الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يا "مهووس" الخلافة.. من استخلفك؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دخل البركان التركى مرحلة «السكون» وسط ترقب العالم توقيت عودة انفجار الحمم والنيران من فوهته بعدما أحال الرئيس التركى أردوغان ونظامه الأوضاع فى تركيا إلى قنبلة معدة للانفجار مهما اختلفت التكهنات حول توقيت هذه اللحظة.. وسط تضارب الآراء السياسية حول تصنيف أحداث تركيا بين مسرحية أو محاولة انقلاب.. ومعلومات تتكشف.. وعلامات استفهام تعددت الأجوبة عنها.. تبقى حقيقة عجز أردوغان عن التقاطها من دولتين ما زالتا تمثلان نموذجا كارثيا لحالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى نتيجة خلق ميليشيات حزبية تشكل سلطة موازية للجيش الوطنى فى هذين البلدين.. لبنان والعراق. فى لبنان.. بدأ مسلسل الارتباكين السياسى والأمنى خلال الأربعة عقود الماضية مع تمدد نفوذ ميليشيات حزب الله.. حتى أصبح القرار السياسى رهينا بيد قياداته رغم أن لبنان لا يعانى من التجريف السياسى، إذ تضم خريطته وجوها سياسية قادرة على تحقيق قدر من التوافق بين الطوائف المكونة للشارع اللبنانى.. شرط أن تعود سيادة القرار اللبنانى إلى أصحابه بعيدا عن سيطرة إيران أو حزب الله التى أدخلت لبنان فى حالة فراغ سياسى منذ أكثر من عامين، بل تتحمل هذه الميليشيا المسلحة كسلطة موازية للجيش اللبنانى عبر العقود الماضية مسئولية جميع المشاهد الدموية التى أثارت صدمة فى الشارع اللبنانى الذى لم يتلوث تاريخه بالدماء.. أيضا أغلب التوقعات تشير إلى أن العملية السياسية ستظل معطلة فى ظل وجود قوى يختطف القرار السياسى بقوة السلاح. العراق أيضا نموذج صارخ منذ ٢٠٠٣ على ترسيخ مشروع الميليشيات المسلحة.. وبلغ الأمر بالعديد منها إعلاناً عدم الخضوع لسيادة الحكومة العراقية وقراراتها، ما أدى إلى خلق انتهاكات وصراعات داخلية شهدها العالم على أرض المعارك التى يخوضها الجيش العراقى لتطهير المدن من سيطرة تنظيم داعش.. من المؤكد أن تسلط هذه الميليشيات هو العامل الرئيسى وراء إفشال بناء العملية السياسية فى العراق بعيدا عن آفات الطائفية والمحاصصة التى ترسخها وتحميها هذه الميليشيات. على مدى السنوات التى استهل بها حكمه، بنى أردوغان قاعدة شعبية -تحديدا بين الطبقة الوسطى- اعتمادا على ازدهار اقتصادى حققته تركيا.. فى المقابل أسس ميليشيات من حزبه، العدالة والتنمية، كما ضم آلاف العناصر من الحزب إلى الجهاز الأمنى.. جميع هذه المشاريع لا تربطها بالجيش التركى سوى كونها قوة مسلحة مستعدة للانطلاق فى وجه الجيش بناء على أوامر أردوغان.. واكب المخطط تجريد الجيش التركى عبر العقود الماضية من العقائد التى رسخها كمال أتاتورك -مؤسس الجيش- وعلى رأسها العلمانية.. فى لحظة جنون سلطوى فتح أردوغان جميع أبواب جهنم على تركيا.. خصوصا مع توقيت ارتباطها بشراكة ضمن التحالف الدولى لمحاربة داعش، ثم عزز الصراع المسلح مع الأحزاب الكردية التى يتميز مقاتلوها -البيشمركة- بمهارات قتالية عالية، إذ من المؤكد أن أحد عوامل نزع الفتيل عن القنبلة التى تهدد استقرار تركيا كيفية إدارة المشاركة العسكرية التركية فى هذه المهام مستقبلا فى إطار التنكيل المخزى الذى تعرض له الجيش على يد ميليشيات أردوغان، بالإضافة إلى أن التداعيات الكارثية لإعطاء قوة مسلحة سلطة موازية للجيش ليست بعيدة عن أردوغان وهو يغامر بكل تاريخ تركيا دافعا إياها إلى جحيم الانقسام والتناحر، خصوصا أن القوائم الانتقامية التى وصل عددها إلى سبعين ألفا ممن طالهم التنكيل وأراد أردوغان إظهارها للعالم بشكل عشوائى كانت قطعا مدروسة ومعدة مسبقا.. ويبقى السؤال.. إلى متى ستصمد شعبية أردوغان أمام فوضى سياسية وأمنية ستخلفها مشاهد ميليشيات العدالة والتنمية التى لم تكتف عناصرها بتجريد جيش تركيا من ملابسه.. لكن أيضا من عقائده وثوابته التاريخية.
التساؤل الذى يطرح نفسه بعيدا عن نظريات المؤامرة والازدواجية فى التعامل.. لكن من واقع الحدث السياسى الذى لا يقرأ بمعزل عن التاريخ القريب.. الموقف الهزيل للاتحاد الأوروبى من أحداث تركيا مكتفيا ببيانات التحذير والقلق من «طوفان» الإجراءات الانتقامية التى تحدث يوميا على يد نظام أردوغان.. بعد ثورة الشعب المصرى يوم ٣٠ يونيو على «عصابة البنا».. لم تتأخر السيدة كاثرين آشتون-الممثل السامى للاتحاد الأوروبى آنذاك- كثيرا فى الحضور لمصر وزيارة محمد مرسى، بعدما أقصاه الشعب، للاطمئنان على حقوقه الإنسانية! وإن كانت ألمحت خلال اللقاء إلى الإشكالية الأساسية فى «الشرعية» التى ظل يرددها مرسى كالببغاء، حين ذكرته باستحالة عودة «جماعته» للحكم بعدما وضعت نفسها فى عداء مع جميع مؤسسات الدولة والسلطات المستقلة «القضاء.. الإعلام..الشرطة.. الجيش» وهو بالضبط ما يقدم عليه أردوغان حاليا فيما يبدو أنه «كتالوج» لا يحيد عنه الغباء الإخوانى.. مع اقتصار دور الاتحاد الأوروبى على توجيه دعوات ضبط النفس إلى أردوغان.. ما الذى يعيق قرار سفر السيدة فيدريكا موغريني-منسقة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي- إلى تركيا للاطلاع على أوضاع سبعين ألف معتقل من كبار القضاة ورجال النيابة العامة وموظفى التعليم والإعلاميين والجيش والشرطة.. بعد ما ظهرت «معالم» عدم احترام حقوق الإنسان واضحة على وجوههم الدامية والمتورمة أمام كاميرات العالم؟