الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"داعش" يتجاوز مرحلة "الذئاب المنفردة" إلى "الإمارة الغربية".. التنظيم توعد في 2015 بولاية مقرها برلين.. والأمن القومي الألماني: تونسي يدير شبكة التنظيم في الغرب.. ومحللون: الإمارة ضمن فقه قياداته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدر تنظيم "داعش" الإرهابي إصداره الأول باللغة الألمانية، قبل اقتراب العام، وبالتحديد في 5 أغسطس 2015.
وظهر في التسجيل الخارج عن الجهاز الإعلامي لما يسمى بـ"ولاية حمص"، اثنين من عناصر التنظيم يتحدثان الألمانية بطلاقة، إذ وجهوا من خلاله رسائل تحذيرية لرئيسة الوزراء الألمانية، أنجيلا ميركل، وتعهدوا بتدشين ما اسموه بـ"ولاية" للتنظيم في أوروبا، يكون مقرها برلين، معتمدين في ذلك على الترجيحات التي تقول إن ألمانيا تعتبر أهم الدول الأوروبية المصدرة للجهاديين.
واستمرت ألمانيا فيما يعتبر مأمن من عمليات التنظيم، إذا ما قورنت بفرنسا، إلى أن تم تنفيذ حادث طعن بفأس في محطة قطار بمدينة فولفسبورج، التي تعرف بمدينة الإرهابيين في ألمانيا. 
ولاقت العملية ترحيبًا من تنظيم "داعش"، على اعتبار أنها العملية الأولى للتنظيم في ألمانيا، رغم كونها صغيرة، ولم تخلف عددا كبيرا من الضحايا.
وبعد ثلاث أيام، وفي الجمعة الماضية، وقعت عملية إطلاق نار في مركز تجاري بمدينة ميونيخ، خلفت مقتل تسعة أشخاص، ورغم عدم تبني "داعش" حتى الآن للعملية، ونفي الشرطة الألمانية وجود علاقة بين التنظيم والأحداث، إلا أن التنظيم دشن احتفالات واسعة ليلة الحادث.
وبداية من شهر رمضان الماضي، عرفت أوروبا والغرب سلسلة عمليات صنفها المحللين كـ"ذئاب منفردة"، إلا أن تكرار العمليات بالشكل القائم يطرح سؤال حول مكان تدريب المتورطين فيها، وهل هذه العمليات تحتاج إلى تخطيط من قبل تنظيم، أم يتم التخطيط لها بشكل فردي، بمعنى آخر هل نجح "داعش" في تشكيل كيان تنظيمي في أوروبا، أم ما زال يقف عند مرحلة "الذئاب المنفردة" و"اللامركزية" في العمل. 
ووفقًا لأدبيات التنظيم، فقد أوضح كتاب "إدارة التوحش" لصاحبه أبوبكر ناجي، طبيعة العمل الإرهابي تجاه الغرب، الذي يسمونه بـ"الصليبيين".
وجاء في الكتاب أن العمل مع هذه الدول يكون عبر مرحلتين، الأولى هي مرحلة الإنهاك، والثانية التمكين، ويقصد بها "إعلان الولاية"، التي لم ينف طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، والخبير في الشئون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن يكون "داعش" قد بدأ فيها.
وقال فهمي، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": إن فقه قيادات التنظيم وعلى رأسهم أبوبكر البغدادي، زعيم "داعش"، مؤمن بطرح "الولاية الغربية"، معتبرًا أن الأمر وارد.
وأوضح أن الشيء الوحيد الذي قد يدعم رواية التحول لمرحلة "الولاية" هو انتشار العمليات بين بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا، معتبرًا أن ذلك يكشف عن نفوذ "داعش" في أكثر من دولة أوروبية وليس دولة بعينها.
ورأى "فهمي" أن التحول "الداعشي" إلى أوروبا في المرحلة الحالية، هو نتيجة للضغط عليه في منطقة الشرق الأوسط، مشددًا على أن ذلك لا يعني أن التنظيم تقلص في مناطقه.
وقدر المساحة التي فقدها "داعش"، في الفترة الأخيرة بأنها تتراوح بين 3 و5% ، واصفًا إياها بـ"البسيطة".
