السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

%10 من الإرهابيين الأجانب "فتيات قاصرات"

دراسة أمريكية عن «سيكولوجية المقاتلين» تكشف:

 مقاتلات داعش
مقاتلات داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الثأر والإثارة وتحقيق الذات.. دوافع الغربيين للانضمام للتنظيمات المسلحة الجماعات تستقطب مرضى «الإحباط»
100 دولة فى العالم تصدر المقاتلين.. ووجودهم يطيل عمر صراعات الشرق الأوسط «الترهيب والترغيب» أبرز أساليب الجذب
لفظ الإرهابى أصبح وصفا غامضا بسبب التعقيدات السياسية والدينية التى تحكمها صراعات عالمية وإقليمية، ولكن الأكثر غموضا هو الإرهابى الأجنبى أو المقاتل الأجنبي، الذى لا ينتمى لأماكن الصراع، ولكن يتم تجنيده للقتال بشكل مباشر أو غير مباشر، آخر التقارير لمجلس الأمن الدولى والأمم المتحدة يؤكد أن أكثر من ٣٠ ألف مقاتل أجنبي مجندون حاليا فى تنظيم داعش وحده، وجاءوا من ١٠٠ دولة حول العالم، أيضا تدفق المقاتلين الأجانب ازداد بنسبة ٧٠٪، تلك الحالة الغريبة ربما دفعت الكثير من الخبراء والمراقبين لرصد سيكولوجية المقاتل الأجنبى ودوافعه وطرق استمالته وغيرها من الأفكار حوله، أحدثها كانت لراندى بورام وروبرت فين التى كانت تحت عنوان «سيكولوجية المقاتلين الأجانب»، وهما أستاذان فى كلية الإعلام بجامعة ساوث فلوريدا فى تامبا، بولاية فلوريدا، بالاشتراك مع مجموعة ميتس، هايماركت بولاية فرجينيا، الدراسة أكدت شيئا مهما وهو أن مصطلح مقاتل أجنبى دخل مؤخرا فى علم تصنيف الأمراض، أى أن المقاتل الأجنبى صُنف كمريض.
الدراسة قبلت فى ٨ مايو الماضى، ونشرت على الإنترنت فى يونيو المنقضي، وقامت دار رويتلدج البريطانية الشهيرة بنشرها على ٢٠ صفحة، ويرى فيها كل من «بورام» و«فين» أن التدفق الشديد للمقاتلين الأجانب فى سوريا، لا سيما داخل تنظيم داعش الإرهابي، جلب اهتماما متجددا للتهديد الأمنى الذى يمثله أولئك المجندون الذين يعبرون الحدود للمشاركة فى الصراع المسلح، ويركز الخبيران على الجوانب السلوكية للمقاتلين الأجانب وتلك الظاهرة الغريبة، وما دوافعهم نحو الانخراط فى العمل الإرهابى على أرض أجنبية بعيدة عن أوطانهم التى ربما لا توجد بها أى عمليات إرهابية أو حتى صراعات، مثل المقاتلين الذين يتدفقون من الولايات المتحدة أو إنجلترا أو غيرهما من دول أوروبا.
أيضا كانت هناك مشاركات من مقاتلين أجانب فى النزاعات المسلحة فى الشيشان، والعراق، وأفغانستان وليس سوريا فقط مع احتمالات كبيرة حول الآفاق الجديدة لتورطهم فى المستقبل، تتساءل الدراسة عن الأسباب التى تجعل شخصا يلتقط بندقية أو يلقى قنبلة على أبرياء، هل كان يعانى منذ ولادته بأى شكل من الظلم والإحباط؟ أم هل التقوى أو الرغبة فى المال وتحسين المستوى الاقتصادى والاجتماعى هما الدافع أيا كانت الوسيلة؟
