الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

خطباء تحت الفقر.. 62 جنيها لا تكفي للملح والخل.. وخبراء: "الخطيب" قبل الخطاب.. وعلم النفس يفض الاشتباك

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خطبة وخطيب وامام مسجد بزيه القديم المتعارف عليه يرتقي سلالم المنبر ثم يسمي الله ويصلي على رسله وانبيائه فيشرع في تسميع ما حفظة عن ظهر قلب من كتب الأولىن ملوحا بيديه التي خرجت من عباءته الوحيدة التي لا يملك سواها،معتمدا على حنجرته القوية وصوته الجهور، وصلة تمتد لقرابة نصف الساعة يتحدث فيها الخطيب عن اشياء لا تمت للواقع ومشكلاته بصلة،فينام الجلوس وتغطبق الاجفان فيضطر أن يصلي ويسلم ويقيم الصلاة ليعود كل إلى حيث كان، وكأن شيئا لم يحدث، لم يتعظ احدهم بموقف ولم تحفزه نصيحة الشيخ ولم يعتبر بموقف، كما أن قلب الجميع لازال صلدا لم يتحرك له ساكنا بندم أو تضرع لله،بسبب رتابة الخطاب وعلي الجانب الآخر ينصرف الامام بهمومه ومشكلاته بعد أن سمع ما حفظه، وقد شق رأسه الصغير الذي حاصرته العمامة الكبيرة، ا ومطب الراتب المهين والعمل الإضافي البديل الذي استعان به لتحسين دخله منهمكا في التفكير في الدين ومصروف البيت وتحسين الأوضاع من أجل تلبية صغاره في ظل المتاح من الجنيهات التي تصرفها له وزارة الأوقاف على حسب وضعه أن كان اماما وخطيب بنظام المكافأة ام التعيين.
ولأن خطيب الجمعة هو ذلك الشخص الذي ترافقه اصابع الاتهام اينما حل وحيثما قال، وهو نفسه الجاني المجني عليه بأمرالواقع الذي لا يعرف عنه الكثيرون الا القليل، فهو صاحب الرسالة بالأمس الذي تحول لموظف اليوم رغم أنه وكل من على شاكلته الشريحة الأهم والأكثر تأثيرا في المجتمع لما لهم من دور بالغ في توجيه المسلمين من خلال الاستماع إلى خطب الجمعة والاستفادة بما جاء فيها من دروس مستفادة.
اما عن خطبة الجمعة فهي تعد المحطة الأخيرة لنهاية أسبوع حافل بالذنوب والمعاصي حيث يتوب فيها الله على عباده كما انها تعد لكثير من الشرائح المجتمعية هي الوجبة العقلية والروحية الأساسية والمصدر الأصيل للتكوين العقلي والنفسي السليم أن ضبطت بمصطلحات ومفاهيم الخطيب الوسطي اللين الهين في خطبته ومفرداته،ولكن ما يقوله الواقع وما أكدته معظم الاقلام والأراء وما كثر حوله الحديث هو تراجع الخطبة والخطابة وعزوف المصلين بشكل كبير عن المساجد والاستماع لخطب باتت مكررة وجمل مل المسلمون سماعها منذ سنوات عديدة ولم يطرأ عليها أي جديد، ومن هنا تشكلت الفجوة بين ما يطلبه المستمعون وما يفرض على الاذان ومنصوص عليه وفق خطبة مكتوبة ملزمة من وزارة الأوقاف، ليبقي السؤال هل بداية الإصلاح تبدأ بتغيير الخطاب الديني ام بالارتقاء وتوفيق وضع الأئمة ممن يعيشون على بضع جنيهات لا تكفيهم الخل والملح اقتضاءا بالرسول.
"تغير الخطاب الدينى مهمه ليست يسيرة لأن صياغة المفاهيم والمصطلحات بالخطاب الديني ومعرفة آثارها أمر لم يتطرق اليه الدعاة خلال مناهج التعليم التي تلقوها في معاهدهم الأزهرية أو اعداد الدعاة ولذلك فإن الحاجة ماسة إلى أن يتلقى الخطباء بعض التوجيهات المتعلقة بهذا الشأن وفق محاضرات أو دوات تدريبية تتم على يد علماء على علم بالواقع وما يحدث من تغيرات" حسب ما قاله الشيخ أحمد الترك.
