الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رائد التجديد في الشعر العربي المعاصر طالب بإلغاء خانة الديانة من البطاقة.. عبدالمعطي حجازي لـ"البوابة": السلفيون سبب الفتنة الطائفية.. الثقافة المصرية تعيش أسوأ عصورها.. ولا أعرف هشام الجخ

الشاعر الكبير، أحمد
الشاعر الكبير، أحمد عبدالمعطى حجازى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الثقافة المصرية تعيش أسوأ عصورها.. والمنظومة التعليمية بحاجة لإعادة هيكلة.. والإعلام ساحة للعشوائيات
حبس «بحيري وناجي» سبة فى جبين المثقفين.. ولابد من مواجهة الفكر بالفكر وليس بالقتل والسجن..  السيسي ذكى ويملك قدرة عالية على الإنصات لكل وجهات النظر..  صلاح جاهين أعظم شعراء العامية.. ولا أعرف هشام الجخ

داخل مكتبه فى مبنى جريدة الأهرام العريقة، جلس الشاعر الكبير، أحمد عبدالمعطى حجازى، صاحب الثمانين عامًا، ليقدم قراءة متأنية للوضع الذى تعيشه البلاد، سواء على مستوى التعليم، أو السياسة، أو الثقافة والشعر. يقول رائد التجديد فى الشعر العربى المعاصر، والذى ترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والإيطالية والألمانية، إن الثقافة المصرية، بل العربية، تعيش أسوأ عصورها فى الفترة الحالية، ولاسيما بعد تديين الحياة الثقافية والشعرية، وتحجيم حرية الفكر والابداع.
ويشدد حجازى على ضرورة فصل الدين عن السياسة، وأيضًا الإبداع والثقافة، مؤكدًا فى الوقت ذاته أن المشهد الحالى ينذر بخطورة كبيرة، فى ظل توتر الأجواء السياسية، وسعى البعض لإشعال الفتنة الطائفية، والإلقاء بمصر فى غياهب الحرب الأهلية.
■ صف لنا الصورة كما تراها من زاويتك هنا، وكيف تقرأ المشهد الذى تعيشه مصر حالياً؟
- المشهد الحالى غائم وغامض للغاية، وينذر بخطر كبير فى الفترة المقبلة، فى ظل توتر وعدم استقرار فى كافة مؤسسات الدولة كافة، حيث هناك خيبة أمل فى عدد كبير من المؤسسات التى كنا نحلم أنها ستحقق الديمقراطية التى لطالما حلمنا بها السنوات الماضية، وحُرمنا منها، وطيلة ٦٠ عامًا فى ظل حكم أنظمة لم تعرف شيئًا عن الديمقراطية، ثم انتقلنا لحكم الدولة الدينية، بكل ما تحمله تلك الدولة من فاشية وتطرف، نظرًا لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور بمعاونة منظمات الإرهاب الذين زعموا أنهم تخلوا عن السلاح ولغة العنف والدم، وعدد من الجماعات وتيارات الإسلام السياسى المتطرفة.
ما سبق قزم دور مصر فى المنطقة العربية، على الرغم من أن مصر كانت البوصلة الرئيسية للحضارة والتقدم والمدنية منذ عصر محمد على، مرورًا بالخديو إسماعيل، الذى أنشأ الأوبرا المصرية والفنون، وأول من أنشأ برلمانا يعبر عن الديمقراطية، وبعد زوالهم تنفسنا الصعداء، وحلمنا بالدولة المدنية والنظام الديمقراطى المُتحضر، ولكن فوجئنا بحكومة عاجزة، أداؤها غاية فى التدهور والانكماش، سواء على مستوى التعليم، والصحة، وتدهور الاقتصاد بشكل مزرٍ، وسقوط الجنيه المصرى أمام الدولار، حتى أزمة سد النهضة الإثيوبى، التى من شأنها أن تحرم مصر من المياه، وتُدخلنا فى عصر العطش، علاوة على تردى أداء البرلمان الحالى، الذى ينتمى للحكومة، ولا يقوم بدوره كرقيب وعين على الحكومة، يكشف عن أخطائها، ويحاسبها على ما تقوم به، فى ظل تقاعسها عن القيام بالدور المنوط بها القيام به، سواء على المستوى الاقتصادى أو الأمنى، وكان آخرها الفتنة الطائفية التى عجزت عن مواجهتها.
