الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ظهر الفساد في البر والبحر والأوبرا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دائمًا ما يرمز للعدالة ومؤسساتها بامرأة معصوبة العينين تحمل ميزانًا، للدلالة على أن العدالة عمياء لا تعرف غنيًا من فقير.. ولا تميز بين البشر.. ولكن هل العدالة الآن تعتمد علي يكون القضاء فقط معصوب العينين؟.. أم أننا نحتاج أن تكون السلطة الرابعة التى تتمثل فى الصحافة والإعلام معصوبة العينين أيضا؟!!.. وخاصة بعد توغل وتغول الإعلام وتحوله لأهم السلطات التى تراقب المسئولين وتكشف الفساد وتشكل سلطة فوق السلطة.. ولكن للأسف عدالتها عوراء.. تفضح من تريد وتغض الطرف عمن تريد.. وتقوم بالتركيز على بعض القضايا وتتجاهل قضايا أخرى بلا مبرر!!.. وقد ظهر ذلك جليا فى تناول الإعلام للقضايا التى تباحثها البرلمان.. فمثلا قدم النائب مجدى ملك طلب إحاطة لما سماه «فساد صوامع القمح».. فوجدنا القضية تتصدر جميع الصحف والبرامج.. فى نفس الوقت تقدم عشرون من نواب المجلس، على رأسهم النائب محمد فؤاد، بطلب للجنة الثقافة والإعلام والآثار لتشكيل لجنة تقصى حقائق بشأن صندوق تمويل نشاط ومشروعات دار الأوبرا.. بعد أن تبين أن الصندوق تتم إدارته بإجراءات تخالف لائحته، متجاهلين القرارات الوزارية اللازمة لاعتماد جهات الصرف، وما ترتب عن ذلك من صرف مبالغ تفوق (٢٠٠ مليون جنيه) خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة لعرض تقرير رقابى عن إجمالى إنفاق المكافآت والمزايا للأفراد من ميزانية الصندوق والتى بلغت أكثر من ١٨ مليون جنيه، بنسبة ٩١٪ من إجمالى الميزانية للعام المالى ٢٠١٤/٢٠١٥ فقط، وتوضح الملايين التى تم إنفاقها تحت بند نفقات خدمية متنوعة غير واضح ماهيتها!!.. ومصروفات جارية!!.. ومصروفات متنوعة!!.. وما يفوق الخمسة ملايين كنفقات خدمية لأفراد من خارج الأوبرا!!.. وقد ردت رئيسة الأوبرا بكلام إنشائى بأن «لديهم نحو ١٣ فرقة فنية، وعدد كبير من المشاركين فى العروض الفنية، تضم مجموعة كبيرة من الخبرة الأجنبية، وأن الأوبرا كثفت من أنشطتها، بشكل غير مقتصر على العاملين بها حتى تأخذ دورها الريادى».. دون أن تقدم ما يثبت أين ولمن ولماذا تم صرف هذه المبالغ الكبيرة؟ ولكن عادة يعتمد مسئولو الأوبرا على جهل الأغلبية بالمصطلحات التى تستخدم فى الفن والأنشطة الثقافية حتى تتوه الحقائق.. ومن ضمنها أن الأوبرا لديها مخصصات مالية من الدولة للإنفاق على الأنشطة والأجور؟!!.. ورغم أن القضية تتعلق بالمال العام فى أهم مؤسسة ثقافية وفنية فى المنطقة.. إلا أن الخبر نشر على استحياء فى بعض الصحف!!.. مع تجاهل تام من البرامج التى أوجعت رؤوسنا بدعوى محاربة الفساد!!.. رغم ما يتضمنه من أرقام صادمة ومخيفة خاصة لمن هم على قرب من الأوبرا ويعلمون حقيقة ما يتم صرفه على النشاط الثقافى والدور الريادى المتراجع!!.. والأجور المتدنية التى يتقاضاها الفنانون.. والتدهور الذى نال أغلب الفرق بسبب هروب الكثير من الكفاءات لغياب التقدير المادى والمعنوى!!.. فأين أنتم يا إعلاميينا ولماذا تنظرون بعين واحدة؟ وكيف سنصدقكم ونحن نرى تعمدكم تجاهل بعض الوقائع التى تخص مراكز القوى فى وزارة الثقافة؟!.. والمؤسف أن النائب محمد فؤاد الذى قرر دخول عش الدبابير بفتحه لهذا الملف لم يسلم من الأذى، بل وجدنا بعض الأقلام تهاجمه باعتباره عدوًا للثقافة حتى يتم كتم صوته ولا يتجرأ أحد بعده على فتح هذا الملف!!.. ولكن إذا كنتم يا من تناصرون الباطل تتحدثون عن جهل فكفوا أيديكم لأنكم تقتلون أجيالًا من الفنانين والمبدعين الذين يتم وأد مواهبهم يوميًا وأنتم تصفقون.. كفاكم قتلًا للأمل فيهم، وامنحوا فرصة لأنفسكم لتعلموا الحقائق وتشاهدوا كيف يعانى صفوة فنانى مصر من ضيق الحال وغياب الفرص فى ظل الملايين التى يتم صرفها فى أوجه لا يعلمها إلا الله وحده!!.. وقد لفت نظرى تعليق المؤرخ ماجد فرج على صفحته الشخصية على الفيسبوك.. لكونه أحد المتابعين للحركة الثقافية ومن رواد الأوبرا.. إلى جانب كونه والد المؤلف الموهوب محمد على الحاصل على عدة جوائز دولية فى مجال التأليف الموسيقى ويعمل كعازف فيولينة فى أوركسترا القاهرة السيمفونى، وبالتالى يعلم مواجع الأوبرا عن قرب.. وقد كتب بعنوان «النهيبة الكبرى فى دار الأوبرا المصرية» ما يلى: «فى الوقت الذى يتقاضى فيه الفنانون العازفون والمغنيون والراقصون (وبعضهم عالميون) ملاليم حقيرة بلا تأمين صحى ولا اجتماعى ولا معاشات ولا أى بدل سفر محترم.. ويعاملون معاملة العبيد من بكوات الإدارة وباشوات الأمن.. يتم صرف ١٨ مليون جنيه مكافآت لموظفى الأوبرا.. وذلك من صندوق تمويل نشاط ومشروعات الأوبرا.. وبلاها نشاط وبلاها مشروعات.. عدا ٢٠٠ مليون جنيه صرفت فى نفس الدار دون لائحة منظمة ولا يعرف أحد عنها شيئًا.. وبالمناسبة إيه أخبار بلاغى لك الموسم الماضى يا عم النمنم عن تذاكر طيران أوركسترا القاهرة السيمفونى لرحلة برلين اللى دفعوا فيها ١٢ ألف جنيه للنفر وأصل سعرها ٤ آلاف وشوية فكة؟!.. ده بعض الفساد اللى فى قلعة الفن الراقى فى مصر.. وزعلانين من فساد بتوع قمح التموين.. ظهر الفساد فى البر والبحر والأوبرا».. ونحيل هذا التعليق للوزير حلمى النمنم ونواب الشعب أيضا.. ونطالبهم بكشف أسماء الذين تقاضوا مكافآت الأوبرا.. وما حقيقة ما يشاع حول حصول بعض الصحفيين والإعلاميين على مكافآت شهرية؟!.. ورغم محاولات التعتيم الإعلامى إلا أننى أملك من التفاؤل والإيمان ما يجعلنى على يقين أن دوام الحال من المحال.. «فالحجر الداير لابد من لطه».