وشهد شاهد من أهلها
يتقاضي الامام أوالخطيب بنظام المكافأة 62جنيه فقط لا غير كراتب شهري، فهل يكفي هذا الاجر رجل دين ويعينه على التفرغ والتركيز لتجديد خطابه أو التحسين من وضعه العلمي، اليس للداعية بيت واسرة وأطفال والتزامات، أولسنا بشر ام اننا ملائكة من نور لا نأكل ولا نشرب، لذا نطالب بالنظر في أمر ائمة ودعاة المكافأة،ومساواتهم بأئمة الأزهر الذين يتقاضوا عن الخطبة الواحدة 40 جنيه، نكرر الامام ليس ملاكا لذا يجب توفيق أوضاع الأئمة وان تكفيهم الأوقاف أرزاق اسرهم واللجوء لوظائف أخرى تدر دخلا إضافيا، معظم الأئمة يعملوا بأكثر من مهنة ممكن تلاقيه الصبح نقاش ولا محفظ ولا ويوم الجمعه يلبس العمة والجلباب ويروح "يرجع" الكلمتين اللي حافظم على الناس ويمشي لحال سبيله-حسب ما قاله الشيخ فرحات،امام بالمكافأة.
في نفس السياق تحدث الداعية جمال سليمان وهو أيضا امام بالمكافأة في احدي قرى القليوبية،وقال: وزارة الأوقاف تخرج 150 جنيه شهريا لكل ارملة أو فقير أو محتاج من خلال إدارة البر والخيرات التابعة لها، فلماذا لا تعتبرنا ضمن الفقراء والمساكين وترفع قيمة المكافأة قبل الحديث عن التجديد وإلقاء اللوم على الخطباء، الامم واجهة يجب أن يظهر بشكل مشرف حتى لا يقع في الفتن ولا يستغل علمه، يجب أن يكون عقله حاضر خال الذهن، مش يبقي بيخطب وشايل هم هيستلف من مين لأول الشهر ولا هيجيب حق الدبلتين منين.
الدورات التدريبية
الدورات التدريبية التي تعلن عنها المراكز التابعة للأوقاف كثيرة ولا تتوقف ولكن الناتج النهائي والمحصلة لازالت صفر وهو ما أكد عليه المواطن محمد سليمان الذي علق متسائلا: تفتكري مين بيدرب الدعاة الجدد والخطباء، اليسوا نفس الاشخاص الذين تلقوا علومهم بشكل متشدد ويتحدثون الفصحي الصارخة والجمل التي لا نفهما، يا استاذه المدرب نفسه وكبار العلمان نفسهم محتاجين تدريب،بس للأسف نحن بلد الأزهر منبع العلوم الشرعية فكيف واين نوفدهم لبعثات، المر مخزي في الحقيقة والخطبة بقت أصعب من درس الفيزيا واللوغاريتمات، الامام في وادي والجلوس في وادي يتضرعون إلى الله بأن يمر الوقت وتنتهي الخطبة من مللها وسطحية ما يقال فيها.
اعترافات مسجل تائب
عيد محمد الشهير بـ"فرخة" من سكان أحد الأماكن الشعبية،ثلاثيني مسجل خطر،ولكنه تاب إلى الله بعد أن توفي الله ابنه الأكبر عمر، 4سنوات، يقول: بعد ما ربنا فتح عليا الجيران عزموا عليا ادخل المسجد وابدأ اصلي عشان ربنا يكرمنى، بدأت ادخل صلاة واكسل صلاتين، اصلي بصراحة كنت بتكسف ادخل لجامع وانا شارب، منا ببطل وحده وحده بردوا، المهم انهم كانوا بيدخلوني معاهم يوم الجمعه اسمع الخطبه ورحمة ابني الخطبة بقالها شهرين هي هي لما الخطيب خرجني عن شعوري.
جيران "عيد "حكوا الموقف الذي جعل عيد يقطع علاقته بالمسجد حيث قال محمد الأبيض: آخر مرة اصريت اخده معايا يحضر الجمعة قولت يسمع كلمة أو حديث يثبته وطلبت من الخطيب خطبة عن فائدة التوبة ومكانة التائب عند الله فقال لي حاضر، وللأسف خطب نفس الخطبة اللي حفظناها عن ظهر قلب بدباجتها المكررة، فما كان من عيد الا ووقف وسط الجلوس وسب الدين للخطيب ثم ظل يكرش الناس ويقولهم يلا ياجدع انت وهو محدش يسمع للرجل دا تعالوا نجيب شريط للشعرواي نسمعه على القهوة.

انواع الخطاب
خطاب سياسي،خطاب تحريضي، خطاب مضطرب، خطاب رتيب عافي عليه الزمن، تلك الانواع من الخطب الدينية هي التي سادت المنابر وجعلت المسلمون يولون الفرار بحثا عن الخطاب التوعوي الاخلاقي الذي يكرث فكرة أن الدين المعاملة واهم القيم المجتمعية التي يجب أن يكون عليها الفرد المسلم من حسن خلق واتقان في العمل واحسان للجار وصلة رحم وبر الفقراء والكف عن الاذي، والتعاون والتلاحم ونحر الفتن وترك الرياء والنفاق والتخلق بخلق الصالحين فكيف الرجوع لمنهجنا الدعوي الصحيح وكيف يعود الداعية لرسالته.
