الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وكأن المشرحة ناقصة "حماس"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وكأن المشرحة ناقصة قتلى، حتى تدخل حماس على خط الاقتصاد الأسود فى مصر. 
كشف تقرير أمريكى صدر مؤخرًا ونشره موقع بوابة الصباح أول أغسطس الماضى، أن عبدالباسط حمزة ضابط جهاز الأمن السابق بحماس، يعتبر أحد أكبر القائمين بغسيل أموال الحركة، وذلك من خلال شركات ومؤسسات مالية تتستر خلفها حماس لتمويل أنشطتها، وهى توفر غطاء لتنقلات الكوادر القيادية لحماس، ومنهم شخص يدعى ماهر جواد يونس صلاح المعروف باسم «أبوعارف» والمقيم فى السعودية، وأحد أخطر كبار المسئولين الماليين فى حماس، والذى تم انتخابه خلال الفترة الماضية لمنصب ممثل قيادة الخارج فى الحركة.
ماهر صلاح أبوعارف والذى يتنقل فى عدة دول من أجل الاتجار بأموال الحركة، يشاركه عبدالباسط حمزة، ويساعده فى نقل أموال الإخوان، والذى اتضح أنه ظهر سابقًا فى أحداث مصرية تخص قضية منظورة أمام القضاء المصرى فى مارس ٢٠١١ أى بعد انتفاضة ٢٥ يناير، عندما حقق النائب العام المصرى حينها المستشار عبدالمجيد محمود، فى فساد منح منجم (دونقاش) للذهب التابع لشركة «ماتز هولدنج يونايتد» التى يساهم فيها ضابط الأمن السابق ورجل الأعمال السودانى عبدالباسط حمزة مع آخرين سورى يدعى هانى الشامى، وآخر إسرائيلى يدعى جاكوب ليفن، وتلقى النائب العام تقريرين رقابيين من الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية، حول عمليات بيع مناجم الذهب المصرية لشركات أجنبية تستخرج الذهب وتبيعه فى الخارج دون مراقبة أو محاسبة من أحد.
ملياردير حماس «أبوعارف» دخل فى العديد من المشاركات المالية مع قادة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، ويعتبر حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى هو أكثر قيادات الجماعة عملًا مع حماس وقيادتها فى العديد من المشاريع والشركات، مثل شركة الفريدة للملابس الجاهزة، وتبلغ نسبة مشاركة حركة حماس فيها ٤٠ فى المائة، ومالك للتجارة والملابس الجاهزة، وتبلغ مساهمة حماس بها ٢٥ فى المائة، ومحلات سرار للبدل الجاهزة، وتبلغ نسبة حماس بها ٤٠ فى المائة، والأنوار للتجارة، وتبلغ نسبة مشاركة الحركة فيها ٥٥ فى المائة، والشهاب للسيارات، وتبلغ نسبة مساهمة حماس ٢٠ فى المائة، ومناحل عبدالجواد، وتبلغ نسبة مشاركة حماس ٧٠ فى المائة، وهابيتات للمراتب، وتبلغ نسبة مشاركة الحركة ٣٠ فى المائة، وذلك حسبما كشفت صحيفة «المواطن» الجزائرية.
أما عن تفاصيل الإمبراطورية المالية لحماس فى مصر، فهناك شراكة بين خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة والمحبوس حاليًا والحركة - وفقًا للصحيفة - يملكون شركة فيرجينيا للسياحة بنسبة ٥٠ فى المائة، وسيوة للاستصلاح الزراعى بنسبة ١٥ فى المائة، وأجليكا للسياحة بنسبة ٣٠ فى المائة، وشركة رامز وشركائه للإنشاءات بنحو ٢٥ فى المائة، والشركة المصرية للخدمات التعليمية وتساهم حماس بـ٢٠ فى المائة منها، وشركة أسماء وادى النيل، وتساهم حماس بنسبة ٤٠ فى المائة فيها.
وتاريخ الاقتصاد الأسود طويل كما تؤكد دراسة الدكتور عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، حيث عرفت مصر الاقتصاد السرى منذ عقود عديدة، وخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية خلال السنوات من ١٩٣٩ ـ ١٩٤٥ وعرفت السوق السوداء لأول مرة فى السلع التموينية والغذائية والمواد الهندسية وخلافه، ومن هنا جاء تشكيل وزارة التموين عام ١٩٤٢ فى وزارة النحاس باشا خلال الفترة من ١٩٤٢-١٩٤٤ وكان وزير التموين فى تلك الوزارة هو مكرم باشا عبيد قبل أن يستقيل من الوفد فى نهاية عام ١٩٤٢، وتمت تسمية المستغلين فى ذلك الوقت بأغنياء الحرب، لأنهم كانوا يستغلون حاجة الناس وقت الأزمات خاصة أوقات الحروب ومع تطور الحياة العامة والحياة الاقتصادية خلال الخمسة عقود الماضية من القرن الماضى إلى ما نحن فيه من أنماط الآن. بدت ظاهرة مؤرقة للمجتمع أبرزها الباعة الجائلون فى الشوارع الرئيسية بالمحافظات الكبرى والسلع المنتشرة حاليًا من مصانع بئر السلم، والتى تقلد السلع بصورة رديئة، مما يؤثر على اسم المنتج الأصلى والأخطار التى تلحق بالمواطنين وأبرز هذه السلع هى الأدوات الكهربائية.
