الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صدمة القاعدة الروسية في إيران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وفرت إيران على القاذفات الروسية مسافة طيران قدرها ألف كيلومتر تقريًبا، عندما منحت الروس أول قاعدة عسكرية فى تاريخ البلاد، لكن معناها السياسى فى تطور العلاقات بين البلدين أكبر وأهم، والذى يوصف بالحدث التاريخى.
وألف كيلومتر ليست بالمسافة الهائلة حتى تعزز القاعدة قدرات القوات الروسية وترفع فعاليتها، بخلاف الأمريكيين عندما يستخدمون قواعدهم فى قطر وتركيا لتنفيذ عملياتهم فى العراق وسوريا، حيث يقلصون المسافة بفارق هائل، نحو ستة آلاف كيلومتر. الدهشة والصدمة فى عواصم غربية وعربية، بعد إعلان الروس عن أول قاعدة عسكرية لهم على التراب الإيرانى، تعبران عن سوء التقدير لطبيعة العلاقة بين طهران وموسكو وعمقها ونياتها المستقبلية. لخمس سنوات والحكومة الأمريكية تقلل من خطورة التغلغل الإيرانى فى العراق وسوريا واليمن والبحرين، ولم تكترث أبدا بالتأييد الروسى المتزايد لطهران، والأسوأ من هذا كله أنها صدقت خرافة أن نظام آية الله فى طهران بدل جلده وصار مستعًدا للتحول إلى دولة مدنية مسالمة وصديقة للغرب، فوقعت معها اتفاقيات تخدم فى معظمها طهران، وتعزز تحالفها الاقتصادى والعسكرى مع الكرملين. هل يفترض أن نغضب لتأسيس أول قاعدة عسكرية روسية فى إيران؟ فى رأيى، لا ينفع الغضب، فالتعاون الروسى الإيرانى مرت عليه فترة طويلة، ونتيجته فى سوريا تشريد ١٢ مليون إنسان.. رقم مريع يعبر عن نفسه، وستعبر تداعياته بنفسها على أمن الشرق الأوسط وأوروبا والعالم، الحلف الإيرانى الروسى موجود منذ عقد ونصف العقد بشكل واضح، فى بناء المفاعلات النووية، والعقود العسكرية، والمقايضة التجارية فى فترة العقوبات الدولية على إيران. بناء قاعدة روسية فى إيران، وتحالف البلدين العسكرى فى الحروب يعيد المنطقة إلى زمن الحرب الباردة وتقسيماتها، ورغم ما ستعنيه من توسيع دائرة التوتر وزيادة العسكرة فى المنطقة فإنها قد تقنع الغرب بمراجعة حساباته حيال إيران وأزمات المنطقة، حذر عدد من السياسيين الأمريكيين من أن ثقة الإدارة فى نظام طهران ومنحه كل هذه التسهيلات ورفع القيود الاقتصادية كلها خطوات متعجلة مبنية على حسن نية فى غير محلها. كما نبه الخليجيون، وكذلك الإسرائيليون، الإدارة الأمريكية من الإفراط فى تصديق وعود القيادة فى طهران بالانفتاح ونهاية العقلية الثورية.
لم يتغير فى إيران شىء حقيقى حتى نعتقد تغيرا فى النيات والسياسة؛ المرشد الأعلى هو المرشد الأعلى، والقيادة السياسية العليا هى نفسها مع تبديل للوجوه، والقيادات العسكرية فى الجيش والحرس الثورى والباسيج هى نفسها، وخطب الجمعة التهديدية هى نفسها. الذى تغير أن إيران زادت من مغامراتها العسكرية فى الخارج، وإنفاقها على الحروب.
نقلاً عن «الشرق الأوسط»