الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بل تشكيك متعمد وليس تنويرًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أدرى كيف طاوعه قلمه وهو يكتب «تنويرا وليس تشكيكا»، وكيف وافقه ضميره أن يكيل بمكيالين هكذا بكل جرأة ويكتب مغالطات فجة لا تنطلى على العامة من الناس فما بالنا بمن يقرأون الصحف ويتابعون مقالات الكتاب!
الكاتب فهمى هويدى نشر مقالا بعنوان «تنويرا وليس تشكيكا» يرد فيه على الرئيس عندما قال عبارة الإنجاز والتشكيك، وهويدى يعلم جيدا ما قصده الرئيس من كلمة التشكيك، ولأن هويدى يجيد لعبة التشكيك فقد قلب الحقائق واعتبر كلام المشككين تنويرا ونقدا بناء!
ويبدو أن البعض ينسى ما قاله أو يتناسى اعتمادا على ضعف ذاكرة القراء أو عدم رغبتهم فى البحث ومتابعة ما يقال كما نسى هويدى كلامه عن أحداث تركيا الأخيرة، حيث اعتبر الإجراءات التى قام بها أردوغان من إعلان حالة الطوارئ والاعتقالات العشوائية على خلفية الاشتباه فى علاقة المعتقلين بالانقلاب وإغلاق ٤٥ صحيفة من ١٨٦٠ صحيفة أمرا طبيعيا ولا داعى من الانزعاج بسببه لأنها صحف إقليمية غير واسعة الانتشار، وأن هناك ٧ صحف كبيرة تم تعطيلها فقط، وأنها لم تغلق لأنها صحف معارضة ولكن لعلاقتها بجماعة فتح الله جولن وأنها كانت وراء التسريبات التى حدثت بشأن محاولة الانقلاب.. هويدى يعتبر كل ذلك مقبولا ومفهوما ومبررا، فى حين يرى مجرد توقيف صحفى فى مصر تجاوز حدود عمله وخالف القانون أو القبض على مطلوبين للنيابة العامة من مبنى نقابة الصحفيين جرائم لا تغتفر وانتهاكا صارخا للحرية والقانون والدستور، ويرى ما هو أقل من ذلك قمعا واستبدادا!! ما يفعله أردوغان حق ومقبول لأنه يحافظ على الديمقراطية فى تركيا.. هكذا يرى هويدى الصورة! لذلك ليس مستغربا أن يرى التشكيك فى كل إنجازات الوطن تنويرا للقيادة السياسية، ويرى أسئلة مثل لماذا يتم تسليح الجيش المصرى، وهل مواجهة الإرهاب تحتاج كل هذه الأسلحة؟ ولماذا أنجزنا قناة السويس فى عام وصرفنا عليها الكثير وكان يمكن أن نأكل بالمليارات التى صرفناها الكافيار والسيمون فيميه، ولماذا كل الطرق الجديدة التى لن تقدم الطعام والشراب للناس، ولماذا ما ينفق على البنية الأساسية لمحور قناة السويس؟! هى أسئلة من قبيل النقد المباح لا يجب أن يضيق صدر القيادة بها.. وهو «هويدى» يعلم علم اليقين أنها ليست أسئلة تحتاج إجابات لكنها أفخاخ ينصبونها ليسقط فيها بعض ضعاف النفوس من الناس الذين يهتمون بالمأكل والمشرب والمسكن فقط! أما المغالطات التى يسوقها فى مقاله مردود عليها منه شخصيا إذ كيف يقول: «حين يوصف النقد بأنه تشكيك فإن ذلك يعنى أربعة أمور على الأقل، من ناحية فإنه يعطل آلية التصويب ويلغى فكرة الرأى الآخر، من ناحية ثانية فإنه يعد من قبيل التفتيش فى النوايا الأمر المذموم دينا ودنيا، من ناحية ثالثة فإن ذلك يعد نوعا من التخويف والإرهاب الفكرى يدعو كل صاحب رأى آخر إلى كتمان وجهة نظره تجنبا لمظنة الاتهام، الأمر الرابع أن إطلاق ذلك الحكم يوجه رسالة خلاصتها أن التصفيق وحده الموقف المقبول».. هل يدلنا الكاتب أين تعطلت آلية التصويب وإلغاء فكرة الرأى الآخر، وهو يكتب ويصوب كما يزعم ونقرأ كلامه، ثم من قال إن النقد البناء يحتاج تفتيشا فى النوايا وهو يفصح عن نفسه، ولماذا وافق الكاتب أردوغان فى أن يفتش فى نوايا الذين اعتقلهم أنهم على علاقة بالانقلاب قبل أى تحقيقات ولماذا لم يوجه الاتهام لأردوغان بأن ما فعله مذموما دينا ودنيا، ثم أيضا كيف كتب هويدى رأيه الواضح دون أن يتعرض للتخويف والإرهاب الفكرى ولم يكتم وجهة نظره مظنة الاتهام كما يزعم! ثم ماذا يقول فى دعوة الرئيس الجميع للمشاركة فى صنع مستقبل مصر، وماذا يقول فى كلام الرئيس الذى يشجع الرأى الآخر ولو كان مختلفا مع السلطة؟ المشكلة فى هويدى ومن يلف لفه أنهم يخرجون الكلام عن سياقه ويركزون على ما يثير الريبة والتشكيك، وإذا كانوا لا يرون الإنجازات فتلك مصيبة، وإذا كانوا يرونها وتلك هى الحقيقة فالمصيبة أعظم!
هويدى يختتم مقاله قائلا: «ومن نكد الزمان أن نضطر إلى استدعاء الحجج، للدفاع عن أهمية الرأى الآخر الذى يصوب ويبنى للمستقبل، باعتبار أن ذلك أمر بديهى صار مسلما به، خصوصا أن اختلاف الناس فى الرأى سنة إلهية.. الأمر الذى يسوغ لى أن أقول إنه ما أفلح قوم صودر الرأى وضاع الحق بينهم»، وأنا أقول ردا على ذلك «ومن نكد الزمان أن نضطر إلى اعتبار التشكيك نقدا إيجابيا ورأيا يصوب ويبنى للمستقبل.. الأمر الذى يسوغ لى أن أقول إنه ما أفلح قوم اعتمدوا التشكيك منهجا وحقا».