بعيدًا عن النظر نحو عقارب الساعة والانتظار وترقب وقع أقدام قريب أو بعيد، تقترب من بابها المهجور ، لتسأل عن أحوالها جلست تفكر بالقرب من نافذة تطل بها على سوق كبير بحي المطرية لا بداية له ولا انتهاء ، كل ما لفت انتباه نظرها الضعيف هو وجود سيدة مسنة جلست بالسوق بصحبة قفص امتلأت به أصوات عشرات الكتاكيت، يباع الكتكوت الواحد بنصف جنيه ، وهنا كان الحل.
هي الحاجة سماح امرآة بلغت الستين من عمرها ، شاخت ملامحها وشابت أفكارها ، هجرها أولادها الثلاثة وانشغلوا بزحام الدنيا ولقمة العيش وفارقها رفيق الحياة منذ 10 سنوات، وحيدة متعايشة مع سجادة صلاة وصيام وجيران ولاد حلال على حد وصفها، يداومون في السؤال عليها.
ضاقت عليا الدنيا واتسعت أرجاء منزلي الكبير ، لا يوجد زائر ولا مطل والشقة كبيرة والوحدة موت بالبطيء، محتاجة ونس ، صوت ، نفس حواليا ، ففكرت أربي كتاكيت طالما تربية الولاد لم تفلح ، مبتسمة : الكتاكيت فيها الخير وكلها خير وغيرت مجرى حياتي.
٢٥ كتكوتا هم صغارها ، لكل كتكوت علامة تميزة خصصت لها غرفة في مسكنها وضعت بها كل ما يتعلق بمأكلهم ومشربهم، مراوح للتهوية ، مساقي، أطباق للطعام وصيدلية للدواء ، حتى تحولت الغرفة المخصصة للصغار وكأنها منتجع .
تظل دورة النمو قرابة الثلاثة شهور وتتحول الكتاكيت الصغيرة لديوك ودجاج مكتمل النمو، وهو ما يتسبب في فرحة عارمة للعجوز التي تشعر بأنها نجحت في تخريج أول دفعة ، تهادي من تهادي وتأكل من بعضها وتبيع البعض الآخر للجيران ومن ثم أصبح هناك دخل آخر بعيدا عن المعاش.
فرحة أول بيضة ، ذكرتها بميلاد أحمد الابن الأكبر ، الذي جاء بعد شوقه حسب تعبيرها ، لازالت الحاجة سماح تحتفظ بأول بيضات لأول دفعة كتاكيت ، وها هي الآن تبدأ فعالياتها مع الدفعه الثانية والدورة الجديدة لفوج مكون من ٣٠ كتكوتا.
الحر وارتفاع درجة الحرارة هو أهم المعوقات التي تواجه السيدة؛ لأن الكتاكيت لا تتحمل الحر وروحها قصيرة بتموت.
مبسوطة وسعيدة وسط كتاكيتي وحاسة إنى صغرت عشرين سنة وبضحكة عالية علقت دا انا هكتبهم في الوصية واحرم ولادى من الميراث.
