الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

نوازد صواش أحد رجال "كولن" لـ"البوابة نيوز": "دواعش" عرب شاركوا في مظاهرات دعم النظام وذبحوا مجندين من الجيش.. أصوات داخل "العدالة والتنمية" تعارض "أردوغان".. والقيادات العسكرية الجديدة ستصفي ثأر2007

نوازد صواش
نوازد صواش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بما أن الروايات حول الانقلاب التركي تضاربت، وبدت الصورة غامضة وما زالت، فإن الأمور تقاس بخواتيمها، وخاتمة ليلة الخامس عشر من يوليو كانت "اعتقالات".
هكذا نصت المراسيم الصادرة عن الحكومة التركية، على مدى الأسبوعين الأخيرين، والتي ورد فيها نشرات حكومية بعدد المستبعدين والمقبوض عليهم من مؤسسات الدولة بتهم الانتماء لحركة "الخدمة" المتهمة الأولى في محاولة الانقلاب الذي شهدته تركيا مؤخرًا.
وقدرت رئاسة الأركان التركيّة، في مرسوم صادر عنها، عدد المتورطين في تنفيذ محاولة الانقلاب بثمانية آلاف و651 عسكريًّا، ما يعادل 1.5% من عدد قوات الجيش التركي. وأضافت أن عدد المقاتلات المشاركة في أحداث 15 يوليو كان 35 مقاتلة، بجانب37 مروحيّة و74 دبابة وثلاث سفن. الأمر الذي فسر إقالة 149 جنرالًا وأميرالًا في الجيش التركي من إجمالي 300، ما يعادل استبعاد 50% من قيادات الجيش.
ولم يقتصر الأمر على المؤسسة العسكرية، بل وصل حتى وزارت الثقافة والتعليم والصحة. وبشكل موازٍ باركت منظمة التعاون الإسلامي التوجه الحكومي لأنقرة، إذ اعتمد وزراء خارجية الدول الإسلامية، مشروع قرار لإدراج جماعة الخدمة التابعة للمعارض التركي فتح الله كولن، كـ"كيان إرهابي". 
وقلل نوازد صواش، أحد أبرز قيادات "الخدمة" في مصر، والمشرف على مجلة حراء المعبرة عن فكر فتح الله كولن المقيم في أمريكا ويتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب، من خطوة منظمة التعاون الإسلامي، محذرًا في حواره مع "البوابة نيوز" من خلق فئة تتبنى العنف ضد الدولة لما وقع عليها من "ظلم".
وإلى نص الحوار...
- البداية أحب أن تكون هنا، من آخر تطورات الملف التركي، وتحديدًا قرار منظمة دول التعاون الإسلامي بقبول مشروع قانون يدرج حركة الخدمة في قائمة الكيانات الإرهابية، كيف استقبلت هذا القرار؟
أظن أن هناك سوء فهم في الموضوع، ما صدر عن المنظمة ليس إدراجًا ولكن موافقة على مشروع قرار سيطرح في القمة المرتقبة في أكتوبر على ما أظن، وهذا يعني أن المنظمة وافقت في جلساتها التحضيرية للقمة على فتح النقاش حول إدراج الخدمة كجماعة إرهابية، أي أن الأمر ما زال مطروحًا ولا يمكن اعتباره إقرارًا بإرهاب "الخدمة".
ولكن كونه مشروع قرار لا ينفي أن الموافقة عليه تحمل دلالة..
الأمر فيه انتهازية من قبل جهة سياسة معينة، اعتقد انها تركيا، لإقحام المنظمة في قضية سياسية محدودة، وبما أن القضية قد تم فتحها فأنا أدعو المنظمة؛ بما إنها تهتم بمشاكل المجتمعات الإسلامية، أن تأخذ المبادرة لتشكل لجنة حيادية سيادية عالية المستوى - من أمراء ورؤساء وملوك ووزراء- لتحقق في قضية الانقلاب وفي الاتهامات التي وجهها "أردوغان" لحركة "الخدمة" والاتهامات الموجهة من "الخدمة لـ"أردوغان". 