المصادر التي يستخدمها الخطيب
كتاب البخاري ومسلم وامهات الكتب للسلف والتابعين، فضلا عن الخطبة المكتوبة التي يستلمها الخطيب من الأوقاف مكتوب فيها نصا الخطبة، تلك هي المصادر التي يعتمد عليها الخطيب، دون مراعاة لتغير الزمان والمكان والظروف والبشر والآليات، فمن اين يأتي التجديد سؤال الدكتورة آمنه نصير،التي أكدت أن الدعوة رسالة في الأساس والعلماء ورثة الانبياء فكيف تحولت الرسالة إلى مهنة والرسل إلى موظفون وتحولت الدعوة إلى الله إلى سبوبة في بعض الاحيان انطلق من عبائتها كثير من دعاة الله"الكاجوال" حتى زاع سيطهم واصبحوا من مشاهير الدعاة، وهنا تكمن الخطورة،لذا يجب على الأوقاف الارتقاء بالائمة والنظر اليهم بعين العطف ليتفرغ كل إلى عمله ويؤديه كما يجب.
مفاهيم مغلوطة
معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، كتاب للدكتور محمد عمارة ذكر فيه أن اختلاف وتباين وتحريف المصطلحات طبقا للهوي والمصالح وتصديرهاغ لدول الإسلام يعد هو الاخطر من حرب العدة والعتاد حيث اصبح غزو العقول هو الأكثر غنيمة من غزو الاراضي، وضرب مثالا لبعض المفاهيم مثل مصطلح"لسياسة": فهوفي ( الفكر الغربي) يعني سياسة القوة والغاية تبرر الوسيلة، وفن الممكن من الواقع بصرف النظر أن يكون هذا العمل أخلاقي أم لا وبهذا يتم عزل السماء عن الأرض، والمرجع الوحيد هو الواقع، اما السياسة في المنظومة العلمانية فهي فن الممكن عن الواقع وهو الذي وصل إلينا من الغرب أما السياسة في الفكر الإسلامي فهي التدابير التي يكون الناس معها أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد لصلاح الأمة.
الدين، مصطلح أهم وهو في الفكر الغربي يعني إفراز بشري وليس وحيًا ولذلك تجد المستشرقين يقولون إن المصريين اكتشفوا التوحيد قبل الديانات السماوية فهم يعتبرون أن الدين إفراز بشري فالدنيا في منظورهم بدأت بالوثنية والتعدد ثم اكتشفت التوحيد. الدين: (في الفكر الإسلامي) بدأ مع بداية الخلق مع حلق سيدنا آدم عليه السلام والوثنية والتعدد ظواهر طرأت تغالب التوحيد ويغالبها التوحيد وجاءت الرسل لكي تصحح هذه العقائد والشرك والوثنية.
أما د.حنان عبد المجيد،تؤكد أن دور الأئمة والعلماء في تغيير الواقع جزء متكامل مع أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، وهو دور متداخل في النسيج الاجتماعي، لذا يجب أن يكوم مكملا للهدف الذي يسعى إليه الباحثون في المجالات الاجتماعية المختلفة، من أجل استعادة المجتمع لهويته الإسلامية الصحيحة الخالية من أي ملوثات ومن هنا تبدو أهمية تبادل الخبرات بين الأئمة والباحثين المهتمين بتشكيل رؤية إسلامية متكاملة لفهم الواقع وتطويره.
وعن دور علم النفس في خدمة الغايات الإسلامية وتطوير الخطابة،الذي يعد دور أصيل وفاعل تحدث د.محمد رشدي،اخصائي علم النفس والذي أخبر أن تنمية المهارات والقدرات الشخصية، المهارات القيادية – توكيد الذات – القدرة على الإقناع – إدارة العلاقات الشخصية – الإيجابية - التفكير متعدد الرؤى، علاج السلوك غير السوي مثله التعاطي – العنف – الانحراف الجنسي، كما أن تطوير أساليب تدريس مقررات الدين،وكذا الدعوة الدينية في المساجد، فضلا عن الإدارة العلمية الفعالة لظواهر الفكرية الفردية والمجتمعية مثل التطرف الفكري – إساءة استخدام التقنيات المعاصرة – تدني الدافعية للإنجاز – تضاؤل الشعور بالأهمية الشخصية،مع المساهمة في إنشاء وإدارة بورصة العقول بشكل استثماري واعي، وتغيير فكرة أن سيد القوم خادمهم وانما هو اميزهم وأكثرهم ابتكارا، مع تعديل نظرة الفرد للآخر فهو أخ، وليس منافسا، أو مقيدا لحريته، وكلها مقومات يسهم بها علم النفس لإصلاح لغة الخطاب ومن ثم المجتمع.