الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قناة السويس المفترى عليها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يوجد مشروع على وجه الأرض تعرض لشائعات وأكاذيب مثل مشروع قناة السويس الجديدة، وغيره من المشروعات التى تمت خلال العامين الماضيين، فى محاولة مستميتة لشطب أى انتصار أو إنجاز حققه المصريون، وجرهم إلى بئر بلا قرار، عنوانه الإحباط واليأس.
ووسط ركام الأكاذيب المسمومة، والتضليل الذى لا يتوقف ليل نهار، نسى الناس المشروع والهدف منه، وأنه ليس مجرد حفر قناة موازية ضرورية لتنشيط حركة التجارة العالمية، بل مشروع أكبر يضم إنشاء مدن جديدة على امتداد القناة، ويضع سيناء المهمشة لسنوات، بل لقرون على خريطة التجارة والصناعة فى الشرق الأوسط.
ما يوجه للمشروع من انتقادات إقليمية ومحلية يتمحور حول أمرين، هما قلة العائد الحالى وتكلفته العالية وتنافسيته مع موانئ أخرى، وانتقال خطوط ملاحية لطرق أخرى، وهى أمور متوقعة، فالنقل البحرى سوق عالمية، يخضع لقواعد التجارة الدولية، والاهتمام الدولى بالقناة لم يخف فى أى وقت، وبالتالى فالتغيير فى التفكير السائد حاليا سيتغير مع انتهاء المشروع، والدليل على ذلك العروض الدولية العديدة التى وصلت إلى مصر، من أجل المشاركة فى المشروع، خصوصا من «سنغافورة» رائدة إدارة الموانئ والمناطق الصناعية المحورية فى العالم، أما عن التكلفة فى مقابل العائد فنحن أمام «حسبة» معروفة بالضرورة، ولا تحتاج منا إلى سرد إحصائيات تؤكد مكسب القناة المستقبلى، ومضاعفة المكسب بعد عمل المناطق الصناعية على ضفتى القناة، أما التنافسية مع موانئ أخرى فتميل الكفة ناحية القناة العبقرية مكانها المتوسط لكل القارات.
الأمر لا يحتاج إلى دلائل، لنتأكد من ضعف حجة من يهاجمون المشروع، وهو المعروض على الرأى العام منذ زمن الرئيس السادات، وأجريت حوله مئات الدراسات، ولماذا نذهب بعيدا، فلنتذكر تجربة الإمارات الرائدة فى مشروع ميناء جبل على الذى بدأ العمل به فى السبعينيات وتطور الميناء، ليستخدم فى دعم المنطقة الحرة التى أنشئت حوله، وتكلفته الضخمة فى ذلك الحين وعائده المتنامى طوال تلك السنوات.. الجديد الذى تقدمه القناة هو المناطق الصناعية وإمكانية النقل منها إلى الأسواق المصرية، ثم القفز منها إلى قلب القارة الإفريقية، وهو من عوامل الجذب المهمة فى المشروع.
المشروع لم ينته، فلا تزال هناك عمليات إنشاء جارية للمنطقة الصناعية والأرصفة الجديدة ضمن مخطط لإنشاء إقليم متكامل اقتصادى وعمرانى وسياحى وصناعى، يتحول مع الوقت إلى مركز عالمى فى الخدمات البحرية واللوجيستية بحلول عام ٢٠٣٠.
تبلغ المساحة الإجمالية للمشروع حوالى ٤٦٠ كيلومترا مربعا خصصت لتكون منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة، وتشمل ميناء غرب بورسعيد وشرق بورسعيد والمنطقة الصناعية بالقنطرة غرب ووادى التكنولوجيا شرق الإسماعيلية الجديدة، وميناء الأدبية، ومنطقة ميناء العين السخنة وميناء العريش وميناء الطور، كما يشمل مشروع تنمية منطقة شمال غرب قناة السويس التى تشتمل على منطقة صناعية كبرى بالقرب من ميناء العين السخنة، ويغطى مساحة ٢٠٠ كيلومتر مربع، ويشتمل على متنزه صناعى على مساحة ١٧٦.٥ كيلومتر مربع، ومساحة ٢٢.٥ كيلومتر مربع متصلة بالميناء، وتضم منطقة اقتصادية على مساحة ٢٠.٤ كيلومتر مربع، ومركز لريادة الأعمال داخل المبنى الإدارى للقناة، فضلا عن أنفاق تربط ضفتى القناة وسحارات لنقل المياه من الوادى إلى شبه جزيرة سيناء.
نحن أمام مشروع ضخم يجرى على قدم وساق فى دولة تصارع أزمة اقتصادية مزمنة، وتخوض حربا من أجل تثبيت دعائم البقاء والاستقرار والتقدم، ومجتمع يواجه توابع الأزمة من ارتفاع أسعار وقلة استثمارات وبطالة وحرب مستعرة ضد الإرهاب مضاف إليها حرب نفسية شرسة، تسعى لهدم الروح المعنوية لأمة قررت النهوض مثلما قررت الحرية.
إذن المعنى من وراء مشروع قناة السويس ليس مجرد حسابات مكسب وخسارة تخضع لقواعد النمو العالمى وحجم التجارة المتبادلة بين الشرق والغرب الذى قد يتأثر مرحليا بانخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية غير مسبوقة، ولكن مرهون بتفكير دولة قررت أن تترك ثروة لأجيال جديدة من المصريين ولدت هذه الأيام، ولا ينتظر أن تقف فى طوابير العاطلين أو أن تلتهمهم أنياب الفقر والعوز.