- وماذا عن توقعك حول قرار المنظمة المرتقب بخصوص "الخدمة"؟
في رأيي الشخصي أن المنظمة لن تتسرع في الأمر، كما إنها لن تسمح بإقحامها في مشكلة سياسية، وإذا ما وافقت على تصنيف "الخدمة" كمنظمة إرهابية، فإنها ستفقد مصداقيتها وتتخلف عن باقي المنظمات الدولية، فلا يعقل أن يرفض الاتحاد الأوروبي مزاعم "أردوغان" عن إرهاب السيد فتح الله كولن، ويطلب تحقيقات وأن تقول أمريكا أرسلوا الأدلة لنحقق ونصل لحكم قضائي، لتتسرع منظمة التعاون الإسلامي في قرارها دون حكم قضائي وتستجيب لدعاية إعلام "أردوغان" المروج لإدراج "الخدمة كـ"كيان إرهابي"، المطلوب أن يفتحوا الملف في بث مباشر لنرى من الذي يمارس الإرهاب.
- كررت مصطلح "إقحام" أكثر من مرة، هل تقصد أن المنظمة تم دفعها للأزمة دون موافقة من الدول الممثلة بها؟
واضح أن الموضوع فيه إقحام وضغط من قبل الطرف التركي؛ لماذا؟! لأن تركيا تفعل هذا في كل دول العالم حين تطالبها بغلق مدارس حركة "الخدمة"، ودول عديدة رفضت هذه المطالبات معتبراها تدخل في الشأن الداخلي، ألبانيا مثلا رفضتها والسنغال ودول أخرى كثيرة رأت في دعوات تركيا تدخل، لأن هذه المدارس هي شركات استثمارية تعمل بمقتضى قانون هذا البلد بالاتفاق مع الجهات التعليمية المعنية، وتم إخضاعها لتحريات الأمن الوطني في الدولة.
ورغم ذلك فستظل الحكومة التركية تعمل بكل الطرق لتحقيق مأربها.. فهل ستنجح؟! هذا امتحان للمنظمات الدولية.
- بمناسبة دعوات الحكومة التركية لغلق مؤسسات "الخدمة"، كيف ترى نتائج هذه الدعوات؟
لا أظن أن التبعات ستكون سيئة، بالعكس، فـ"الخدمة" مشروع اجتماعي يقوم على أنشطة تخدم الناس؛ فمن ثم غلق مدارسها غير وارد، نيجيريا مثلًا وحدها لديها 20 مدرسة وجامعة ومستشفى، ورغم ضغوط السفارة التركية عليها، إلا أنها قالت إنها حققت ولم تجد ما يدين "الخدمة".
اعتقد لذلك إن طلبات الحكومة التركية بغلق مؤسسات "الخدمة" حول العالم هي فرصة ذهبية لإعادة نظر المجتمعات في أنشطة الحركة، إذ كانت مؤسسات الخدمة إرهابية فلتذهب إلى الجحيم، أيضًا هو فرصة تاريخية لتقيم عمل الحكومة التركية، الخدمة نظيفة مائة بالمائة، ونحن مرتاحون ولا أظن أن النتيجة ستكون لصالح الحكومة.
- لكن الأردن تحديدًا أقدم على إغلاق مدرسة تابعة لحركة الخدمة لديه، كيف رأيت القرار؟
لم تغلق أي دولة عربية مدارس "الخدمة"، ولكن ما حدث في الأردن، أنا شخصيًا، تواصلت مع مسئولي المدرسة هناك، وقالوا لي إن الإشكال تقني؛ إذ طالبت وزارة التربية والتعليم الأردنية، في وقت سابق، بعض المدارس الخاصة بتأمين أرواقها، وتم تعليق عمل المدارس المذكورة، منها مدرسة لـ"الخدمة"، لحين توفير الأوراق، والخلط وقع عندما تم التعليق في وقت قريب من أحداث تركية، ما ترك انطباعًا بأن التعليق كان على خلفية الأحداث، ولكن هذا غير صحيح، ووزارة التربية والتعليم أكدت لمسئولي المدرسة أن لا علاقة للقرار بما يجري في تركيا، والأيام القادم ستثبت ذلك حين تعود المدرسة للعمل.