وتطرق فهمي إلى سبب كثافة العمليات الإرهابية، قائلًا: إن اختراق الجهاز الأمني الأوروبي "سهل"، خاصة أن المتورط في العمليات الإرهابية هم الجهاديون العائدون إلى بلدانهم.
وأشار إلى أن أكثر الدول التي تضم عدد مواطنين جهاديين عائدين إليها هي سويسرا، فيما تأتي أمريكا في نهاية القائمة.
بدوره كان لجهاز الأمن الألماني تقارير تشير إلى وجود كيان تنظيمي فعلي في ألمانيا، لكنه لم يصفه بـ"الولاية".
ووفقًا للتقرير الصادر منذ عام، قدر عدد الجهاديين الألمان، المنضمين لـ"داعش"، أو يؤمنون بفكره، بـ6500 ألمانيًا.
وكشف مسئول بالأمن القومي الألماني، يدعى هانز دلكر، في تصريحات صحفية، عن بعض المعلومات حول الشخص القائم على إدارة هذا الكيان، دون التطرق إلى اسمه لدواعٍ أمنية، قائلًا إنه تونسي الجنسية، ودوره هو الحصول على التمويل من "داعش" للصرف على أسر الجهاديين في ألمانيا.
واعترف بنجاح "داعش" في تكوين شبكة إرهابية عالية الاحترافية، قائلًا: إن أعضاءها ليسوا هواة بل قادرين على استخدام التكنولوجيا والأسلحة الحديثة.
في نفس الوقت أكدت الاستخبارات الألمانية أن نحو 1000 إسلامي في ألمانيا يُحسبون على تيار "الإرهاب الإسلامي"، بينهم 230 لديهم إمكانية ارتكاب جرائم خطيرة، بَيْدَ أنها شددت في الوقت ذاتها على جاهزية الأجهزة الأمنية لدرء هذه المخاطر.
وأشارت توقعات هيئة مكافحة الجريمة في ألمانيا إلى أن نحو ألف إسلامي في البلاد محسوبون في الوقت الراهن على تيار "الإرهاب الإسلامي".
وفي تصريحات لصحيفة "دي فيلت" الألمانية في عددها الصادر السبت (الأول من نوفمبر 2014)، قال يورج تسيركه، رئيس هيئة مكافحة الجريمة: إن "سلطات الأمن الألمانية ترى في الوقت الراهن أن من بين الألف شخص 230 يمكن أن يرتكبون جرائم خطيرة"، مشيرًا إلى أن عدد هؤلاء، الذين يعرفون بمصادر الخطر المحتمل، كان يبلغ 120 شخصًا فقط في عام 2010.
وفي ضوء التقارير السابقة، اتفق الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع رواية أن يكون لـ"داعش" ولاية في أوروبا، قائلًا إن هذا الأمر يحتاج إلى معلومات استخباراتية كثير للتأكد منها.
ولفت إلى أن "داعش" اعتاد في أسلوب إدارته على "اللامركزية"، بحيث لا يتدخل في سياسات عناصره البعيدة عنه، مشيرًا إلى أن الحديث عن كيان تنظيمي يشرف على التخطيط والتدريب داخل أوروبا أمر لا يمكن نفيه أو تأكيده.
وفي هذا السياق كان لـ"داعش" نفسه رسالة عبر موقع "تيليجرام"، إذا كتبت قناة "سير المعارك" المحسوبة على التنظيم، ليلة أحداث ميونيخ، رسالة مفاداها أن الغرب تفاجأ بقدرة "داعش" على استقطاب مواطنين غربيين لتدريبهم وإعادتهم مرة أخرى إلى بلدانهم لتنفيذ العمليات. 
وتحمل الرسالة بهذا الشكل مدلولا أن المنفذين لعمليات أوروبا تم تدريبهم في مناطق نفوذ "داعش" وليس داخل أوروبا نفسها، لكن ما كشفت عنه العمليات حتى الأن تقول: إن المتورطين هم مواطنين أوروبيين من أصول شرقية ولم يغادروا بلدانهم منذ خمس سنوات مثلًا، ما يبقى على احتمال أن يكون تدريبهم والتخطيط لهم كان داخل أوروبا وليس من الخارج.