الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"السيسي" والخروج من الكنيسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى والبابا تواضروس بمثابة إشارة واضحة لإدراك الدولة خطورة عودة المواطنين المسيحيين إلى أحضان الكنيسة، والاحتماء بها فى مواجهة ما قد يتعرضون له من مشكلات سياسية واجتماعية.
لسنوات طويلة لم يجد المواطنون المسيحيون سوى الكنيسة للتعبير عن أنفسهم بشتى الصور، ولتكون المتحدث الرسمى باسمهم أمام الدولة والمجتمع، والسبب فى ذلك سياسات الدولة التى أوكلت للكنيسة مهمة تحمل أعباء المصريين المسيحيين.
وكان لذلك الوضع نتائجه المجتمعية الخطيرة، والتى تجسدت فى انطواء وعزلة المصريين المسيحيين داخل تجمعاتهم الكنسية، والتى امتدت مظاهرها إلى الحياة العامة كالجامعات والأندية وحتى داخل المصالح والشركات الحكومية والخاصة، علاوة على عزوفهم عن المشاركة فى الحياة السياسية سواءً بالانضمام إلى أحزاب أو التفاعل مع الانتخابات بمختلف أشكالها كمرشحين وناخبين.
غير أن هذه الوضعية تغيرت نسبيًا عقب أحداث يناير ٢٠١١ حيث شهد المجتمع المصرى متغيرات جديدة أهمها على الإطلاق إقبال فئات وشرائح اجتماعية كانت تعانى من التهميش على المشاركة فى المجال العام لاسيما السياسى وإبداؤها الرغبة فى التعبير عن ذاتها عبر أحزاب وحركات وقوى سياسية متباينة.
حيث شهدنا الشباب المسيحى يخرج من عباءة الكنيسة ليسارع بالتفاعل داخل المجتمع، وكان لذلك التفاعل تجليات عدة أهمها على الإطلاق فوز عدد لا بأس به من المرشحين لمقاعد مجلس النواب خارج حدود الكوتة المقررة للمسيحيين فى الدستور، وهو ما عكس قدرة هذا الشباب المسيحى على خوض معارك سياسية ناجحة تمكن خلالها من كسب ثقة الناخب المسلم صاحب الأكثرية العددية بحسب التركيبة السكانية.
ربما يكون هذا هو الإنجاز الأكبر لانتخابات برلمان ٢٠١٥ حيث تأكدت وحدة نسيج هذا الوطن، وتقبل الغالبية المسلمة فيه لمشاركة أشقائهم المسيحيين لتنتفى من حياتنا مصطلحات أدخلها دعاة حقوق الإنسان على مجتمعنا أبرزها على الإطلاق مصطلح الأقليات.
لكن تداعيات أحداث الفتنة الطائفية المتكررة فى محافظة المنيا، وأسلوب الأجهزة التنفيذية معها، بالإضافة إلى معالجة ما يسمى ببيت العائلة، كاد أن يُهيل التراب على ذلك الإنجاز ويطيح بقيمة المواطنة التى برزت على السطح، وتجلى ذلك فى إعلان ممثل الكنسية الأرثوذكسية فى بيت العائلة بمحافظة المنيا تجميد مشاركته بحسب المحامى دكتور إيهاب رمزى، الذى أكد لى أن أجهزة الأمن وبيت العائلة يحاولان حل وقائع الاعتداء خارج القانون اعتمادًا على الجلسات العرفية، مستدعين بذلك ذات الأساليب القديمة التى كانت تستخدم طول العقود الماضية، وبسبب التحريات غير الدقيقة لإفساد مسار عملية التحقيقات الجنائية فى معظم الحوادث بدءًا بواقعة تعرية السيدة سعاد ثابت، وانتهاءً بواقعة قرية صفط الخرسا جنوب محافظة بنى سويف، بدأ المواطنون المسيحيون يشعرون مرة أخرى بأحاسيس الأقلية المستضعفة التى ينبغى عليها أن تقبل بالاعتداء والإهانة وبالصلح فى ذات الوقت.
ووجدنا المعتدى عليهم يلجأون مرة أخرى إلى أحضان الكنيسة ليبرز دور الحكيم الأنبا مكاريوس بمحافظة المنيا، الذى حاول أن ينهى ذلك الشعور بإصراره على تطبيق القانون.
ورغم الاعتذار الذى قدمه الرئيس للسيدة سعاد وتأكيداته المتكررة على الالتزام بقيم المواطنة ودولة القانون، إلا أن هناك دائمًا من يعبث بمصداقية الدولة والرئيس.
صحيح أن لقاءه مع البابا تواضروس، وحل العديد من المشكلات وفى مقدمتها الخروج بمشروع قانون لبناء الكنائس، عالجا الكثير من السلبيات، إلا أن الدولة يجب أن تظل يقظة لأولئك العابثين الذين يمررون مخطط إشعال الفتنة بممارساتهم، خاصة وأن الفاعل يبدو واحدًا.
فالقاسم المشترك بين كل الحوادث الأخيرة شائعات كاذبة روجها أحد شيوخ السلفيين المتطرفين بمساجد القرى التى شهدتها.
سيظل للرئيس الدور الأهم على الأقل فى هذه المرحلة لخروج المواطنين المسيحيين من عباءة الكنيسة والدفع بهم للمشاركة الفاعلة والحيوية للتعبير عن أنفسهم كمصريين وفقط.