■ بأي شيء ينذر اشتعال الأوضاع بين المسلمين والأقباط من وجهة نظرك؟
- نحن أمام كارثة بكل المقاييس، من شأنها أن تؤدى بالبلاد إلى شبح الحرب الأهلية، أو دفع المسيحيين للهجرة، ولاسيما أن محافظة واحدة فى البلاد، شهدت وحدها مقتل وإصابة العشرات فى حوادث اشتباك بين المسلمين والمسيحيين، دون رادع، أو قانون يوقف تلك المهزلة، وهنا نحن على وشك كارثة حال هجرة المسيحيين وخلو مصر منهم، لأنها دولة تقوم على التنوع، ووحدة أبنائها.
من وجهة نظرى فإن الأزمة هنا تكمن فى أن الدولة وضعت دستورا توافقيا، ينص على أن المصريين شعب واحد دون تفرقة بينهم على أساس دين أو جنس أول لون، ولكن دون تنفيذ على أرض الواقع، حيث سمحت الدولة بتكريس التمييز الدينى، وسيطرة للجماعات الدينية على الشارع، بل اختراق الإسلام السياسى للبرلمان.
رغم علم الدولة أن تلك الجماعات والاحزاب تتبنى السياسة فى الظاهر، وتمارس الإرهاب فى الباطن، ولم ولن تلقى سلاحها، مثل حزب النور، علاوة على وجود تمييز طائفى غير مسبوق، يظهر فى بناء الكنائس، حيث لابد للمسيحى أن ينتظر قرارا بالموافقة من الدولة لبناء الكنيسة، على العكس يستطيع أى شخص مسلم، أن يبنى زاوية فى أى مكان وزمان دون موافقة أو تصريح.
■ من وجهة نظرك كيف يمكن نزع فتيل الأزمات المتكررة بين المسلمين والمسيحيين؟
- لابد من تطبيق القانون، والضرب بيد من حديد ضد كل من يتجاوز، أو تسول له نفسه قتل أو سفك دماء مصرى، ولابد من تفعيل دور الدولة، والأجهزة الأمنية، وبعيدًا عن الجلسات العرفية، وحال مخالفة المسيحيين للقانون، وبنائهم الكنائس دون الحصول على تصريح من الدولة، يكون على الأجهزة الأمنية التعامل معهم، والتصدى لهم، وليس للجماعات الإسلامية، والمتطرفين، أن يحرقوا منازلهم ومحلاتهم، ويقتلوهم، فى غياب تام للدولة، وأن يقتصر دور الأمن على الأمن فقط، وأن يبتعد عن التدخل فى السياسة، وتعيين الشخصيات فى الوظائف الحساسة فقط، علاوة على إلغاء الأحزاب الدينية، والإلقاء بأعضاء حزب النور فى السجون، بعد أن رفضوا الوقوف للسلام الوطنى، دون إيمان بالوطنية المصرية، علاوة على أنهم السبب الرئيسى فى إشعال وتأجيج الفتنة الطائفية، وعزلهم خارج الحياة السياسية.
وأخيرًا أرى أن إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، خطوة على طريق نزع التمييز الدينى، حتى لا يتعرض أى شخص للتمييز فى مكان حكومى، ولا يكون هناك تفرقة بين الطرفين، فى الحق أو التقدير، وخير مثال على ذلك، أزمة محافظ قنا، ورفض الأهالى تعيين مسيحى فى منصب المحافظ، وذلك يجب أن يتم وبشكل سريع، حتى لا تتحول البلاد إلى لبنان آخر، أو نتعرض لأزمة التقسيم، مثلما حدث فى السودان، حيث تم تقسيمها إلى شمال وجنوب، وكذلك العراق بين الشيعة والسنة، ونسقط فى فخ المتعصبين والغوغاء والهمج، وتستجيب لهم الدولة وأجهزتها.
