الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وهل شرف البنت "ولاعة"؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دائمًا ما يربط العرب بين مشرط الطبيب وقول الحقيقة فكلاهما جارح يعري طبقات الجلد الخارجية ليصل إلى عمق الألم ويشخصه جيدًا ثم يداويه، كذلك نحن شعوب العرب عندما يذكر أمامنا كلمة الشرف؛ فورًا تتجه أعيننا بنظرات حادة لأي أنثى قريبة من حولنا، وتسرح معها العقول إلى غابات بعيدة جدًا يحوم فيها الشك والإحساس بالعار وتقذف فيها النساء بأبشع التهم دون سابق نقاش أو تحقيق.
ما يجعلنا نقف برهة لنفكر هو ربطنا لكلمة الشرف فقط بالأنثى العربية داخل مجتمعاتنا، التي هي الأم والأخت والابنة وصديقة الطفولة وزميلة الدراسة والعمل.
بل الأبشع من ذلك أننا ربطنا الشرف بغشاء رقيق من أجله تعدم الضحية المسكينة في أول جلسة، بل ومن قبل سماع المرافعة وشهادة الشهود والتحقق من أدلة البراءة.
قتلوها طعنًا بالسكين وقذفًا بالحجارة وشنقًا وحرقًا ووأدوها تحت التراب لمجرد أن غاب عن ناظرهم بقعة دم قد يصعب رؤيتها في بعض الأحيان، فقد نسوا ذكور الفكر المتعفن أن هناك أغشية رقيقة لا تحمل دماء قد تراها العين المجردة.
وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2015 فإن نحو 35 في المائة من النساء حول العالم عايشن أحد مظاهر العنف الجسدي سواء كان ذلك من قريب، كالزوج، أو من غريب، كما تؤكد التقارير أن 30 في المائة من النساء حول العالم تعرضن في حياتهم مرة واحدة على الأقل لشكل من أشكال العنف الجنسي.
وترجع المنظمة الدولية أسباب العنف الجسدي الذي يتسبب به شخص قريب إلى سجل سابق في العنف لهذا الشخص، أو عدم رضاه عن العلاقة الجنسية مع المرأة، أو صعوبة التواصل بين الطرفين.
أما العوامل المرتبطة بارتكاب العنف الجنسي ضد المرأة، وفقًا للمنظمة، فتندرج في خانة الإيمان بأهمية ارتكاب جرائم كجرائم الشرف، والسيطرة الذكورية على النساء، إضافة إلى ضعف الرقابة القانونية على مرتكبي مثل هذه الجرائم.
وتؤمن المنظمة الدولية بضرورة تسليط الضوء على جميع العوامل التي تميز ضد المرأة، والترويج للمساواة بين الجنسين، ومساندة المرأة في جميع جوانب الحياة، إضافة إلى التركيز على إيجابيات التعامل مع المشاكل الاجتماعية كبديل لاستخدام العنف.
وفي مصر على سبيل المثال، يصل عدد حالات الاغتصاب سنويًا إلى أكثر من 200 ألف سيدة، وفقا للمركز المصري لحقوق المرأة، وقد ارتفع عدد هذه الحالات مع المشاكل السياسية التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة.
الحق أقول إن عقولكم يا بعض من ذكور العرب هي فعلا غشاء بل وأضعف من أي غشاء ولو أن البعض يشك إن كانت أغشية طبيعية أم مستوردة من الصين بسعر الجملة.
83 جنيهًا مصريًا هو ثمن غشاء البكارة الصيني وإن طلبت شحنه على الإنترنت يصلك بسعر الجملة لكل يوم غشاء ولا حرج، فالصين ألغت تماما المثل العربي الذي يقول (شرف البنت عود كبريت؛ قد جعلت منه ولاعة).
من خلال البحث في دواعي وأسباب هذا العنف ضد المرأة وارتباطه بالخيانة الزوجية وزيادة عدد عمليات الترقيع وتركيب الأغشية الصناعية؛ فلن نطيل البحث كثيرًا فالأسباب كوضوح الشمس في عرض السماء.
إنه العقل الباطن الذي امتلأ بمفردات ومفاهيم غريبة متوارثة في مجتمع الذكور من سالف الآباء والأجداد؛ فهم تربوا على أن شرف الرجل هو أنثاه وكيف أنه يحكم عليها الغطاء جيدًا فلا ينظر إليها أي ذكر في العالم غيره.
وإن خالفت الأوامر الذكورية الموجهة من الزوج تعتبر ناشزًا وعقابها في الإسلام الهجر والضرب، وإن لم تخضع لقرارات أخيها وأبيها فهي عديمة تربية وأخلاق ووجب كسر 40 ضلعًا لها كي تتعلم طاعة الأهل.
