السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جراحة تعليمية.. اتجاه لإلغاء نظام الثانوية العامة وطرح بديل خالٍ من التلقين.. يستهدف مواجهة الغش وتسريب الامتحانات.. مغيث: "موضوع إنشا"..البيلي: تفاصيله غير متاحة.. طايل: يحول التعليم من حق إلى سلعة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفشل مستمر في ساحة التعليم، امتحانات الثانوية العامة الأخيرة كشفت المستور، ضربت الوزير الحالي في مقتل، عرّت أدواته وأفكاره، أثبت بالدلائل والبراهين أن "هلال الشربيني" خارج الإبداع ويحلق في دوائر الفشل، الحكومة من جانبها حاولت لملمة ما تبعثر، تسعى حاليا للتبرير والتجميل، أحدث تصريحاتها نظام جديد للتعليم بدون ثانوية عامة. 
التصريح، أعلنه الدكتور طارق شوقى الأمين العام للمجلس الاستشارى الرئاسى للتعليم، ونصه:" أن هناك نظاما جديدا للتعليم في مصر لن يضم الثانوية العامة من الأساس، وسيبدأ تطبيقه على من يلتحقون بالتعليم الابتدائى عام 2017 وسيكتمل بعد 12 عاما بشكل كامل.
شوقى وصف النظام الجديد بأنه لا يعتمد على الحفظ والتلقين ويتضمن آلية حديثة للتقييم، وسيحل أزمة الغش في الامتحانات؛ لأنه سيضع امتحانا قوميا واحدا للحكم على مستقبل الطلاب وأن التقييم سيكون تراكميا وليس لمرة واحدة.
أكد شوقي أن هذا النظام التعليمي الجديد سيتطلب تدريب المعلمين ورفع مستواهم الاجتماعي "،.. و ماذا قال " شوقي " من معلومات أخرى تفصيلية وشارحة ؟، ولم يشرح " شوقي" ولم يفسر، هل مثلا ستتغير المناهج أم لا بالرغم من اعتراف وزير التعليم بطباعة المناهج الجديدة بنسبة 75 % من الكتب الدراسية ؟ وما هي الأنظمة الشبيهة له في العالم ؟ وهل سيطبق هذا النظام على كل المدارس الحكومية والتجريبية والخاص في مصر أم على مدارس بعينها ؟ وهل سيطرح هذا النظام إلى حوار مجتمعي لمناقشته مع خبراء التعليم ؟ وكيف سيطبق هذا العام ولا يعرف عنه أي شيء من تفاصيل سوى عناوين غير واضحة ؟ .

الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، علق على المطروح قائلا: "هذا الكلام موضوع إنشاء ليس إلا "، موضحا أننا كخبراء تعليم نرى أنه لابد وأن يكون نظام التعليم لا يعتمد على المهارات الدنيا من الحفظ والتذكر ويركز على المهارات العليا من الإبداع والنقد والتحليل والفهم وغيرها ونرى أننا في حاجة ألا يكون هناك امتحان الفرصة الوحيدة في الوقت الوحيد في اليوم الوحيد.
ورأى مغيث أن نظم التعليم في العالم كله هي عملية مستمرة من أول يوم دراسي وبالتالي لا يوجد رعب مثل الثانوية العامة، متسائلا كيف سيتم النظام الجديد ؟ هل سيكون أقرب للتجربة اليابانية أو الأمريكية أم غيرها، كما لم يقل هذا النظام هل المعلمين سيتم تدريبهم على هذا النظام ؟ وكيف سيتم تدريبهم ؟، ولم يذكر لنا هل المناهج ستظل هكذا أم ستتغير ؟ أم ستكون مجرد موضوعات تأشيريه للمنهج العلمي الذي يدرس، ولم يذكر النظام هل سيطبق على التعليم الحكومي فقط أم سيشمل التعليم الخاص والأزهري والدولي. 
وأوضح الخبير التربوي، أن الحديث أن هذا النظام سيطبق في عام 2017 في الصف الأول الابتدائي، وتابع:" من المفترض أن المناهج قد انتهوا منها، لذلك اعتبر أن هذا النظام موضوع إنشاء ليس إلا، إضافة إلى أنه يذكر رفع مستوى معيشة المعلم فعل سيرفع مستوى المعلم الابتدائي وسيترك الأعدادي والثانوي لحين تطبيق النظام عليهم، أمور كثيرة غير واضحة "!.

