السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

التاريخ المظلم لـ"الشعلة الأوليمبية"

بعد إنهاء مهمتها فى «ريو» تنطلق إلى «طوكيو»

الشعلة الأوليمبية
الشعلة الأوليمبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد انتهاء مهمتها في ريو تنقل الشعلة الأوليمبية إلى طوكيو التي تم اختيارها لتنظيم دورة الألعاب الأوليمبية في 2020، للمرة الثانية بعد استضافة العاصمة اليابانية للأوليمبياد للمرة الأولى عام 1964.
وتبلغ تكلفة استضافة الأوليمبياد نحو 2 مليار دولار أمريكى، بحسب تصريحات رئيس اللجنة الأوليمبية اليابانية، مشيرا إلى أن تقليد انتقال الشعلة من دولة إلى أخرى صار أمرا معروفا.
ولكن التاريخ السرى لشعلة النار «مظلم» ومثير للقلق وهو ما وجهت النظر إليه مجلة «نيوزويك» الأمريكية في تقرير يحمل عنوان «كيف اخترع هتلر فكرة الشعلة الأوليمبية» حيث قالت إنها كانت إحدى طرق الدعاية للنازى رغم أن العالم الآن ينظر للشعلة على أنها رمز للديمقراطية التي تسافر عبر دول العالم في كل دورة معلنة حالة رائعة من التنافس الشريف والروح الرياضية بينها في زمن يعج بالكراهية، حيث إن الشعلة الأوليمبية، إلى جانب الحلقات الخمس هما الرمزان الأكثر تميزا حيث يمثلان القيم الإيجابية بعلاقة الإنسان مع النار وذلك وفقا للأسطورة القديمة عن بروميثيوس الذي سرق السلطة لإطلاق النار من زيوس، فالنار هي رمز للحياة والعقلانية والحرية وكذلك الابتكار.
ووفقا لتقرير المجلة الذي نشر على موقعها الإلكترونى «الديلى بيست» للكاتبة سوزان بتشراش المؤرخة ومؤلفة كتاب «أوليمبياد النازي: برلين ١٩٣٦»، فإنه لم يكن لدورة الألعاب الأوليمبية الحديثة دائما شعلة، فالشعلة الأوليمبية لم تكن موجودة أثناء أول ألعاب أوليمبية حديثة في ١٨٩٦ في أثينا، ولم يتم إدخال فكرة الشعلة الأوليمبية لأول مرة إلا في ألعاب أمستردام في ١٩٢٨، ولم يتم إشعالها بل قاموا بإشعالها فقط في أمستردام، ولكن الفكرة الرئيسية، أن الشعلة الأوليمبية أحد أهم وأبرز مراسم الدورات الأوليمبية كانت فكرة الزعيم النازى أدولف هتلر والتي تبناها لأول مرة في ١٩٣٦ في دورة الألعاب التي استضافتها برلين.
وبحس ديفيد واليتشينسكى رئيس الجمعية الدولية لمؤرخى الأوليمبياد والذي كتب كثيرا عن المباريات لعدة عقود أكد أن هتلر أرسى فكرة الشعلة الأوليمبية لعدة أسباب وقتها كان يخطط هتلر لفكرة الهولوكوست أو المحرقة والتي كانت تعتمد على إبادة اليهود بحرقهم بالنار وهو ما كان يفكر فيه عندما أشعل الشعل الأوليمبية لأول مرة في دورة برلين ١٩٣٦ خاصة بعد استكمال خطته الشاملة لإبادة اليهود والمعروفة بالحل النهائى أو حل أخير، والتي كانت بدايتها في إبريل ١٩٣٣ أي بعد فترة قصيرة من صعود النازيين للحكم في ألمانيا، حيث تبنى هتلر معتقدات الطبيب الألمانى ألفريد بلويتز عندما نشرها في ١٩٠٧ حول تحسين النسل البشرى عن طريق تغييرات اجتماعية بهدف خلق مجتمع أكثر ذكاء وإنتاجية لأجل الحد من المعاناة الإنسانية، وكتابه الذي كان تحت عنوان «الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة»، وبالتالى فقد كان هتلر يضع الشعلة كرمز لما سوف يقوم به لاحقا في اليهود. 