- بالعودة إلى سعي تركيا لإدراج "الخدمة" ككيان إرهابي من قبل منظمة التعاون الإسلامي، هل هناك علاقة بين هذا السعي ومحاولات أنقرة لإقناع أمريكا بتسليم السيد فتح الله كولن؟
اعتقد أن الأمر بخصوص منظمة التعاون الإسلامي قد وضح، كما قلت هو قرار لجنة تحتية داخل المنظمة والغرض من الترويج له هو تشويه الأجواء واستقرار انطباع في عقل الناس يؤكد على إرهابية الحركة.
وأنا اعتقد أن الحكومة التركية لن تنجح في ذلك، لأن الدولة الإسلامية ليست أطفالًا، بمعنى أن لديها أجهزتها وتحرياتها ومؤسساتها، لذا فالأمور لن تسير بما تشتهي سفن السلطات التركية.
أم الشق الثاني من السؤال وهو عن موقف أمريكا من تسليم الأستاذ، فأن أمريكا في ملف تسليم الاستاذ واضحة، وتؤكد إنها تتعامل وفقًا للقانون، ولعلك تذكرين عام 2000 عندما وقف الأستاذ أمام المدعى العام الأمريكي لطرح عليه أسئلة المدعى العام التركي الذي كان علماني كمالي متطرف، اتهم الأستاذ بأنه يسعى لتكوين دولة إسلامية في تركيا عبر انقلاب 1997، وسارت القضية وقتها بأن تلقى المدعى العام الأمريكي أسئلة المدعي العام التركي وحكم آنذاك ببراءة الأستاذ.
في نفس السياق أخبار كثيرة تتطاير حول انتقال الأستاذ إلى كندا أو سويسرا أو مصر، وهذه الأخبار ليس لها أصل من الصحة، الأستاذ فتح الله كولن يعيش في أمريكا وقد قال كلمته في الأحداث وانتهت القصة.
- وماذا عن توصيات السيد فتح الله كولن لكم حول كيفية التعاطي من الضغوط الواقعة عليكم؟
توصياته لم تتغير هي تقريبا كما هي، أولًا نحن عنصر أمن وأمان وسلم وسلام في المكان الذي نوجد فيه، ونسعى لخدمة البلد الذي نقيم فيه، ولا نخرج على قوانينه، كما لا نتدخل في الشأن السياسي له، وهو طالبنا بالصبر على الأزمة الحالية لأنها محنة وستمر، كما أوصانا بإخلاص النية لله والتواصل مع الناس وتوضيح وجهة نظرنا لهم.
- قررت الحكومة التركية غلق عدد كبير من وسائل الإعلام الغير موالية لها، كيف رأيت ذلك؟
ما حدث ليس له أي تفسير إلا أن الحكومة التركية انتهكت حقًا مقدسًا من حقوق الإنسان وهو حرية الاختلاف معك وحرية الحصول على المعلومة، ويذكرنا ذلك بحكومات فاشية مثل موسوليني، ولينين. واعتقد أن منظمات دولية كانت لها كلمة في هذا الشأن إذ أدانت كثير من الدول والمنظمات قرار أنقرة، وقالت إن أردوغان يناقض نفسه والصورة الديمقراطية التي يسعى لتصديرها.
وأنا شخصيًا أعرف كتاب وصحفيين يبلغون من العمر 60 و70 عامًا يتم القبض عليهم ووضع الحديد في أيديهم وكأنهم مجرمون لمجرد أنهم معارضون.
الأعجب من ذلك قرار سمعته أمس حول تعليق عمل ما يقرب من 6000 شخص في وزارة الصحة، لا أعرف على أي أساس يتم استبعاد أطباء وممرضين بتهمة الانقلاب، أيضًا عرفت أن وزارة الداخلية تقبض هناك على المواطن لمجرد أنه خريج من مدرسة لحركة الخدمة، وتصادر أمواله، بالله بأي عقل يفكرون وماذا يريدون أن يصلوا بهذه البلد، أين تركيا القديمة، وكيف لهم يسمحون بالقبض على مواطن لمجرد أن يشاع عنه أنه يحب فتح الله كولن!!
