الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"على بولاج".. ضحية استبداد أردوغان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد الصحفي والمفكر "على بولاج"، من أقرب الكتّاب الأتراك إلى العقلية العربية وأكثرهم ميلًا إلى هوية إسلامية تتقارب مع العرب أكثر من الاتحاد الأوروبي.
ورغم ما سبق، إلا أن اسم "بولاج" أُدرج ضمن أوامر اعتقال بحق 47 صحفيًا، بتهمة موالاة المفكر الإسلامي محمد فتح الله كولن، المتهم بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت خلال الشهر الجاري.
وُلد "بولاج" في أول أيام عام 1951 في مدينة ماردين القريبة من الحدود التركية السورية، وتتميز بأغلبية سكانية عربية، وسعى للحصول على أكثر من شهادة جامعية، حيث درس أولًا بالمعهد الأعلى للدراسات الإسلامية في العاصمة التركية إسطنبول وتخرج منه في 1975، ثم درس مرة أخرى بقسم الاجتماع في جامعة إسطنبول وتخرج منه في 1980.
وتخللت سنوات الدراسة نجاحات لـ"بولاج" في الحياة العملية، حيث أسس مجلة "الفكر" في 1976، وبعد التخرج أسس دار الفكر للنشر في 1984، والتي أتبعها بتأسيس دار الإنسان للنشر، وشارك في تأسيس صحيفة "زمان" التركية الناطقة بالعربية واستمر في كتابة المقالات عبر صفحاتها حتى ما قبل سجنه، إضافة إلى تقديم عدة برامج تليفزيونية على القنوات التركية.
وتشير آراء بولاج في مقالاته وأحاديثه التليفزيونية، إلى دفاعه عن توافق تعاليم الإسلام مع قيم الحداثة، وعدم وجود تعارض بين الحفاظ عليهما معًا، وقدرة المسلم على التعايش مع الأديان الأخرى دون صدام، كما يرفض تصنيف التيارات الإسلامية إلى يمين ويسار، معتبرًا أن ذلك يقلل من قدسية الإسلام.
وله الكثير من المؤلفات باللغة التركية، منها "القضايا الفكرية في العالم الإسلامي" و"التحولات الاجتماعية في العالم الإسلامي" و"بحث الإنسان عن الحرية" و"الدين والحداثة" و"الدولة والوطنية الحديثة" و"الرجعية والمدنية" و"عودة للحياة والتاريخ والمقدس" و"علاقات الدين بالفلسفة والوحي والعقل" و"تركيا والاتحاد الأوروبي". بينما يُعرف في عالمنا العربي بكتابه "آمال كبيرة وحقائق مريرة" الصادر باللغة العربية قبل بضعة أشهر، والذي يتناول خلاله الآمال الكبيرة التي عُقدت على حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا، ووضع تركيا تحت حكمه، والشبهات حوله وما إذا كان مشروعًا غربيًا أم لا.
ويذكر بولاج في أحد كتبه، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عرض عليه مع تأسيسه حزب العدالة والتنمية - الحاكم حاليًا - أن يكون الآلة التنفيذية لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وأن يصبح محبوبًا وذا صيت كبير في المنطقة في مقابل أن يكون عميل الغرب ويضمن حماية إسرائيل ويساهم في إعادة تشكيل فكرة التدين ودعم انتشار الشيعة في المنطقة، واعترض بولاج على تلك المطالب وتعجب من عدم إدراك أردوغان لحجم ما هو مطلوب منه، لكن أردوغان أكد له أنه مدرك لما سيفعل ووافق على تلك الاتفاقية.
ولقلة المعلومات المتاحة عن بولاج، استوضحت "البوابة نيوز" المزيد عنه من المحلل السياسي التركي المعارض سنان يورولماز، الذي أشار إلى أن بولاج يعمل بالأساس صحفيًا متخصصًا بالشئون الإسلامية، وله كتاب في تفسير القرآن الكريم، وكان مستشارًا لأردوغان أثناء عمله كرئيس لبلدية إسطنبول ثم كرئيس للوزراء، وأُغلقت صحيفته "زمان" بعد قضية الفساد والرشوة التي كان أردوغان وأسرته متهمين فيها وأثارتها وسائل الإعلام المعارضة في 2014.
وأوضح يورولماز، أن "بولاج" الذي تم اعتقاله قبل أيام لاتهامه بالانضمام لحركة الخدمة، لم يتربى في الحركة وليس عضوًا بها، ولكن صحيفة "زمان" تابعة للحركة، كما يكتب في صحف أخرى عن الحركة ويدعم موقفها، وهو ما جعله ضمن القائمة الطويلة للمعتقلين، ويتضح ذلك من تصريحاته ومقالاته التي رأى فيها أن ثمة "مشروع دولي" للقضاء على الحركة، وسيمتد إلى بقية جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط فيما بعد، بهدف تهميش الجماعات الإسلامية وتحويلها إلى الراديكالية والتطرف.
كذلك حذر "بولاج" نهاية العام الماضي، في مقاله بعنوان "علينا اتباع طريق الصلح"، من إمكانية اندلاع حرب أهلية مفاجئة في تركيا وتشوه صورة الإسلام والفرد المسلم بشكل عام، نتيجة الخلاف المستمر بين حركة الخدمة والحكومة التركية، داعيًا إلى الصلح بين الطرفين ومؤيدًا للآراء التي تتهم الحركة بتحريك رجالها للتغلغل في مؤسسات الدولة، وفرض سياستها في حالة رفض الحكومة لها، واعتبر أن مكان الحركة هو العمل الخدمي والدعوي وليس السياسي.
وأضاف: "ما يحدث في تركيا هو قمع وبلطجة واعتقال لكل معارضي نظام أردوغان، وليس فقط للمنتمين لحركة الخدمة، وتعرضت شخصيات صحفية كبرى أخرى للاعتقال، ومنهم الصحفي وأستاذ القانون الدستوري ممتاز أي كورونا، الذي أنقذ حزب العدالة والتنمية من الإغلاق في 2007 ثم عارض التصرفات غير الديمقراطية لأردوغان في الفترة الأخيرة، وأيضًا الصحفي المعارض شاهين الباي من كتّاب صحيفة زمان".