ويشير عبدالمنعم إلى أن حجم الاقتصاد السرى فى مصر يتجاوز ١.٢ تريليون جنيه. وهو ما يقترب من حجم الاقتصاد الرسمى للدولة.
بينما يذكر معهد الحرية والديمقراطية فى تقرير نشرته جريدة الوفد العام قبل الماضى، أنه قام بدراسة حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر، وشملت الدراسة تقدير قيمة كل المشروعات والممتلكات غير المسجلة، وبلغ حجمها ٤٠٠ مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن هذا الرقم أكثر من القيمة السوقية للشركات المسجلة فى البورصة المصرية بـ٣٠ مرة، بالإضافة إلى أن الاقتصاد غير الرسمى فى مصر أكبر مستخدم للعمالة، فبينما يوظف القطاع الخاص القانونى ٦.٨ مليون شخص، والقطاع العام يوظف ٥.٩ مليون، يوظف القطاع غير الرسمى ٩.٦ مليون، وبالنسبة للعقارات كان ٩٢٪ من المصريين يحتفظون بممتلكاتهم دون سند ملكية قانوني.
وتتكون الثروات الناتجة عن أنشطة الاقتصاد السرى تحديدًا من أعمال أموال الباعة الجائلين، أموال تجارة السوق السوداء خاصة فى العملة، والاتجار فى المواد التموينية المدعمة، والرشوة وأموال السلاح، أموال المخدرات، أموال الدعارة، أموال الاتجار فى الأطفال، أموال الاتجار فى الأعضاء البشرية، أموال القمار، أموال القرصنة على أموال البنوك، أموال استغلال نفوذ المسئولين، أموال التهرب الضريبى والجمركى ولا يدخل ضمنها عمليات غسيل الأموال فهذه قصة أخرى.
ففى دراسة مهمة نشرتها جريدة روز اليوسف فى أعقاب انتفاضة ٢٠١١ عن ٣٠٠ طريقة لغسيل الأموال فى مصر قالت إن غسيل الأموال المقصود به إخفاء مصدر أموال غير شرعى، وتحويله إلى مصدر شرعى يبيح لك استخدامه والتمتع به، ومثال على ذلك إذا كنت مسئولًا كبيرًا، وتقاضيت رشوة وتريد أن تستفيد من هذه الرشوة، وإظهارها فى تقارير الذمة المالية الخاصة بك دون أن تخشى أحدًا أو إذا كنت تاجر مخدرات، وتريد إخفاء الثراء الناتج عن ذلك فى شكل تجارة مثلا، وأيضا إذا كنت طبيبًا تتاجر فى الأعضاء البشرية، وتريد أن تخفى تربحك من هذه التجارة غير المشروعة، فيمكنك استخدام أكثر من ٣٠٠ طريقة معروفة لإخفاء أموالك، ولا تقلق لأن مصر كلها لا توجد بها بنوك تطبق آليات الكشف عن غسيل الأموال!
ولتقريب الفكرة هناك مثالان من الثلاثمائة التى يتم استخدامها. لنفرض أننى مسئول فاسد، وتقاضيت رشوة مثلًا ٣ ملايين جنيه كيف يمكننى أن أضعها فى البنك بدون أن يراجع البنك حسابى، ويقر أن هناك تحويلا غير شرعى لا تبرره مصادر دخلى كما حدث مع العادلي؟ الحل بسيط هو إذا كنت مثلا سأتقاضى الرشوة من أحد المصانع، فسأطلب منهم تعيينى مستشارا لهم فى التسويق، ويتم عمل عمليات بيع وهمية للمصنع بمبلغ مثلا ٥ ملايين جنيه، كنتيجة مباشرة لبراعتى فى تقديم استشاراتى فى هذا المصنع، وبالتالى سأستحق عمولة كبيرة من هذا المصنع، والتى مثلا ستكون ٢.١ مليون جنيه «باقى الثلاثة ملايين هو ما تم دفعه من ضرائب وعمولات غسيل المبلغ لأصحاب المصنع»، ويمكننى فى هذه الحالة أن أضع المبلغ المتبقى من الرشوة فى حسابى فى البنك بصورة قانونية تمامًا، ويصعب على أى بنك أن يكتشف بصورة يدوية أن كل عمليات البيع التى تمت كانت وهمية أو كان هدفها الأساسى هو الرشوة، وهكذا لن يستطيع أحد محاسبتى تمامًا مثلما يحدث الآن مع معظم الوزراء والمسئولين السابقين.
المثال الثانى وهو شائع جدا بين الأطباء الذين يعملون فى تجارة الأعضاء البشرية فى مصر، وهو ببساطة يفتتح متجرًا لبيع الأنتيكات والتحف فى إحدى المناطق الراقية، ويشترى بعض التحف والأنتيكات من الأفراد «طبعا بدون فواتير» ويتم تسجيلها بمبلغ أقل من قيمتها ثم بعد ذلك يتم بيعها «غالبا بيع وهمى أيضا»، بمبلغ أكبر بكثير جدا من قيمة الشراء، ويدفع عنه الضرائب القانونية ليكمل الصورة الشكلية، ويسجل فرق السعر بالملايين التى هى أساسًا نتيجة عملية لزراعة أعضاء بشرية.