■ ألا ترى أن منظومة التعليم فى مصر بحاجة إلى عملية تطوير شاملة للقضاء على مثل هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية فى المجتمع؟
- المنظومة التعليمية ككل بحاجة إلى إعادة هيكلة من جديد، فى ظل أزمة كبيرة تعيشها تلك المنظومة، سواء على مستوى التعليم العادى، أو العالى، حيث نجد أساتذة فى الجامعات وفى أقسام اللغة العربية، ولا يجيدون اللغة العربية، كذلك عدد من الخريجين، الذين يعملون فى الصحافة، ويقدمون نشرات الأخبار، ويتقلدون مناصب قيادية، ولم يُعد هناك وجود لاستراتيجية التعليم التى كانت تخرج العشرات، بل المئات من المثقفين والقادرين على قيادة أمة بكاملها، ولاسيما أن التعليم هو معيار تقدم الأمم وتحضرها، ونبراس يضيء لها فى المستقبل البعيد.
■ ما ينطبق على أزمة التعليم كما وصفتها ألا ينطبق أيضًا على واقع الثقافة والمثقفين؟
- الثقافة المصرية تعيش حالة تدهور فى غاية السوء الآونة الأخيرة، والسبب الرئيسى يعود لسنوات طويلة ماضية، شهدت اعتداء غاشما على حرية الرأى والتعبير، وكل من يكتب يتم مواجهته بالقتل أو الحبس والمنع، مثلما حدث مع نصر حامد أبوزيد، وإسلام البحيرى، وأحمد ناجى، وممارسة قمع ضد كل من يكتب رأيا أو وجهة نظر مخالفة، وفى السابق كان الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية يصادران كتب المستشار العشماوى، فكيف مع ذلك يمكن للثقافة أن تزدهر وتنمو، ويكون هناك مثقفون أحرار، لديهم الحرية الكاملة فى التعبير والإبداع الفكرى والثقافى.
■ هل هناك تعارض بين الدين والإبداع الثقافي والفكري؟
- على الإطلاق، إذا كان الدين فى مكانه، والإبداع فى مكانه، ولاسيما أن شيخ الأزهر، والمؤسسة الدينية، دورهم التوعية بصحيح الدين، وتعاليم الإسلام فقط، وليسوا أوصياء على الفكر والكتابة، وحال خروج قصيدة أو عمل شعرى معارض للدين، وصحيح الدين الإسلامى، يكون الرد بالفكر، وكتابة مقال، أو إنتاج عمل، يرد على ذلك التطاول أو التجاوز، ويفند تلك الادعاءات، وتكون محاربة الفكر بالفكر، وليس بالقتل أو الحبس، لأنهما لا يغيران الفكر، ولن ينتصرا عليه، بل يخفيان فقط الخطأ، دون اجتثاث الخطأ من جذوره والقضاء عليه.
■ ما مدى تأثير فترة حكم جماعة الإخوان على الثقافة؟
- الثقافة أزمتها الحقيقية ليست فى حكم جماعة الإخوان طيلة العام الذى حكموه، رغم أثرها السلبى الكبير، ولكن تديين الثقافة هو الأزمة الحقيقية، واللجوء للتفاهات، وتحريم أشياء لا فائدة منها من الأساس، وخير مثال على ذلك ما حدث فى منع عرض مسرحية عبدالرحمن الشرقاوى، «الحسين ثائراً»، وكان له بالغ الأثر على الثقافة، لذلك لا أحمل تلك الجماعة وحدها مسئولية تدهور الثقافة، على الرغم من دورهم القذر فى الحياة المصرية، لذلك أتعجب من دعوات المصالحة مع تلك الجماعة والتيارات الإرهابية، وأرى أن من يدعو لتلك المصالحة المزعومة، هو من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية أو ينتمى لها فى الخفاء، ويحمل لقب إخوانى مستتر، أو يسعى لاقتسام التورتة مع تلك الجماعة، فى الحكم والحياة السياسية، كذلك هناك بعض المثقفين ممن يبيعون أنفسهم للأنظمة، مثلما حدث فى عهد جماعة الإخوان المسلمين، وأفسحت لهم الجماعة المجال للظهور على الساحة، وتلميعهم بالشكل المطلوب.