أنا لا اريد أن أقارن لكن كل ما يحدث يذكرني بالسلوك الصهيوني ضد قطاع غزة، الذي يحرم الناس من أموالهم وبيوتهم.
- بناء على ذلك، هل يمكن أن نجد موجة غضب شعبية ضد هذه السياسات؟
طبعًا، الآن مع موجة التصفيات والمظالم تظلم جماعات أخرى بخلاف الخدمة، من يضمن أن لا تلجأ هذه الجماعات إلى تنفيذ عمليات انتقامية؟! إذ كانت الخدمة يعرّض عناصرها لمصادرة الأموال والمظالم منذ ثلاث سنوات، ومع ذلك يلتزمون بتوصيات الأستاذ بالسلم وعدم خيانة المبادئ التي أمنوا بها، فمن يضمن أن يلتزمون من هم غير منتميين لها بالسلمية؟!
- لماذا تقول إن المقبوض عليهم والمتضررين ليس جميعهم في "الخدمة"؟
بالتأكيد، كيف يمكن أن نتخيل إن كل هذه الاعداد تابعة لـ"الخدمة" إذ كان الأمر كذلك فعلينا أن نقول إن تركيا كلها خدمة وانتهى الأمر، والوضع ليس كذلك، وأنا شخصيًا من متابعتي للقنوات رأيت شهادات بعض المتضررين، منهم من يقول إنه كان يعادي "الخدمة" وآخر يقول أنا أصلًا لا أصلي، والأزمة الأكبر أن الفرد الواحد هو أسرة فأنت عندما تظلم فرد فأنت تظلم أسرة، بالله ماذا يفعلون!! هم يتحدثون عن أعداء تركيا في حين أن هم أنفسم الأعداء لها، ينشرون روح الكراهية ويدفعون الناس للتبليغ عن بعضهم، ثم يقولون إن تركيا مستهدفة، هم بهذا الشكل يخدمون مصالح اعداء تركيا أصلًا.
- هل ترى إنهم يخدمون مصالح أطراف خارجية عن دون وعي أم من قصد منهم؟
اظن أن البعض منهم غير واعي، لأن هناك آلة إعلامية وقيادات تصدر لهم رأي واحد، ولا يملكون أي مصادر معلومات أخرى بعد غلق الصحف المعارضة. وبالمناسبة الصحف التي طالها الغلق ليست صحف "الخدمة" فقط بل صحف يسارية أيضًا. 
ويقولون لهم انها حرب استقلال، وأن العالم كله اجتمع على إسقاط أحسن نظام تأسس، أي نظام العدالة والتنمية، لذا نجد الناس نزلت الشوارع مؤمنة بهذه الشعارات.
هذا بخصوص المؤيدين العاديين أم فريق القيادات، ففيه بعض العناصر التي تدرك إنها تخرب تركيا وهم يريدون ذلك لانهم لا يريدون تركيا مستقرة، باختصار البطل السياسي في تركيا هو من يقسم البلد وليست العناصر الخارجية، أنت العدو الأكبر لهذه البلد.
هل هناك أي مؤشرات أخرى تؤكد أن القائمين على السلطة يسعون للتخريب كما قلت؟
ليس هناك أبرز من انهم استعانوا في قيادة الجيش والأمن بقيادات انقلابية قومية شمالية علمانية متطرفة، عدوة للإسلام، عدوة للعرب يريدون تركيا صغيرة منغلقة. 
وما المترتب على ذلك؟
هذه القيادات ومن خلال ما اتخذته من قرارات حتى الآن بدا أنها لا تعادي حركة "الخدمة" فقط، بل تعادي كل من لم يقف معها في أزمتها في 2007.
