الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جريمة في جامعة حلوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل عام ونصف العام تقريبا شهد الحرم الجامعى لجامعة حلوان أبشع جريمة تزوير فى أوراق رسمية، لو اكتملت فصولها لصرنا بصدد فضيحة علمية ستدفع ثمنها الأجيال القادمة من الباحثين فى مجال بناء المحطات النووية والقوى الميكانيكية.
وقائع جناية التزوير كما يرويها دكتور عادل عليان، الأستاذ المساعد بمركز البحوث النووية بهيئة الطاقة الذرية، من خلال وثائق ومذكرات رسمية، تتعلق برسالة ماجستير فى قسم القوى الميكانيكية بكلية هندسة المطرية التابعة لجامعة حلوان.
حيث فوجئ د. عليان، وهو المشرف الرئيسى على الرسالة كونه المتخصص الوحيد فى مجال بحثها، إلى جانب أستاذين بقسم القوى الميكانيكية بهندسة المطرية، وهما الدكتور خيرى فخرى، والدكتور سيد أبو اليزيد، بأنه قد تم تحديد موعد لمناقشة الرسالة فى ٢٩ إبريل من عام ٢٠١٥ الماضى دون علمه، وقيام أحدهما بتزوير توقيعه على تقرير صلاحية الرسالة، وملخصاتها المعدة باللغتين العربية والإنجليزية، وهو ما ترتب عليه تشكيل لجنة الحكم والمناقشة.
الرسالة تخص المهندس شهاب عبد المطلب عبد المجيد الذى رفض توجيهات مشرفه الرئيسى دكتور عليان لاستكمال الخطوات العلمية للرسالة مما جعلها منقوصة المعلومات وغير محققة النتائج.
المشكلة أن موضوع الرسالة يتعلق بسلامة المحطات النووية، وأى معلومة ناقصة أو نتيجة غير محققة ستؤثر حتمًا على الباحثين الذين سيعتمدون عليها كمرجع فى المستقبل حال مناقشتها واعتمادها.
وقد جاءت الرسالة تحت عنوان «دراسة القفزة الهيدروليكية فى مفاعل الماء المضغوط أثناء الحقن فى الفرع الساخن»، وتحاول هذه الدراسة التوصل إلى نموذج رياضى لحل مشكلة ضخ المياه لقلب المفاعل النووى لتغطيته فى حالة حدوث تسرب لمياه المفاعل.
ويؤكد الدكتور عليان أنه قام بالإشراف على الرسالة وتوجيه الطالب وحل المشكلات التى قابلته فى تنفيذ النموذج الرياضى، بالإضافة إلى تعليمه لغة البرمجة لحل النموذج والوصول إلى المتغيرات وإعدادها بشكل لائق، ثم طلب من الطالب شهاب عبد المطلب استكمال النموذج الرياضى واستنتاج باقى المتغيرات، والتحقق من النتائج التى تم التوصل إليها، إلا أنه رفض متهمًا أستاذه بعدم الفهم. وإذا تجاوزنا تطاول طالب على معلمه وأستاذه فكيف يمكن تجاوز جناية تزوير توقيع الأستاذ على مستندات رسمية؟! فرغم أنه نجح فى وقف مهزلة مناقشة الرسالة بعد إخطار عميدة هندسة المطرية، وتأكدها من واقعة التزوير، إلا أن الجامعة لم تنتفض للتحقيق فى الواقعة، إلى أن تقدم دكتور عليان بمذكرة إلى رئيس الجامعة فى يوليو ٢٠١٥ الذى قام بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة عميد كلية الحقوق السابق.
ورغم مرور نحو عام على عمل هذه اللجنة، إلا أن نتيجة التحقيق لا تزال محجوبة عن الدكتور عليان، وكأنه طالب حجبت عنه نتيجة الامتحان لتأخره فى سداد المصروفات. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، فبدلا من إعلان نتيجة التحقيق وتقديم المزور إلى النيابة العامة، فوجئ دكتور عليان بقيام نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا دكتور ماجد نجم بممارسة ضغوط عليه ليوافق على تمرير الرسالة بعيوبها العلمية الفادحة، علاوة على رفضه الإعلان عن نتائج التحقيقات الداخلية التى أجريت فى واقعة التزوير.
يحسم هذا النوع من الجرائم تقرير المعمل الجنائى بعد إحالة أوراقها الى مكتب النائب العام، لكن لهذه الجريمة دلالات أخطر وأبعد من حدودها، فهى تقدم مذكرة تفسر لنا وقائع أخرى كثيرة نشرتها الصحافة المصرية عبر سنوات تتعلق بجرائم سرقة أبحاث علمية، يكشف تكرارها عن مدى الانهيار الذى تعانيه الجامعات والمراكز البحثية المصرية فى أخلاقيات البحث العلمى، لاسيما أن بعض الكليات أضحت موصومة بعار التزوير والسطو العلمى على جهد الآخرين.
هذه السطور مدعومة بوثائق ومذكرات رسمية بين أيدينا ونقدمها إلى النائب العام ووزير التعليم العالى والبحث العلمى، لتكون للقانون الكلمة العليا.
فالقانون وحده من يضبط القيم والضمير ويحكم آلية الأخلاق.