الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خدعة انصهار "القاعدة".. جبهة النصرة تعلن انفصالها عن التنظيم لإنقاذ فلولها من الضربات الدولية.. "الجولاني" يختبئ في صفوف الثوار والظواهري يكتفي بدور "حكيم الأمة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مفاجأة من العيار الثقيل فجرها أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، بظهوره لأول مرة، وإعلانه فك الارتباط عن أيمن الظواهري وقيادات القاعدة، وبداية الاتجاه إلى طريق جديد بعيدًا عن كل هؤلاء لما اسماه بحماية "المجاهدين" في سوريا وتغليب المصلحة العامة عن المصالح الخاصة وتلبية لمطالب أهل الشام.
وحملت كلمة "الجولاني" رسائل مختلفة عن مصير تنظيم القاعدة نفسه، وكواليس القرار الذي اعتبر نقطة تحول خطيرة في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط نفسها ومستقبل الفصائل المسلحة، خاصة بتأكيد زعيم جبهة النصرة التي تحولت إلى "جبهة فتح الشام"، وأن القرار جاء بناءً على موافقة أيمن الظواهري ونائبه أحمد حسن أبو الخير، لما أطلق عليه "مصلحة الجهادة عامة".
واعتبر الجولاني، موافقة الظواهري بأنها "موقف من النور" سيسطره التاريخ في سجله، خاصة أن موافقته ستعمل على تكوين جسم موحد يقوم على الشورى باعتباره سيقوم على "الدفاع عن أهل الشام"، ومنع الذرائع التي يقوم بها التحالف الدولي بقيادة أمريكا والضربات التي تشنها روسيا لمساعدة بشار الأسد تحت غرض ضرب جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، ما يتسبب في قتل من وصفهم بـ"المجاهدين"، وأهل الشام، والعمل على التوحد مع الفصائل الأخرى.
وكشفت عناصر تابعة للقاعدة عبر منتديات التنظيم، بعض كواليس القرار المصيري الذي اتخذه الجولاني وتبعياته، وقال أحد الأعضاء يدعى "مزمجر الشام"، إن الانفصال عن القاعدة جاء بعد مشاورات كبيرة، وأن ذلك ليس التغير الوحيد الذي ستشهده النصرة، بل إن قيادات في التنظيم انشقت عنه، وقيادات أخرى ستعلن انشقاقها قريبًا.
وأوضح أن قرار تخلي جبهة النصرة عن اسم القاعدة بالرغم من صعوبته ومخاطره على الجماعة يؤكد أنه لا مستقبل لأي جماعة بعيدا عن ما أسماه "الثورة الشعبية" ومشروعها، وهو ما يؤكد اقتراب "الجولاني" من الواقع السوري بعيدًا عن وضع القاعدة.
وذكر أن زوال اسم القاعدة من الساحة السورية سيرافقه زوال منطق الوصاية وخطاب المزايدات، واللجوء للاعتصام مع بقية الجماعات الثورية لتحقيق ما وصفه أهداف الثورة، ملمحًا بأن هناك أعضاء بالتنظيم ما زالوا رافضين لفكرة فك الارتباط عن القاعدة.
ونقلت منتديات مقربة لتنظيم "داعش"، عن حسابات جهادية، انشقاق قيادات أخرى عن تنظيم القاعدة وهم "حمود"، أمير حلب سابقا، وأبو طلحة نائب الأمير، وذكرت أنه من المرجح أن يتبعهما كل من المسئولين الاقتصادي والأمني للجبهة.
وبحسب تلك الحسابات فإن بعض قيادات القاعدة التي قدمت مؤخرا من إيران ما زالت تعارض خطوة فك الارتباط بالقاعدة، وأن عددا من جنود النصرة سيتركون التنظيم حال فك ارتباطه بالقاعدة، لكن الانشقاقات ستكون على مستوى الأفراد وليس القيادات الذين يوافقون على قرار الجولاني.
من جانبه، قال عمرو عبدالمنعم، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن عملية فك ارتباط جبهة النصرة عن القاعدة كانت لها دلالات أولية منذ عدة أسابيع، أولها خروج أيمن الظواهري نفسه بتسجيل صوتي عن فك الارتباط بالتنظيمات وفوائد تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة.
وذكر في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن التيار الجهادي في سوريا فطن لدرجة كبيرة أهمية الحاضنة الشعبية باعتبار ان القاعدة مطاردة ومتهمة بالإرهاب مما عد عبء عليها، بجانب كون القاعدة بدأت خلال الفترة الأخيرة تتلاشى كأشخاص بمقتل عدد كبير من القيادات في دول مختلفة مثل أفغانستان واليمن وباكستان وسوريا والعراق، وانضمام عدد كبير منهم إلى تيارات أخرى مثل داعش.
وبحسب الباحث في شئون التيارات الإسلامية، فإن بعض الدول العربية التي تدعم المعارضة السورية لها مصالح من استقرار الفصائل السورية، وتنمية علاقتها بها لضرب التيار الاقليمي لإيران وأذرعه خاصة في سوريا، ما يجعلها تحرص على العلاقة مع جيش الاسلام واحرار الشام والنصرة وغيرها.
وعن قرار فك الارتباط، قال "عبدالمنعم، أنه يوجد ارتياح داخل تنظيم القاعدة نفسه على مستوى القيادة، حيث أن القرار جاء بعد مشاورات مختلفة وجلسات كبيرة ولجان شورى لقيادات التيار الجهادي، وهو ما جعل "الجولاني" يحرص على ظهور أبو عبدالله الشامي، وأحمد سلامة مبروك الملقب بـ"أبو الفرج المصري"، وهما اثنان من أبرز مشرعي ومنظري الجهاد والقاعدة بجانبه.
وحول ظهور الجهادي المصري "أحمد سلامة مبروك" الذي اعتقل بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات عام 1981، وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات في "قضية الجهاد الكبرى"، قال "عبدالمنعم"، إن آخر ظهور له في القاهرة كان منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في زواج نجلة الشيخ مجدي سالم بإحدى قاعات المريوطية بحضور عدد كبير من ممثلي التيار الإسلامي، ثم سفره بعدها إلى سوريا، غير أن حضوره كان مؤشرًا آخر حول مكانة تنظيم القاعدة ووجوده وبداية لحلها وذوبانها في عدد مختلف من التيارات المسلحة الموجودة.
وأوضح الباحث الإسلامي، أن تنظيم القاعدة نفسه ينصهر منذ فترة كبيرة، ويضم قياداته وعناصره إلى جميع الفصائل والجماعات الجهادية، وأن قياداته الحاليين وعلى رأسهم أيمن الظواهري يرفضون الخروج وإعلان ذلك حتى لا يتلاشى تاريخ قيادات الجهاد وعلى رأسهم أسامة بن لادن نفسه.
وبالنسبة لمصير أيمن الظواهري، أشار "عبدالمنعم"، إلي أنه سيتقاعد قريبا ويتحول إلى منظر وهو ما يطلق عليه الجهاديون اسم "حكيم الأمة"، وربما تكون مفاجأة بحصوله على لجوء لإحدى الدول كالدنمارك والسويد، والعمل تحت انظار استخبارات الدول الكبرى التي تبقيه لتحقيق مصالحها وأهدافها الخاصة، ليتحول دوره فقط إلى منظر جهادي.
واعتبر "عبدالمنعم"، فك ارتباط النصرة هو بداية حقيقية لتقاعد القاعدة، وبالتالي انضمام الجبهة إلى جميع التيارات الأخرى وتشكيل فريق مشترك بعيدًا عن تنظيم الدولة "داعش".