الأمر باختصار أن القيادات الحالية للجيش كانت في الفترة من 2001 وحتى 2007 تدير المؤسسة العسكرية، وتم تقديمها للمحاكمة بتهمة الإعداد لانقلاب خلال هذه الفترة، وكان "أردوغان" أبرز المطالبين بمعاقبتهم، وتم حبسهم حتى قرر "أردوغان" الإفراج عنهم بالتزامن مع أزمة قضايا الفساد التي اتهم فيها مؤخرًا. وقتها زعيم "العدالة والتنمية" كان يحتاج لفصيل قوى يدعمه في موقفه الضعيف ويسكت الناس بالقوة، فاختار أن يفرج عن القيادات الانقلابية تلك ويعتذر لهم، قائلًا بالنص: "انا بريء، أنا خُدعت، جهة ما هي من زورت الوثائق واقنعتني بتورطكم؛ لذا وقفت خلف القضية، ولكن الآن أنا اعتذر لكم وها أنا الآن اعينكم في المناصب التي تريدونها". 
ومن خلال القرارات التي أصدرتها هذه القيادة، حتى الآن، نجدها قد استبعدت عناصر من الجيش عرف عنها عداؤها لحركة "الخدمة" ما يعني إنها لا تعادي "الخدمة" فقط بل جاءت لتستبعد كل من لم يقف معها أثناء القضية في 2007، فمثلًا قائمة المستبعدين ضمت أسماء علمانية كل تهمتها إنها لم تدافع عن القيادات الانقلابية في أزمتهم، بل كانوا ديمقراطيين وتنبوا رأي وقتها أن المخطئ يعاقب.
إذ كنت تقول إنهم ينتقمون من كل من لم يقفوا معهم هل معنى ذلك انهم سينتقمون من "أردوغان " نفسه؟
بالضبط هذا ما أردت أن أقولهم انهم جاءوا لينتقموا، ولا اتخيل أن اعتذار "أردوغان" قد قٌبل، لذا الأمور تسير واحدة واحدة وسينتقمون من "أردوغان" على دورهم في حبسهم.
هل تقصد أنهم سيقومون بانقلاب؟
لا يمكن أن نقر بغلق صفحة الانقلابات أو باحتمال تكرارها، لكن ما نعرفه أن الوضع خطير جدًا والجرح غائر في جسد المجتمع.
إذا ما المصالح التي جمعت بين الشتان؟
"أردوغان" في آخر عامين وجد نفسه متورط في ملفات عالمية، إذ تجده هو قلب الملف والمتورط الرئيسي، فمثلًا يواجه اتهامات بتدريب عناصر "داعشية" داخل تركيا، وتسهيل نقل النفط من "داعش إلى إسرائيل، لاسيما التطبيع مع إسرائيل والاتهامات التي يواجهها بالتورط في عمليات إرهابية داخل سوريا والعراق.
كل هذه الملفات علاوة على ملف الفساد جعل "أردوغان" يسعى للبحث عن حليف قوي يتستر على هذه القضايا.
وربما لهذه العلاقة التي تربطه بـ"الدواعش" فأننا لاحظنا وجود عناصر غير تركية في المظاهرات الداعمة التي خرجت ليلة محاولة الانقلاب، اعتقد انها عناصر على الأرجح سورية وعراقية تحمل فكر "داعش" وأصحاب لحى طويلة، وأكد هذه الروايات مشاهد القتل والتعذيب للجيش التركي، فهذه الأفعال لا يقوم بها إلا متمرسين على القتل.
إذّا تريد أن تقر بأن من نفذ عمليات القتل المذكورة ليسوا من الأتراك؟
دعينا نقول إن ليلة التظاهرات كانت الروح "الداعشية" مسيطرة على المشهد نتيجة الشحن التحريضي لهم، لكن الأمر الأهم من ذلك أن عناصر كانوا غير أتراك ظهروا وبقوة، أنا مثلًا رأيت صورة لمصلين يقفون أمام ثكنة للجيش ويصلون في نحو أربعة صفوف فقط، في رسالة منهم إنهم لن يسمحوا بخروج الجيش للانقلاب.
الغريب في الأمر ليس ذلك ولكن لانهم كانوا يصلون ويعقدون أيديهم على صدورهم وليس أسفل السرة، ما يعني انهم ليسوا أحنافًا، وبما أن الأتراك ينتمون للمذهب الحنفي، فعلينا أن نسأل من هؤلاء، ومن جاء بهم إلى هناك!!