فيما ذكر أيمن البيلي، الخبير التعليمي، أنه لم يتم وضع تفاصيل هذا النظام كاملة، ولم يعلن حتى الآن عن تفاصيله كما أن الكتب الدراسية لم يتم تغييرها ولم تطبع إلى الآن، متسائلا هل سيطبق هذا النظام على كل المدارس الحكومية أم سيطبق على التجريبية التابعة للوزارة ؟ واذا كان هناك تغيير حقيقي لنظام التعليم فهل تدريب المعلمين قد تم بالفعل على المنهج الجديد ؟ وهل تم تغيير المناهج في منظومة التعليم الأساسي ؟، هل تم طباعة الكتب كما أعلن وزير التعليم أنه قد تم طباعة 75 % منها ؟.
أوضح البيلي، أن ما أعلنه " شوقي" هو مجرد عناوين رئيسية لنظام جديد لم يكتمل بعد أم أن هناك محاولة لإخفائه ولا نعلم سبب إخفائه لأنه قد صرح أكثر من مرة، أما فيما يخص إلغاء الامتحانات في نهاية 12 عاما من التعليم فإن نظام التعليم الفنلندي هو من يقوم على التقييم الدوري كل شهر بدون امتحانات نهائية، ويتم جمع درجاتهم بتقويم تراكمي وينتهى العام بمجموع درجات الطالب بحد أدنى للنجاح.
وقال البيلي، إذا كان هذا النظام سيتم تطبيقه بالفعل فإن نظام التعليم الابتدائي فيه لا يتم تعيين المعلمين فيه إلا من حملة المؤهلات الأعلى من التعليم العالي بمعنى أن يكونوا من حاملي الماجستير والدكتوراه، وأن يكونوا من المتخصصين في فروع التعليم الأساسي مثل تعليم الأبجدية والمبادئ الأولى للحساب، وأيضا استخدام التكنولوجيا في تطبيق طرق التدريس، متسائلا هل تم تغيير المدارس لتكون بيئة تعليم جاذبة حقيقية مزودة بكل الوسائل التعليمية الحديثة والوسائط التعليمية وفقا لما جاء بهذا النظام ؟، لأن كل دول العالم التي تطبق أنظمة حديثة مثل اليابان أو فنلندا أو غيرها كلها تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية أولها تكنولوجيا التعليم وطرق التدريس غير تقليدية وأجور المعلمين المرتفعة من الأدنى إلى الأعلى والأعلى مؤهلا من الأدنى للأعلى بمعنى أن يكون الابتدائي الأعلى راتبا ومؤهلا، فهل هناك خطة متكاملة على مراحل تتم خلال 12 عاما وهناك سياسات موضوعة للتنفيذ أم أنها خطة نظرية حتى اليوم.

ورأى عبد الحفيظ طايل مدير المركز المصري للحق في التعليم، أن هذه التصريحات حول نظام تعليمي لم يعرض إلى الحوار المجتمعي وتفاصيله غير كاملة حتى يكون الناس شركاء فيه، إضافة إلى أنه بطبيعة الحالة عندما يكون وزارة أو هيئة استشارية وضعت نظاما ما ستدافع عنه ونحن خبراتنا المتوارثة عن وزارة التربية والتعليم فعندما تم تطبيق نظام التقويم الشامل ظلوا يؤكدون أنه سيحل كل مشاكل التعليم في مصر وعمل هذا النظام من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الإعدادي ثم تم الغاؤه فجأة بدون ابداء أية أسباب.
وأوضع طايل أن الفكرة الأساسية هنا أننا أمام حالة مكررة ومعادة وسببها الرئيسي هو أن التعليم في مصر يسير ويدار ليس بارتباطه باحتياجات المجتمع التنموية؛ ولكنه يدار باحتياجات السلطة السياسية للتعليم، وليس بالضرورة أن يكون رئيس أي دولة خبيرا في التعليم، ولكن كل نظام تعليمي ينتهى بانتهاء مدة كل رئيس جمهورية وهكذا.
أكد طايل أن أي نظام تعليمي يتجاهل طبيعة المشكلة الموجودة والتي يمكن حصرها في ثلاث نقاط رئيسية وهى غياب رؤية تنموية وتربوية للتعليم، لأن الرؤية الحالية سياسية قائمة على الاستخدام السياسي للتعليم بمعنى استخدام المناهج التعليمية من أجل الحشد للمشروع السياسي للنظام الحاكم منذ عهد محمد على حتى اليوم وليس موضوع الساعة، والنقطة الثانية أن التعليم المصري تعليم فقير جدا من أفقر أنظمة التعليم ماليا في العالم يقدر بربع المتوسط العالمي، والدستور يقول إنه لابد أن يكون 4 % من الدخل القومي للتعليم قبل الجامعي وما نراه لا يساوى 1.5 %، موضحا أن الأزمة الثالثة هي السيطرة الأمنية والبوليسية على التعليم المصري في حرية البحث العلمي وحرية التفكير. 
أوضع الخبير التعليمي، أن السياسة الواضحة في سياسات الحكومات المصرية المتعاقبة هي تسليع وخصخصة التعليم في مصر أي تحويله من حق إلى سلعة، فالمشكلة هنا أن التصريحات حول نظام تعليمي جديد أن توضع تفاصيل هذا النظام ودون إشراك المجتمع المدني والمهتمين بالتعليم في صياغة رؤية للتعليم فسيكون كل النظام الجديد " هبل في هبل" لأنه لا يجيب على سؤال: ماذا نريد من التعليم ؟.