الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خطبة الأوقاف المكتوبة "غَشِّشْنِي ـ غَشِّش"..خطباء: تنفر المصلين من المساجد وتستهزئ بعقولهم.. العوري: ما خرج من القلب يصل للقلب..عبد الخالق: تلغي الصلة بين الإمام والمأمومين.. والأزهر: نرفضها

 الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأوقاف تتحدى الزمن، وزارة الدكتور مختار جمعة تعلن عن اختراعها الجديد لمواجهة فكر التطرف والإرهاب، قررت في سابقة الأولى من نوعها إلغاء عقل خطيب المسجد، وحصار ابداعه، أصدرت فرمانا بضرورة أن تكون خطبة الجمعة مكتوبة مع تحذيرات من عينة:" على الجميع أن يلتزم، مرفوض الخروج عن النص، نُنحني الابداع والارتجال جانبا "، كيف ؟ وكيف تفكر الأوقاف، ما الذي تهدف إليه وزارة جمعة، وكيف تصل إلى حالة الابداع عند توصيل رسالتها في خطبتها الجديدة، واين التجديد في الخطاب الديني في خُطبة مقررة ومكتوبة بقلم جاف أو قلم رصاص أو حتى على آلة كاتبة، وماذا لو نسى خطيب المنبر خطبته المكتوبة تاركا إياها في منزله أو تعلثم بعض الشىء في قراءتها ؟ أقول والله أعلم: " له ربنا والرضاء بقضاء الله"، ما كانش ع السريع يطير على الفيس عبر تليفونه المحمول ويسرع إلى أدمن شاومينج مؤسسى صفحات الغش الإلكترونى ويكتب كلمتين: "يا عم شاومينج.. الحقني.. غَشّشَنْي ـ غَشّش ". !. 



هي كذلك، وزارة تبحث عن انتكاسة جديدة، عجزت عن تقديم خطاب ديني مستحدث وهادف، فشلت في الخطبة الموحدة، ولجأت إلى البديل المكتوب الذي رفضه الأزهر شكلا وموضوعا، واحتج عليه أعضاء لجنة الشئون الدينية بالبرلمان. 
الشيخ عادل سيد، خطيب مسجد بمحافظة الجيزة، قال: إن الخطبة المكتوبة خطبة غير فعالة فقد تكون خطبة منسقة كتابيا، ولكن علم الخطابة به أن الخطبة جاءت من المخاطبة ليخاطب الناس، وقال النبى صلى الله عليه وسلم " خاطبوا الناس على قدر عقولهم "، وفى علم الدعوة الخطبة تسمى دعوة والخطيب داعى والمأمومين مدعوين فلابد للداعي أن يكون على علم بدعوته فقد تكون الخطبة مكتوبة ولا يعلمها الخطيب، وقد تخاطب الناس وانت مخالف لهدى رسول الله في مخاطبة الناس على قدر عقولهم.
وتابع سيد أن الإنسان عندما يخاطب الناس وهو يفهم خطبته فشيء جيد، أحيانا قد تجد بعض المأمومين غير فاهم الخطبة، ودائما نعلم أن ما يخرج من القلب استقر في القلب فالخطبة التلقائية الصادرة عن علم ووعى وعقل تصل إلى المخاطب أسرع وأدق وأفهم من المكتوبة لأن الخطيب القارئ شخص يقرأ والذي امامه سيسمعه أم لا يسمعه والنص المكتوب قد يفهمه المستمع وقد لا يفهمه.
أضاف سيد أن الخطبة التي تلقى على السامع افضل من المكتوبة وان كانت المكتوبة ادق، وهذه الخطبة المكتوبة مخصصة للمساجد الكبيرة والائمة المعينين في الأوقاف وسيلتزمون بها مجبرين ومن لا يلتزم بها سيتضرر وسيخصم منه الحافز ومن الراتب مثل الزامهم بعدم إذاعة القرآن قبل صلاة الجمعة وعدم إذاعته أيضا قبل صلاة الفجر.


