الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أزمة الدولار بين التحديات والمواجهة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مثلما يتسم عالم السياسة بمنازلاته، والعالم العسكري بقادته وميدانه، فإن لعالم الاقتصاد ساحاته العقلية وفضاءاته التي يمكنها أن تتحول لسلاح فتاك في اضمحلال الشعوب أو نهضتها وتقدمها وازدهارها، وهو ما اتضح جليا في أزمة الدولار وحربه التي انتصر فيها على الحكومة في جولاته خلال الفترة الماضية والحالية ليحقق زيادة في سعره تجاوزت 40% دون وجود حلول حقيقية من البنك المركزي للتصدى لهذه الكارثة.
في التشخيص العميق للمشاكل العامة العامة التي تواجه الدول هناك محددات واقعية لقراءة الأزمة، تنطلق من الواقع ومعطياته، وحتى تكون هذه التصورات قريبة من حقيقة الواقع، لا بد من التفكير خارج الصندوق مع الوقوف على الأسباب الحقيقية بالإضافة لامتلاك الجرأة في نقد هذا الواقع لنتمكن من الوصول إلى حلول من شأنها التصدى للأزمة التي لها انعكاسات على كل نواحي الحياة فيما يخص المواطن، بالإضافة لتداعيات ذلك على الموازنة العامة للدولة والتي لا تحتمل كل هذه الزيادة في أسعار الدولار.
عندما يقول طارق عامر، محافظ البنك المركزي، أمام لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، الأسبوع الماضي، إن أزمة الدولار أكبر من الحكومة الحالية، فى ظل الظروف التى تشهدها البلاد، خاصة أزمة السياحة، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الدولار وانخفاض المعروض منه، فإننا أمام كارثة تفوق بكثير الأزمة الحقيقية لأنها توضح عدم وجود كفاءات حقيقية في رئاسة الجهاز المصرفي للدولة والذي يعد أمنًا قوميًا.
إن الأزمة الحقيقية في معركة الحكومة مع الدولار سببها الحقيقي وجود خلل هيكلي في الاقتصاد، وتآكل قوى الإنتاج، فضلا عن تزايد الفجوة في الميزان التجاري، والتي تقترب من حاجز الـ 100 مليار جنيه، بالتوازي مع التراجع الرهيب لموارد الدولة الأساسية من النقد الأجنبي، فالسياحة منهارة، وإيرادات قناة السويس ثابتة عند 5 ونص مليار جنيه منذ سنوات، مع انخفاض تحويلات المصريين بالخارج واستمرار الدولة في استيراد 65 % من مستلزمات الإنتاج والتشغيل و70 % من استهلاك الشعب من السلع الغذائية، كل ذلك مع انهيار منظومة الإبداع في إيجاد الحلول والأفكار من قبل رئيس الجهاز المصري للقضاء على الأزمة وتصريحاته غير المسئولة والتي كانت أحد أسباب الأزمة. 
إن الحل الحقيقي لهذه الأزمة يتمثل في ضرورة توجه الحكومة إلى التعامل مع الدولار باعتباره سلعة قابلة لقانون السوق (العرض والطلب) مع الوقوف على الأسباب الحقيقية للأزمة ومعالجتها والتي تبدأ من الاعتراف بأن الدولار ليس سبب الأزمة ولكنه ناتج عن أزمة نتيجة لتوقف التدفقات الدولارية منذ فترة، وهو الأمر الذي يتطلب التعويم سواء بشكل جزئي أو كلي وهو ما يمكن الدولة من القضاء على الخلل الذي يشهده سعر الصرف فى الوقت الراهن، لذلك أصبحت الحكومة مطالبة بعمل استراتيجية تنعش القطاعات المدرة للنقد الأجنبى، لأن الإجراءات التى يتخذها البنك المركزى لن تستطيع الصمود وحدها بدون أن تكون هناك إيرادات حقيقية بالنقد الأجنبى وهو الأمر الذي لن يتحقق دون تنوع المصادر.