأكباد ويشيع الضعف وينشر الموت بين شباب ترعرعت أجسادهم وكبرت من طعام متسرطن بفعل مبيدات محظورة دوليا ليتم قتل قوة العمل الضاربة فى الوطن.
وكان ملف صناعة البتروكيماويات حكرا على أمريكا واليابان فى العالم كله، وانتقلت إلى بعض دول الخليج التى تمتلك أكبر احتياطى للبترول فى العالم رغما عن الغرب، ولأن هذه الصناعة من أهم الصناعات التى تدخل فى معظم المنتجات، لذلك كان ملفها محظورا علينا لنظل نستورد الأسمدة والمنتجات البترولية ونظل تحت رحمة دول المنشأ.
ملفات كثيرة كانت وما زالت تمثل خطوطا حمراء لمن يتولى قيادة مصر لتظل مصر عليلة وفى حالة احتياج دائمة، وحتى لا ننسى فقد فعلها الرئيس عبد الناصر وهو يخطط للتنمية فى الصناعة والزراعة فكان السد العالى، وكان رفض البنك الدولى تمويل بناء السد، فكان قرار التأميم، وكان العدوان الثلاثى على مصر ليكسر إرادة عبدالناصر والشعب المصرى.. مصر لا يجب أن تتناول مثل هذه الملفات المحظورة.. كان المطلوب هو عبدالناصر حيا أو ميتا لأنه تجاوز خطا أحمر.. مصر لا يجب أن تقوم وتنهض مهما كان الثمن!
السيسى أدخل يده فى عش الدبابير.. بل فى أعشاش الدبابير.. قرر أن يمسك بأوراق الملفات المحظورة وينفض الغبار عنها.. لم يعمل حسابا لشعبية تتراجع عنه كما كان يفعل البعض.. قرر أن يبنى بجد، والبناء يحتاج صلابة وقرارا وأمانة مسئولية وقلبا ميتا واستهداف مصلحة الوطن فقط.
ملف القمح والسعى للاقتراب من الاكتفاء الذاتى والبدء فى مشروع المليون ونصف فدان، والبداية زراعة القمح وحصاده ورسالة واضحة (أنا ما بخفش) ولابد من العمل على استقلال القرار الاقتصادى، وملف صناعة البتروكيماويات وكسر احتكار هذه التكنولوجيا ومصنع ايثدكو العملاق بالإسكندرية للقضاء على فساد استيراد المبيدات المسرطنة والأسمدة الفاسدة، والاكتفاء تدريجيا بمشتقات البترول وتوفير العملة الصعبة، وكسر جمود حالة تنويع السلاح فكانت صفقات السلاح المتطور من فرنسا وروسيا وألمانيا وأيطاليا.. القرار مصرى، وحماية حدودنا البرية والبحرية ومجالنا الجوى ومصالحنا الاقتصادية فيها.. قرار مصرى، وملف الطاقة النووية الذى تم تجميده عقودا طويلة صار واقعا الآن واقترب توقيع عقود إنشاء المفاعلات النووية.. قرار مصرى، واقتحام ملف أكباد المصريين وإرادة البدء بقوة فى علاجهم حتى اختفت قوائم الانتظار.. قرار مصرى، وتنمية سيناء وكسر عزلتها.. قرار مصرى. 
إذا كانت أمريكا والغرب وعملاء الداخل يرون هذه الملفات خطوطا حمراء تجاوزها الرئيس فأهلا به من تجاوز لحساب مصر، لذلك ليس مستغربا أن نرى هذه الحملة المسعورة لكسر إرادته وإرادة المصريين لدرجة التبجح بطلب منعه من الترشح لفترة رئاسية ثانية فى ٢٠١٨.. وهذا حديث آخر نقوله له وقته.. والله المستعان.