السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

جدل في فرنسا حول وسائل مراقبة العناصر المتشددة بعد الهجوم على كنيسة بشمال البلاد

جانب من الحادث
جانب من الحادث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد فرنسا حالة من الجدل حول آليات مراقبة العناصر المتشددة في البلاد، بعد إعلان السلطات هوية مرتكب عملية ذبح الكاهن في كنيسة في شمال فرنسا، وبعد اتضاح أن مرتكب الجريمة معروف لدى أجهزة الأمن المتخصصة في شئون الإرهاب، ويضع سوارا إلكترونيا لمراقبة تحركاته، ورغم ذلك فقد أخفقت الأجهزة الأمنية في توقع أو تجنب ارتكابه للاعتداء.
وتواجه السطات الفرنسية معضلة مراقبة العناصر المتشددة التي لم تقدم بعد على تنفيذ هجمات. فمقتل القس جاك هاميل عاد إذكاء هذا الجدل اذ أن قاتله عادل كرميش كان معروفا لدى أجهزة الأمن الفرنسية وهو مدرج على القائمة "اس" الخاصة بالاشخاص المتطرفين.
واستجابت العدالة الفرنسية إلى رغبته في الاندماج مجددا في المجتمع ووفرت له إطلاق سراح مشروط في انتظار محاكمته، وفرضت عليه منذ عدة أشهر إقامة جبرية مراقبة إلكترونية وتمتع بحرية التنقل بين ####ال8h30 #### صباحا ومنتصف النهار من الإثنين إلى الجمعة ومن الثانية إلى السادسة مساء في نهاية الأسبوع واثار حادث ذبح الكاهن في شمال غرب فرنسا وهجوم نيس الذي خلف 84 قتيلا قبل ذلك بأيام العديد من التساؤلات حول مدى تناسب الإجراءات الأمنية السارية في إطار حالة الطوارئ مع حجم التهديدات الإرهابية التي تواجهها فرنسا.و جددت المعارضة اليمينية مقترحاتها بتشديد تشريعات مكافحة الاٍرهاب إلا إن معظمها قوبل بالرفض من الحكومة التي أكدت تمسكها بالدستور والحريات.
وقال الرئيس السابق نيكولا ساركوزي:" يجب أن نتعامل بدون رحمة.. التعقيدات القانونية والاحتياطات والذرائع التي تبرر أنصاف الحلول كلها ليست مقبولة". وطالب الحكومة الاشتراكية بتطبيق دون تأخير الحلول التي طرحها حزبه "الجمهوريون" خلال الاشهر الأخيرة.
وأكد ساركوزي أن فرنسا لا يمكن أن تظل في الإطار القانوني الحالي. وكانت من أبرز مقترحاته ايداع نحو 12 ألف شخص المدرجة أسماءهم ضمن القائمة (اس) (للأشخاص الذين يمثلون تهديدا على أمن الدولة) بمراكز احتجاز.
ولفت ساركوزي إلى أن تعديل القوانين الحالية بات أمرا حيويا وإلى أن منفذي اعتداء الكنيسة حاولا مرتين السفر إلى مناطق النزاعات للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية وذلك بالرغم من صغر سنهما. وتساءل:"ألا يبرر ذلك وضعهما في مراكز احتجاز؟"
وردا على ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند رفضه لدعوات المعارضة من اليمين واليمين المتطرف لتشديد قوانين مكافحة الإرهاب بعد الاعتداء على الكنيسة، معتبرا أن القوانين التي تم التصويت عليها منذ العام 2015 تمنح السلطات "القدرة على التحرك".
وتابع أن "الحكومة تطبق وستطبق بأكبر حزم ممكن القوانين التي قمنا بالتصويت عليها والتي تعطي القضاء والمديريات وقوى الأمن القدرة على التحرك ويعززها تمديد وتشديد حالة الطوارئ".
كما رد وزير العدل جون جاك أورفواس على مقترحات ساركوزي بالتأكيد على حرص الحكومة على احترام القواعد الدستورية والأوروبية وعلى أن فرنسا لا يمكنها محاربة الاٍرهاب والتطرّف سوى بأسلحة القانون، منددا بفكرة حزب "الجمهوريون" بحبس اشخاص يمثلون تهديدا قبل أن يقدموا على ارتكاب جريمة، وواصفا إياها "بالجوانتانامو على الطريقة الفرنسية".
كما انتقد وزير العدل حصاد فترة حكم ساركوزي (٢٠٠٧-٢٠١٢) والتي شهدت شطب عشرات الآلاف من الوظائف في القضاء والشرطة والدرك.
وفي سياق متصل، أشارت فانيسا كوداسيوني استاذة العلوم السياسية بجامعة "باريس ٨" إلى أن قانون الطوارئ يتيح فرض الإقامة الجبرية على اشخاص يشكلون خطرا أو "جهاديين محتملين" إلا إن احتجاز اشخاص في مخيم هو أمر مخالف لدولة القانون ومرفوض بشدة على أي حال من مجلس الدولة.
ومن جهته، وصف سيباستيان بيتراسنتا مقرر لجنة التحقيق البرلمانية في اعتداءات باريس مقترح ساركوزي بأنه يشكل خطورة حيث قال:" لا يمكننا ايداع معتقلين متطرفين في المركز نفسه لأن ذلك سيمكنهم من التواصل مع بعضهم وتشكيل شبكة مشتركة".
وترى الحكومة أن إجراء من هذا النوع يتنافى مع أحكام القانون والدستور نظرا لأن أي احتجاز يحتاج إلى قرار قضائي وليس أمرا إداريا. وتعتبر أن القوانين الثلاثة التي اصدرتها لمواجهة الاٍرهاب تمنح الأجهزة الأمنية المختلفة صلاحيات واسعة للتحرك وذلك إضافة إلى إعلان الرئيس هولاند إطلاق حرس وطني بحلول الخريف للمساعدة في تخفيف الضغط على قوات الشرطة والدرك ولتعزيز الأمن بعد سلسلة الهجمات الإرهابية وكذلك انشاء مراكز لاعادة تأهيل المتطرفين وافتتاح 13 منها بحلول العام المقبل. وتذكر الحكومة باستمرار بضرورة توحيد الصف في مواجهة الاٍرهاب واعلاء قيم الوحدة الوطنية وعدم الاستسلام لمحاولات داعش لتأليب الفرنسيين على بعضهم واثارة حرب بين الأديان.
و يجمع المحللون السياسيون أن الجدل المتواصل حول التعاطي مع التهديدات الأمنية موضوع سيطغى بلا شك على الانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل في فرنسا والتي من المنتظر أن ينافس فيها بقوة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.