الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الجماعات الجهادية السورية تحتفي بانفصال "النصرة" عن "القاعدة".. وتؤكد: "الجولاني" خليفة "بن لادن" والوقت حان للتوحد.. وأستاذ علوم سياسية: "داعش" يُخلي مناطق نفوذه الاستراتيجية لتملأها فصائل أصغر

التشبيه ببن لادن.
التشبيه ببن لادن.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بين عشية وضحاها، أصبح أبو محمد الجولاني، أمير جبهة النصرة، بطلًا جسورًا، في نظر الفصائل الإسلامية المعارضة بسوريا، وأيقونة لتوحدها، الذي تسعى إليه ولا تدركه، منذ اندلاع أحداث الاحتجاجات على نظام الرئيس بشار الأسد في 2011، بعد أن ظهر بوجهه للمرة الأولى قبل أيام، معلنًا انفصال «النصرة» عن «تنظيم القاعدة»، وتشكيل جماعة جديدة باسم «جبهة فتح الشام»، بهدف سد ذرائع المجتمع الدولي، في استهداف الفصائل، لصلاتها بجهات إرهابية خارجية، وتوحيد الفصائل المتعارضة فكريًا مع القاعدة. 
ورغم تأكيد «الجولاني» وأعضاء «النصرة»، فضلًا عن أحمد حسن أبي الخير، نائب أمير القاعدة، على أن تفكير «الجبهة»، لن يتغير، وستظل هادفة إلى تشكيل حكومة إسلامية في سوريا، والحفاظ على التيار الجهادي بها، إلا أن القرار لاقى ترحيبًا واسعًا من كل الفصائل؛ باستثناء حركة جيش الإسلام، التي تواجه خلافات مع الجبهة، وتحالف جيش الفتح، منذ بضعة أشهر، والتي قالت على لسان محمد مصطفى علوش، المتحدث باسمها، إن فك الارتباط خطوة أولى في صالح الثورة السورية، ولكن يجب أن يعقبها «فك الارتباط المشاريعي والفكري والمنهجي والعملي» بين الجبهة والقاعدة، وتبني مطالب الشعب السوري فقط.
ووجهت حسابات تابعة للفصائل المعارضة نقدًا شديدًا إلى كلمات علوش، معتبرة أنه يريد أن تتخلى الجبهة عن أفكارها وتقبل المفاوضات مع النظام والروس والأمم المتحدة، كما فعل جيش الإسلام. فيما عبرت عن ترجيبها بخطوة الجبهة ودعوتها للتوحد، حيث ثمّن ما يُسمى «تجمع أهل الشام» خطوة الانفصال، معلنًا الاستعداد للمشاركة بأي عمل يوحد كلمة الفصائل الجهادية ويقارب بين رؤاها المتنوعة، ويستثمر كفاءاتها "لبناء حضارة الإسلام السامية بما يحقق التماسك للجبهة الداخلية من مدنيين وعسكريين. 
كما باركت حركة أحرار الشام، أهم حلفاء الجبهة وأكبر الفصائل الإسلامية السورية، خطوة الانفصال، ووجهت الشكر للجبهة، مؤكدة أن تلك الخطوة لا بد أن يتلوها توحد الفصائل في كيان واحد، كواجب عظيم عليها تلبيته، ووجه أبو صالح طحان، نائب قائد الحركة للشئون العسكرية، الدعوة إلى الفصائل لاستغلال انفصال الجبهة والتوحد معها، دون الالتفات إلى تهديدات المجتمع الدولي، موضحًا: «فلتتركوا قواربكم الصغيرة ولتطلبوا سفينة الوحدة فالعاصفة هوجاء وستبتلع الفرادى والضعفاء دون غيرهم فسارعوا».
وأوضح أبو البراء «معرشمارين»، عضو مجلس شورى الحركة، أن رجال الدين المعارضين طرحوا موضوع تكوين فصيل موحد للمعارضة عدة مرات، ولم يكن أمامه من عائق سوى ارتباط النصرة بالقاعدة، لذا حاولت أحرار الشام حاولت الضغط عليها لفك الارتباط، لا سيما أن ذلك كان هذا شرطها الوحيد للتوحد معها.

