السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

في توصيف المشهد الانقلابي الجديد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من حين لآخر يحاول التحالف الانقلابي في اليمن أن يأتي ببعض الحركات البهلوانية من قبيل إثبات الحضور، في حالة يمكن توصيفها بأنها مجرد "حلاوة روح" أي نحن ما نزال نحيا، ومن هذا القبيل يأتي توصيف التطور الجديد الذي أعلن فيه التحالف الانقلابي عن تشكيل المجلس الرئاسي،وفي محاولة للوقوف على كامل الصورة آثرت تشريحها من عدة زوايا.
 من حيث الشكل العام، جاء إخراج المشهد بشكل أشبه بمهرجين في سيرك، يكفي أن رأى الشعب اليمني الرئيس السابق الذي لطالما التقى رؤساء الدول والزعامات العربية والدولية وحتى القبلية، وقد تقزم إلى هذا الحد، وبدت على وجهه علامات الخنوع والكآبة، رغم محاولات إخفاء ذلك والقيام ببعض الإيماءات التي توحي بالانتصار، ويحاول بعض أنصاره تبرير ذلك باعتبار أن الرجل في حالة حرب فمن الطبيعي أن يكون متجهما، لكن أي قاريء ودارس للغة وعلامات الوجه والجسد يعي تماما أن المشهد الذي ظهر فيه كان مظهرا مثيرا للسخرية، وعلامات الحسرة هي ماكانت تطبع المشهد، وما هذه الحركة الانقلابية الجديدة كما تعارف على تسميتها إعلاميا، إلا بمثابة صرخة الطير المذبوح.
 من حيث المضمون، كانت جماعة صالح تحاول أن تتبرأ كثيرا من كل الممارسات الهمجية والبربرية التي تحدث، ناسبين المسئولية فيها لجماعة الحوثي، والعكس بالعكس من قبل جماعة الحوثي، الأهم أن كلا الطرفين كان يتبرأ من الآخر بأعلى درجات الاحتقار، فالحوثيين يقدمون انفسهم كثوار، فما هي الثورة اليمنية اذن إذا لم تكن على صالح؟! .
كما أن جماعة صالح لم يكونوا يستنكفون عن وصف جماعة الحوثي بالهمج، وأنه لولا الظروف التي جمعتهم، لما أمكن الالتقاء مع هذه الجماعة العنصرية الهمجية كما يهمسون إلينا عادة، لكن هذه الحركة الانقلابية، جاءت لتضع نقطة النهابة على كل هذه التبريرات التافهة التي لطالما قدموها، فالجماعتين قد اعلنتا رسميا عن شراكتهما ومسؤوليتهما عن كل الجرائم السابقة، ووجب أن تدفعا ثمنها معا.
من حيث التحليل السياسي، يمكن النظر للمشهد من زاويتين؛ الأولى لماذا أقدم التحالف الانقلابي على هذه الخطوة؟ وما الذي شجعهم عليها؟!
من خلال التجارب السابقة مع الانقلابيين نجد أنهم عادة يلجئون لأي خطوة جديدة في محاولة لفرض أمر واقع، خاصة بعد أن اختبروا واستمزجوا المجتمع الدولي غير مرة، ووجدوا أنه لايصنع شيئا، فإذا كان لم ينتفض لاختطاف مدير مكتب الرئيس ومحاصرة الرئيس والحكومة، فما الذي يمكن أن يستنفره أكثر، وأنه لا نية لديه كما قرأوا لتنفيذ شيء مما يفرضه الفصل السابع في مثل هذه الحالات، وأن المجتمع الدولي إنما يتعامل مع الأمر الواقع.
أما ما شجعهم فليس أكثر من تلكوء الراعي الدولي في إدانتهم أو حتى اتهامهم رسميا بأنهم الطرف المعرقل واتخاذ إجراءات واضحة محددة ضدهم. ثم تلا ذلك زيارة مبعوث الأمين العام لصنعاء ومقابلته الرئيس السابق، وكأنه بمثابة اعتراف له بأنه عامل محرك للأحداث وبأنه فاعل سياسي، رغم العقوبات المفروضة عليه وتسميته في قرارات مجلس الأمن بوضوح بأنه طرف معرقل للعملية السياسية.
ويبدو أن هذا الأمر شجعهم أكثر حيث ارتأوا أنهم كلما تجبروا وأمعنوا أكثر في غيهم وقتلهم، كلما حصلوا على امتيازات وفرضوا نفسهم على أجندة المجتمع لدولي، فلم يعد طموحهم الآن تحسين موقفهم التفاوضي كما كان قبل اسبوعين مثلا، بل العودة للطموح السابق بتسيد المشهد والانفراد به، وهو ما اتضح جليا من إعلاناتهم العنترية في الجولة الثانية من مشاورات الكويت في رغبة واضحة لإفشال المفاوضات، وهنا تكمن خطورة أن تشهد الأيام القادمة تطورات إجرامية أكثر من قبلهم، طالما وما زال المجتمع الدولي يتعامل معهم بنفس البحبوحة، مما سيدفعهم للتمادي.
أما الزاوية الثانية، فهي المتصلة بالمجتمع الدولي، ربما من السذاجة تجاهل الدور الدولي الذي يراه البعض محايدا، وإن كان أكثر من مجرد محايد بل مشجعا وداعما للحوثي لإحداث المزيد من الدمار والحرب، ناهيك عن الدور الإيراني الذي أصبح جليا في كونها رأس حربة تنفيذ ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد مثلها مثل داعش تماما، لتقسيم وتفتيت المنطقة العربية، كما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا، وما كان يحاك لمصر والبحرين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إخراج اليمن من هذا المشهد، وهذا لايدخل صمن نظرية المؤامرة وهي المقولة التي أصبحت بمثابة البعبع التي يحاول البعض إرهابنا بها، لنكف عن قراءة تسريبات المخطط ولنكف عن التفكير خارج الصندوق، ونكشف هذه الأجندات التي ظهر تنفيذها للعلن وقسمت وفتت الدول بينما هم لا يزالون يعانون حالة الإنكار.
أخشى ما أخشاه أن هذا ما يراد لليمن أن يعيش حالة اللا سلم واللا حرب، اللا وحدة واللا انفصال، وهو الأمر الذي أعلن اليمنيون منذ البداية أنهم لن يقبلوا به، ومن أمامهم ومن خلفهم أيضا أخوتهم العرب الذين وعوا الدرس جيدا، ولن تقبل هذه المجموعة الداعمة للشرعية إلا بتحرير كل شبر في اليمن واستعادة الدولة، ومن ثم لكل حدث حديث. 
أما كل ما تقوم به الجماعة الانقلابية فسيبقى باطلا، وما بني على باطل فهو باطل، حتى لو أولجوا الجمل في سم الخياط، فسيبقى باطلا.