■ وكيف تقيم أداء وزير الثقافة الحالى حلمى النمنم؟
- أداء النمنم، هو استكمال لأداء الوزراء ممن سبقوه فى تولى حقيبة الوزارة، وكان الأداء من سيئ إلى أسوأ، وتعجبت شديدًا من نية الوزارة إصدار كتاب رسالة الجهاد لحسن البنا، وحال إقدامها على مثل تلك الخطوة، لا تكون وزارة ولا تستحق أن تحمل الجنسية المصرية، وهنا يجب على وزارة الثقافة أن تعمل على التطوير من نفسها، وحماية الثقافة والعمل على تنميتها وازدهارها، والإفراج عن المحبوسين من المثقفين والأدباء، الذين عوقبوا على إبداعهم الشعرى والثقافى.
■ أنت من المدعوين بشكل دائم للقاءات الرئيس.. ما تقييمك لتلك اللقاءات؟
- دائمًا ما تكون تلك اللقاءات مثمرة، وأرى من لقاءاتى معه، أنه رجل غاية فى الذكاء، ويمتلك قدرة جيدة على الإنصات، والاستماع لكل وجهات النظر، ويتابع كل ملاحظات الحاضرين، ويخشى على البلاد، ويسعى دائمًا للخروج بها من كبوتها، والانتقال للأفضل، ولكن من وجهة نظرى لابد أن يتم تطبيق تلك الاستراتيجيات على أرض الواقع، كذلك هناك معوقات كثيرة فى طريق الرئيس، تتلخص فى أغلب المؤسسات التى من المفترض أنها تعمل مساندة له، ولكن أداءها بطيء وغاية فى التدهور.
■ أعلنت إحجامك عن متابعة الإعلام المصرى.. ما السبب فى ذلك؟
- إحجامى عن متابعة الإعلام، جاء بسبب تحوله إلى عشوائيات، وكونه أصبح مهنة من لا مهنة له، وبعضهم لا يستحق أن يظهر على الشاشة، وأصاب باليأس من المحتوى المعروض على الشاشة، لذلك أضطر لإغلاقه، نظرًا لمستواه الرديء الذى لا يصلح للمشاهدة.
■ هل يُعد العمل السياسى أرضا خصبة للشعر والإبداع؟ وهل ترى أن هناك شعرًا مُحرضًا أو مُسيسًا؟
- ليس العمل السياسى بالتحديد، ولكن العمل النضالى، ولكن هناك فرقا بين الانخراط فى السياسة، والسياسيين المحترفين، والشعر بطبيعته فى الأساس هو عمل وإبداع محرض، ومثير للانفعال، ويجعل قارئ القصيدة ينفعل ويتوحد مع الشاعر كاتب القصيدة، لذلك من الممكن أن تكون القصيدة محرضا أساسيا على فعل ما، لتبنى القارئ موقف الشاعر كاتب القصيدة.
■ هل الشعر مُهدد بالاندثار.. وما مدى تأثير الأغانى المبتذلة على الشعر والثقافة؟
- الأغانى المبتذلة أو التى لا تحتوى على مضمون، موجودة منذ قديم الأزل، وكذلك عدد من الأعمال الإبداعية السيئة، كذلك النكات القبيحة، وكل ذلك لن يؤثر على الثقافة أو الشعر، مادام هناك أعمال أخرى مصاحبة فى نفس الوقت، محترمة وجيدة، ومن وجهة نظرى، لا يوجد ما يهدد الشعر بالاندثار أو الزوال، وكل ما هنالك أن الشعر من الممكن فى بعض العصور أن يزدهر، والبعض الآخر ينحدر وينحط وينتهى بمرور الأيام.
■ متى أحسست أن الشعر ليس سندًا لك فى الحياة من الناحية المادية؟
- الشعر دائمًا سند وظهر لصاحبه، ويعد تقييما للشخصية، ويمنح للإنسان احترامه لنفسه ووعيه لذاته، ولكن على المستوى المادى، يجب أن نعلم أن الشعر عمل صعب وشاق، يحتاج إلى عمل كثير وجهد حقيقى، علاوة على أن جمهوره قليل، لذلك الشاعر باستمرار يحتاج إلى جانب عمله كشاعر، عملا آخر يعيش منه، لأن كتابة وتأليف الشعر وحده، «ما بتأكلش عيش»، وهنا يجب التفرقة أيضًا بين الشاعر الهاوى، الذى يجعل الشعر على هامش حياته، ولا يستطيع أن يصل بالشعر إلى مستوى عال، بينما هناك الشاعر المحترف، والذى يسعى على طول الأمد إلى التقدم بشعره والرقى به، لأنه عمله وهدفه الوحيد الذى يتكسب منه.