وأضاف واليتشينسكى أيضا أنه من أهم أسباب اعتماد هتلر فكرة الشعلة الأوليمبية هي رمز لأبهة الآريين وأنهم الورثة المباشرون والحقيقيون للحضارة اليونانية القديمة، مشيرا إلى أن فكرة التتابع نفسها أي أن تتنقل الشعلة من دولة إلى أخرى أثناء استضافتها لدورة الألعاب الأوليمبية كانت فكرة هتلر، خاصة أن فكرة التتابع لم تحدث في أثينا ولا في غيرها من المدن اليونانية القديمة، أيضا كان هتلر يريد من الشعلة عملية الترويج للنازيين ولقوتهم الخارقة رغم أن الدورة الأوليمبية في أغسطس ١٩٣٦ والتي افتتحها هتلر كانت مخيبة لآماله العريضة في استعراض قوة ومهارة الألمان والتي اجتمع فيها ٣٩٦٣ لاعبا ولاعبة من ٤٩ دولة، تنافسوا على ميداليات ١٢٩ مسابقة في ١٩ لعبة، إلا أن ألمانيا لم تكن نجمة الدورة وهو ما أغضب هتلر كثيرا ولم يحقق ما كان يرغب فيه من إبراز قدرة الآريين وأنهم متفوقون على أجناس البشر المختلفة.
وبحسب التقرير فإن العقل المدبر لفكرة التتابع للشعلة الأوليمبية والتي زرعها في عقل هتلر هو كارل ديم مسئول الرياضة الألمانية ومؤسس الجامعة الألمانية الرياضية كولونيا، التي تأسست في برلين في عام ١٩٢٠ باسم كلية التربية الرياضية الألمانية، وكان المنظم الرئيسى لدورة الألعاب الأوليمبية في برلين عام ١٩٣٦، والتي أصبحت تعرف على نطاق واسع بدورة ألعاب النازية، الذي تولى هذه الفرصة ليوحى بالتقليد العريق لتتابع الشعلة ومراسم الشعلة في نفس هتلر.
وابتكر كارل ديم فكرة تتابع الشعلة لدورة الألعاب الأوليمبية أيضا بتوجيه من جوزيف جوبلز وهو وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وأحد أبرز أفراد حكومته وكان ذا قدرات هائلة في عمل «غسيل المخ» وكان معروفا بذلك وصنع إعلاما بشكل ماهر جدا وكان له دور كبير في ترويج الفكر النازى لدى الشعب الألمانى بطريقة ذكية، وهو يعد بحق مهندس الدعاية النازية والذي صور هتلر للشعب الألمانى والعالم على أنه المنقذ والبطل، وكان من ضمن فنون الدعاية السياسية هي بث الفكرة في عقل كارل ديم مسئول الرياضة الألمانية آنذاك لتتابع الشعلة، فجوبلز يعد بحق مؤسس مدرسة إعلامية مستقلة بذاتها، ربما تبعها الكثير من رواد الدعاية من بعده في العالم أجمع.
اللافت أنه كان هناك العديد من الاحتجاجات ضد فكرة تتابع الشعلة الأوليمبية ففى ملبورن عام ١٩٥٦ في أستراليا، احتج طلاب الطب في الجامعات الأسترالية على التتابع أثناء استضافة مدينة ملبورن الدورة في ذلك العام، وفى عام ٢٠٠٨ كانت هناك محاولات عديدة لوقف الشعلة الأوليمبية احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان في الصين أثناء الدورة الأوليمبية التي أقيمت في بكين في ذلك العام، وفى لندن عام ٢٠١٢ كان هناك العديد من المظاهرات المحلية أثناء استضافة إنجلترا الدورة الأوليمبية وقد تمكن بالفعل أحد المتظاهرين من الوصول للشعلة ولكن تم احتجازه، حتى قبيل عشرة أيام من بداية دورة الألعاب ريو في البرازيل، تمكن المواطنون من مدينة أنجرا دوس ريس، وهى مدينة صغيرة بالقرب من ريو دى جانيرو، بإخماد الشعلة الأوليمبية أثناء الاحتجاجات حول استضافة بلادهم للدورة وخاصة في ظل الوضع السيئ الذي كانت تعيشه البلاد في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والأمنية والصحية، واحتجاجا على إنفاق المال في المدينة على استضافة الأوليمبياد، على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي سيطرت على البرازيل.