وأشار «معرشمارين» إلى أن الجيش السوري الحر هو جزء أساسي من أي فصيل موحد، وهو ما يؤكد توقعات الخبراء بسعي الجبهة إلى التوحد مع الجيش الحر، وبالطبع أيد الحزب الإسلامي الكردستاني التابع للقاعدة خطوة الجبهة، مؤكدة أنه يراها تهدف إلى أن تكون "نواة واحدة تتكاتف عليها الجهود.
وقال توفيق شهاب الدين، قائد حركة نور الدين الزنكي: «نبارك لإخواننا ولأنفسنا الخطوة المباركة الشجاعة من جبهة النصرة»، وكذلك انضمت جماعة الإخوان المسلمين إلى مؤيدي الانفصال، معتبرة أنه «خطوة أولى نحو محلية الثورة»، ورأت أن أهداف الجبهة الجديدة تحتاج المزيد من الالتحام مع الحاضنة الشعبية برد الحقوق والمظالم، وعلى الجميع أن يقوم بمراجعات شاملة تعود بالنفع والخير على الشعب وثورته.
فيما كان الفصيل الأكثر تأييدًا لخطوة الانفصال هو حركة أجناد الشام، التي صرح قائدها العام أبو حمزة الحموي لوكالة إخبارية سورية بأنه لمصلحة الثورة السورية، معربًا عن دعم الحركة بقوة لهذه الخطوة، وجاهزيتهم للتوحد مع جبهة فتح الشام.
واحتفت الفصائل جميعًا بالجولاني بشكل كبير، حتى أنهم تمنوا أن يتم طباعة صورته على العملة السورية «الليرة»، وشبّهوه بمؤسس القاعدة أسامة بن لادن في ابتسامته وارتدائه الزي العسكري والعمامة، وزعمت خروج أهال الشمال السوري في تظاهرات لشكر القاعدة والجبهة وتأييد الانفصال. 
يُذكر أن «الجبهة الجديدة»، أعلنت ميثاق أهدافها، وأهمها المرجعية السلفية والسعي للحكم بالشريعة الإنسانية وفق منظروها، وموالاة المسلمين جميعًا ضد الكفار، أي قوى التحالف الدولي، والدعوة للتوحد على أسس شرعية سليمة.

ودعا مؤيدو «الجبهة»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تخلي الفصائل الأخرى عن داعميهم من المخابرات الدولية، اقتداءً بتخلي الجبهة عن القاعدة لإعلاء المصلحة العامة. 
وفيما بدا تنظيم «داعش»، راغبًا في إفساد نجاح جبهة فتح الشام، وبث مقطعًا مصورًا يسخر من الانفصال عن القاعدة، وأيضًا رغم تأكيد القيادات العسكرية للتحالف الدولي على أن الجبهة تمثل خطرًا وإن انفصلت عن القاعدة، وسوف تظل كيانًا إرهابيًا، إلا أن الأحداث تتجه نحو سيطرة فكرية وعملية للقاعدة على الساحة السورية، وتقدمها اللافت في مقابل تراجع كبير لنفوذ داعش في سوريا، وهو ما يظهر في تكثيف عملياتها العسكرية ضد الجيش العربي السوري. 
وفي هذا السياق، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمدير السابق لمركز دراسات الشرق الأوسط، إنه من المبكر توقع تمدد نفوذ القاعدة في سوريا وسيطرتها على الأرض، مشيرًا إلى أنه من الواضح وجود مناطق «فراغ استراتيجي»، في سوريا منذ أكثر من أسبوعين، نتيجة تراجع النفوذ الداعشي، لتتحرك تنظيمات مصغرة لملء تلك الفراغات وإن لم تتمركز لها بعد، لا سيما مع كونها مناطق واسعة ويمكن توزيع النفوذ الاستراتيجي بها. 
وأوضح «فهمي»، أن ذلك يحمل مؤشرًا إلى أن «داعش» يستخدم تكتيكًا استراتيجيًا لنقل نفوذه إلى أحزمة جغرافية جديدة خارج مناطق نفوذه التقليدي، كما ذكرت مجلة «دابق» الإنجليزية الناطقة بلسانه أمس، لمواجهة الضغوط التي تُمارس عليه والضربات الموجهة إليه من قوات التحالف الدولي والجيوش المحلية والفصائل غير الموالية له، وبالتالي يُخلي مناطق نفوذه لتسيطر عليها تنظيمات صغرى يحركها في النهاية وفقًا لأهدافه».