هل ترى أن الموقف التركي من الأزمة السورية كان له دور في تطور الأحداث بتركيا؟ 
أظن ذلك، خاصة أن قيادات الجيش التي تم تصفيتها خلال الأسبوعين الأخيرين، كانت لها تحفظات على بعض مواقف "أردوغان" الداعمة لجماعات معارضة مسلحة متطرفة داخل سوريا، وهذه القيادات كانت تسأله "ماذا تفعل؟" لكنه كان ينزعج من تحفظاتها لذا قرر تصفيتها، الأمر أيضًا زاد عندما تحفظت القيادات على سياسات الحكومة تجاه أزمة الأكراد في الشرق، وتحديدًا عندما تبنت الحكومة خيار التفاوض معهم، لاحظ الجيش وقتها أن حزب العمال الكردستاني يستغل فترة التفاوض ليزيد من عناصره المسلحة، وأخبر الحكومة لكنها لم تتراجع إلا عندما فشل حزب العدالة والتنمية في حصد عدد المقاعد التي كان يريدها، فعاد إلى خيار المواجهة المسلحة مع الأكراد. هذا التحول في طريقة التعامل مع الأكراد أثار غضب الجيش على سياسات الحكومة التي سمحت بمنح فرصة للحزب الكردستاني بمزيد من التسليح.
هذه الاختلافات في وجهات النظر دفعت "أردوغان" لتصفية القيادة، مبررًا ذلك بانهم يتبعون "الخدمة" وأنا لا اظن ذلك، لأن الجيش التركي معروف أنه جيش علماني أتاتوركي حتى النخاع.
اثنين من قيادات الجيش أعلنا عن تنحيهما من باب الاعتراض على سياسات "أردوغان" كيف رأيت ذلك؟
أنا استبعد أن يكون سبب التنحي هو الاعتراض وفي الغالب هم تنحوا تحت ضغوط أو تهديدات، لأن ببساطة الإعراب عن الاعتراض سيعرضهم في الظرف الراهنة إلى الحبس، لانهم سيواجهون تهم الانتماء لـ"الخدمة".
تم الحديث مؤخرًا عن دستور جديد، كيف رأيت ذلك؟
ما هذا الدستور وماذا سيفعل، الأمر مضحك في الحقيقة، الدساتير تكتب في ظرف التوافق الوطني، وهذا ليس متوفرًا الآن.
في ظل الضغوط على "الخدمة" هل نتوقع وجود تعاطف معها ولو على المدى البعيد؟
اعتقد لن يكون هناك تعاطف على مستوى الشعب في الوقت الراهن، خوفًا من التعرض للإزاء، الأمر وصل إلى الخوف من حمل كتاب لفتح الله كولن فكيف نتخيل أن ينطقون اسمه! أم المدى المتوسط فالناس ستستفيق من السيناريو الذي قدم إليها، خاصة عندما تجد أن المقبوض عليه هو جار مثلًا يواجه اتهامات غير صحيحة، وهم سيعرفون إنها غير صحيحة بحكم معيشتهم بالقرب منه لأعوام.
الأغرب من ذلك أن أنباء تصلني أن جزءًا من قيادات "العدالة والتنمية" يتحفظون على القرارات القمعية، وأنا متأكد أن أصواتهم لو ظهرت فسيسعى "أردوغان" لتسميتهم بـ"كيان موازٍ" داخل حزبه، ويعمل على تصفيتهم.
في النهاية.. إلى أين ستصل الأمور في تركيا؟
كل الاحتمالات مطروحة في ظل العمل وفقًا لسياسات جنونية لا يعرف خطورتها إلا العقلاء، اعتقد أن تركيا لو استمرت هكذا فإنها ستواجه مشاكل مجتمعية كما إنها ستفشل في إقامة علاقات سوية مع العالم.
هل تؤدي هذه السياسات للإطاحة بـ"أردوغان"؟
كما قلت الاحتمالات كلها مفتوحة وواردة، اسأل الله السلامة والعافية لتركيا.