■ هل كان ذلك سببًا فى لجوء بعض الشعراء لكتابة الأغاني؟
- لاشك، أن لجوء عدد من الشعراء لكتابة الأغانى يكون فى المقام الأول بحثًا عن المال، أو من أجل إبراز الشعر وترويج القصائد، مثلما فعل الشاعر سيد حجاب، وهو من أفضل شعراء العامية، وهناك بعض المسلسلات كانت فى حاجة لكلمات شعرية فى أغانى تترات المسلسلات والأعمال الفنية الجيدة.
■ هل نحن بحاجة لمشروع قومى من أجل اكتشاف المواهب؟
- نحن بحاجة إلى مشروع لتدريب وتأهيل المواهب، وليس اكتشافها فحسب، ولابد من تعليم وتأهيل يصقل من الموهبة، لأنه بدون التعليم والتدريب لن تظهر تلك المواهب، ويجب أن يكون ذلك مختلفًا عن تلك التى تظهر حاليًا على الفضائيات، والتى تحولت إلى سبوبة لجذب المال فقط، بعيدًا عن الموهبة والفن، حيث تعمل لمصلحة رجل الأعمال المالك والممول لها فقط.
■ كيف ترى حجم تأثير رؤساء مصر السابقين على المجال الثقافى بوجه عام والشعر تحديدا؟
- من وجهة نظرى أن عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان من أسوأ العصور للثقافة والشعر، فقد شهد اعتقالات للكتاب والشعراء، والمثقفين، وكل من يختلف معهم، وتضييقا على كل من يخالفهم فى الرأى، وتأميما للصحافة، ومنعا لإصدار الكتب، وتأميما لدور السينما، والمسارح، علاوة على قمع الحريات، ووأد حرية التعبير والتفكير، ولكن على الرغم من ذلك، كانت هناك ظروف تخفف من تلك الإجراءات التعسفية، نظرًا لوجود بعض المثقفين على تلك الحياة، مثل طه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وبعض المبدعين من الفنانين عبدالوهاب، وأم كلثوم.
أذكر أننى ندمت على كتاباتى التى مدحت فيها عبدالناصر، حيث كنت مخدوعًا فيه لدرجة كبيرة، وتوسمت فيه خيرًا، لذلك هنا يجب التأكيد على أنه ليس كل من يمدح حاكما هو شاعر سلطة، وليس كل من يسخر من حاكم هو شاعر ثورى، لأن العبرة هنا بالمقابل الذى حصل عليه الشاعر، ومدى اقتناعه أو حبه للحاكم، ونفس الأمر ينطبق هنا على عهدى الرئيسين السابقين، أنور السادات وحسنى مبارك، حيث تعرض المثقفون لموسم هجرة جماعية، لدول الخليج وعدد من الدول الأوروبية، هربًا من الترصد بهم.
■ هل مودة بعض الشعراء للحاكم تؤثر عليه بالسلب مثلما حدث فى أزمة صلاح جاهين مع عبدالناصر؟
- صلاح جاهين من أعظم شعراء العامية فى مصر، لكنه أحب عبدالناصر بشكل كبير، وقال فيه الكثير ومدحه بشكل لا سابق له، ولكن حبه للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أضره مثلما أضرنا جميعًا، وتحديدًا عقب نكسة يونيو ١٩٦٧، وأرفض اتهام البعض له بأنه اتجه لكتابة الأغانى التافهة، حيث لجأ إلى ذلك على سبيل الهزار والترفيه فقط.
■ كلمة عن فؤاد حداد وهشام الجخ؟
- فؤاد حداد فهو شاعر رائع، وتجربته الشعرية ممتازة للغاية، وكان يمتلك كافة أركان الشعر العربى، سواء الفصيح، أو العامى، وكان الشعر بالنسبة له لغة للنضال والتعبير عن الأحلام العظيمة، وعن الأفكار والمبادئ التى اعتنقها، وهو من أفضل شعراء العامية، أما هشام الجخ فلا أعرفه.