وقال صلاح رمضان، خطيب وإمام مسجد ب الجيزة، أنا خطيب ثابت في المسجد منذ ثلاث سنوات ولكنني بالمكافأة ولست معينا في وزارة الأوقاف، مضيفا أن الخطبة الموحدة لا مانع منها ولكن مشكلتنا أنهم يعطوك مضمونها، أما لو أعطوك عنوان الخطبة فقط وتركوا كل خطيب حسب علمه فذلك شأن عظيم، مضيفا أنه ضد الخطبة الورقية المكتوبة تماما.
وتساءل رمضان، كيف تقرأ الخطبة من الورقة والناس من حولك كثيرون ومنهم لا يعلمون شيئا فهم بسطاء على قدر عقولهم ؟، أما حينما تتحدث من تلقاء نفسك فتجد المستمع ينصت إليك بشدة وكل خطيب حسب طريقته.
وأكد رمضان أن الخطبة الورقية ستؤدي إلى فرار الناس من الخطيب بل إن شئت فقل ستجعلهم ينفرون من المسجد، فالخطبة الورقية ما هي إلا تخوين للخطيب فكأنهم يشكون في علمك ودراستك، فما هي إلا استهزاء بعقل المستمع فكأنك تقول للمخاطب ما أراك إلا جاهلا لذلك أخطب لك من ورقة، موضحا أن المكتوبة ما هي إلا تنفير من الدين فتجعل الناس يتكاسلون عن صلاة الجمعة، وما هي إلا صورة محاربة من صور المحاربة.
ورأى الدكتور عبد الفتاح عبد الغنى العوري، عميد كلية اصول الدين بجامعة الأزهر، أن هذا القرار فيه نوع من التسرع وان الأصل في المرسل والمستقبل أن يقع التأثير بينهما وقراءة الشيء من ورقة لا يعطى هذا التأثير أدنى فائدة، وانما الكلام حينما يخرج ارتجالا فيتأثر به قائله لأنه من بناة فكرة وترتيب عقله يجد له اثرا وصدى عند المستمع.
أضاف العوري، لو أن الخطبة قام بها أحد الناس قراءة من ورقة، ما كان لها مثل هذا الصدى وما أعطت الفائدة المرجوة من قراءتها كما هو الحال الذي تعطيه الخطبة المرتجلة حينما يكون المتكلم بها متأثرا بها تأثيرا بالغا شأنه شأن المستمع اليها فما خرج من القلب يصل للقلب وما خرج من اللسان لا يجاوز الاذان.
أوضح العوري، أنه ضد هذا القرار وطالب بالرجوع عنه، مؤكدا أن النية لدى الأوقاف حسنة، كما أن الائمة الذين افنوا اعمارهم في الاطلاع على الكتب وتحضير الخطب والبحث والتنقيب في المراجع لا يمكن أن يقتنعوا بهذا الفعل ناهيك عن أساتذة الجامعات والمفكرين والعلماء كيف يقرأوا كلمات مكتوبة لهم مملية عليهم للناس.
بينما الدكتور محمود عبد الخالق، استاذ الحديث بجامعة الأزهر، رأى أن وزارة الأوقاف عندما اتخذت توحيد الخطبة فهو شيء إيجابي وممتاز لأنها تعالج فكر معين وتبث فكر معين في المجتمع كله، اما إذا كانت الخطبة مكتوبة فهنا نلغى الخطيب ونلغى الصلة التي بينه وبين المصلين في المسجد وهذه اخالف الوزير فيها ونرفضها شكلا وموضوعا، لأن الخطبة احساس ينقله الخطيب للمصلين وقت صلاة الجمعة وهذا الاحساس سيلغى إذا كانت مكتوبة ويقرأها الخطيب عليهم.
أضاف عبد الخالق أن المكتوبة من الممكن أن يقرأه المصلى قبل الخطيب وهنا تكون الخطبة قد فقدت اهميتها، وهذا لا يصح للخطابة في مصر، كما أن المصلين لن يقبلوا أن يلقى عليهم الخطيب كلمة من ورقة وهنا الجمعة ستفقد أهميتها، كما أن هذه الخطبة ستركن فكر الخطيب المتجدد وأن كان الموضوع موحد إذا قرأها الخطيب عن ظهر قلب ففيها متسع لأنني اخاطب المجتمع بعقولهم واذا ذهبت لمكان آخر سأغير تناول نفس الموضوع لأن الفكر متغير من منطقة لأخرى في مصر وحسب علم المصلين، وهيئة كبار العلماء الأزهر رفضت هذه الخطبة المكتوبة، وانا ارى أن هناك تحدى من الأوقاف لعلماء الأزهر.
كما رفض الأزهر الشريف هذه الخطبة المكتوبة كما جاء في تصريحات صحفية على لسان الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، بأن الأزهر لا علم له بهذا القرار بشكل رسم، مؤكدا أن وعاظ الأزهر الذين يخطبون في المساجد يمتلكون من الخبرات الكبيرة والطويلة تؤهلهم أن يخطبوا في الداخل والخارج.
بينما احتج الدكتور بكر زكى عوض، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وقال لا تعليق على قرار الخطبة المكتوبة.
كما اتفقت لجنة الشئون الدينية بالبرلمان مع رأى الأزهر الشريف ورفضت اجبار خطباء الجمعة للخطبة المكتوبة التي ترسلها لهم وزارة الأوقاف، وقالت:" من حق كل خطيب عدم الالتزام بقرار وزارة الأوقاف "، إضافة إلى أن اللجنة ستراقب هذا المشروع وستتخذ قرارا بشأن تطبيقه أو الغائه خلال الأيام المقبلة.