نسوا أن للرجل أيضًا مئة غشاء ولكنه لا يعرف بالدم بل يميز بالضمير الحي والعدالة والحكمة وتحمل المسئولية والشجاعة والكرم ومساعدة الضعيف ومساندة الحق.
إنه القمع الفكري للأنثى العربية الذي يفقدها حتى النطق والتعبير عن نفسها؛ فالكثير يرى أن البنت الثرثارة لا تصلح لإدارة منزل؛ فلا عجب أن ترى مراهقة فوق سن 11 عامًا تتلعثم في الحديث حتى أنها تصل لمرحلة التعليم الجامعي، وما زالت تفقد القدرة على التواصل بالعين أثناء النقاش وحتى داخل القاعات الدراسية، ومن ناحية أخرى فلا عجب أيضا أن ترى من لقبوها بالساقطة التي تتحدث وتجول مع العديد من الذكور، للأسف الكبت النفسي التي طالما كانت تعاني منه في صمت أصبح اليوم عامل رئيسي لانحرافها وممارساتها غير المشروعة، ولو ألقينا نظرة لزاوية مختلفة فسنجد أنثى أخرى مختلفة ضحية التعنيف والجهل تمارس الرذيلة في السر وتشهر الفضيلة للناس في العلن فهي تتماشى مع الذوق العام للجمهور وتواكب أحدث الأفكار المتعفنة التي وضعها ذكور شيمتهم التعصب؛ والحل موجود إن أرادته فالغشاء الصيني تكلفة قليلة ومفعول أكيد ومتوفر بالأسواق المحلية ولا عتب على الصيدليات والبقالات المورد الرئيسي لتلك البضائع.
إنها طريقة تربيتنا لأطفالنا حيث يعامل الذكر طوال فترات حياته من الطفولة حتى الشباب على أنه الآمر الناهي حر الحركة والتنقل وأخذ القرارات؛ بل وإجبار أخته التي هي تابعه له بالسمع والطاعة وتنفيذ الأوامر بل وأحيانا سن العقوبة عليها إن حدث وأخطأت في أي أمر كان. هو الفصل بين الذكر والأنثى طوال فترة التعليم بداية من سن المراهقة، ويستمر ذلك العالم الذكوري المجهول الذي يعيش في حلم كل فتاة؛ فالأنثى تعشق الغموض والمغامرة وقصص العاشقين القدامى، ليس عيبًا أو حرام دينيًا أن تنشأ علاقة حب، أن يخفق القلب بين الضلوع، فلما تكبتون النبضات في قلب إناثكم؟ لما تحولون حديقة العشق الى كهف حالك الظلام تسكنه الخفافيش المرعبة والخوف من الفضائح.
يمكننا توجيه الأبناء والوقوف معهم معنويًا في مثل هذه الفترات الحرجة من العمر، حيث يبدأ المراهق في تشكيل شخصيته وفهم معاني الأمور الحياتية.
يبقى الحب الأول نقشًا محفورًا في جدار القلب فرأفوا بقلوب بناتكم، كونها عشقت لا يعني أنها فقدت شرفها وقطع الغشاء!
الزوجة بحاجة لغذاء الروح أكثر من حاجتها للطعام والشراب فرفقا بالقوارير، ليس مقدار الأخلاق والالتزام والوفاء هو كمية القماش التي تضعونها على رءوس النساء بل إن الوفاء ينقش على جدار الليالي والأزمان ويشيب العمر وتهرم الأجسام ويبقى الحب والإنماء شابا وسيما لا يشيخ.
إن أخطأت واحدة فليس كل النساء خاطئات، أولى بنا أن ندرك سبب المرض لنتجنب الإصابة ونقي الأصحاء، لا أن نحكم على المريض بالدفن حيًا دون أن نحاول انتشاله أو حتى تشخيص عوامل سقوطه.
الخطر يحوم كل ساعة بأبواب منازلنا بشرفات حدائقنا بزوايا غرف نومنا فالعالم أصبح قرية صغيرة مفتوحة ترتطم فيها ثقافات غريبة ومتنوعة لا تتوافق مع ثقافاتنا وتقاليدنا العربية، فاحموا إناثكم جيدًا لأن تجار الفتن وأصحاب بيزنس الجنس وصلوا لأسواقنا العربية الآن وفرشوا بضائعهم بل واقتحموا فضائياتنا ودخلوا أعماق بيوتنا.
إن الضغط يولد الإنفجار وكل مادة لها طريقة ومعيار للانفجار كما يصفها علماء الفيزياء، لذلك لا تصلوا بإناثكم لمرحلة قد يتحولون فيها لبقايا بشر محطم تحت الأنقاض.