القليل من الدراسات تناولت البحث فى سيكولوجية المقاتل الأجنبي، ورأى كل من بورام وفين أن التنظيمات الإرهابية لديها القدرة على أن تغرس فى نفوس عناصرها ومؤيديها استعدادا خاصا والرغبة بالكراهية وعدم التسامح، وهى قادرة على تفجير طاقات قوية داخل أفرادها عن طريق الإيمان الأعمى والولاء المطلق، والغريب أنها تستقطب نوعية معينة من العقول، وهى التى تستميت فى الوصول إلى السلطة، بالإضافة إلى أن المقاتل لديه استعداد عجيب للتضحية بالنفس والموت ونيل الحياة الأبدية فيما بعد البعث.
ومن أهم الصفات السيكولوجية للمقاتل الأجنبى التى تريد أن تستقطبه الجماعات الإرهابية هو الإحباط، لأن قيادات الجماعة تلعب على وتر تشجيع النزعات والاتجاهات اللتين تملآن عقل المحبط، لأنه يتطلع إلى تغيير سريع وقوى فى أوضاعه المعيشية، وتبدأ الجماعة فى السيطرة عليه بحيث يتحول إلى أداة مجازر وقتل، ومن ثم يتحول إلى أداة لتدمير نفسه أو لتدمير الآخرين.
الدراسة وجهت النظر أيضا إلى أن الأدلة من النزاعات الأخيرة والتاريخية تشير إلى أن وجود المقاتلين الأجانب يؤدى إلى إطالة أمد النزاعات المسلحة، وأن المقاتلين الأجانب أنفسهم يميلون إلى الانخراط فى مزيد من العنف من مجتمعاتهم المحلية، أيضا رأت أن مصطلح «مقاتل أجنبي»، يستخدم لوصف المقاتلين المتمردين الذين يقاتلون خارج حدود وطنهم، وبدأ فقط الظهور فى وسائل الإعلام الغربية فى أواخر الثمانينيات من القرن الماضى، خاصة فى ظل تدفق المقاتلين من مصر والسعودية وباكستان إلى أفغانستان والعمل على صد الشيوعية فى ذلك الوقت من خلال فكرة المجاهدين.
ولكن ارتفعت الشعبية التى اكتسبها هذا المصطلح فى الربع الأخير من عام ٢٠٠١، فى أعقاب هجمات ١١ سبتمبر على برجى التجارة العالمى فى نيويورك بالولايات المتحدة، والتى أعلنت من بعدها واشنطن ما أسمته بالحرب على الإرهاب، ولكن فقط فى الآونة الأخيرة حاول الباحثون تحديد منهجية المقاتلين الأجانب على الرغم من ظهورهم فى الصراعات العالمية على مدى العصور التى تدفع المقاتلين من غير السكان الأصليين للاندفاع فى أماكن الصراع فى دول غير دولهم، وذلك لقرابة الديانة أو الأيديولوجية أو سعيا للمال والسلطة كفكرة مقاولى الحرب.
وتتناول الدراسة الإجابة عن سؤال كيف يعمل المقاتل الأجنبى داخل الجماعات الإرهابية؟ وهى على النحو التالي:
■ العمل المباشر الذى ينطوى على المشاركة المباشرة فى القتال.
■ الدعم التشغيلي، الذى قد ينطوى على التخطيط والدعم فى موقع الهجمات أو إعداد الأسلحة والمواد الفتاكة والمتفجرات لاستخدامها فى العمليات الإرهابية.
■ دعم الأنشطة التى تنطوى على التجنيد وجمع الأموال ونشر المعلومات، واستراتيجية وسائل الإعلام.
■ الدعم اللوجستي، ويشمل كلا من الأنشطة التمكينية مثل توفير المال والغذاء أو السكن، فضلا عن الأشكال البعيدة الأقل مباشرة، وأقل من الدعم التشغيلى مثل حيازة أو تقديم وثائق مزورة لتحديد الهوية، ومعدات الاتصالات، أو النقل.
ولا يشترط أن يعمل المقاتلون الأجانب مباشرة فى منطقة الصراع، ولكنهم يدعمون الجماعة الإرهابية حتى من داخل بلدانهم الأصلية.
ويأتى هنا دور الدافع، وهو أحد التحديات، والسؤال هو «لماذا يحارب المقاتل الأجنبي؟» فضلا عن عوامل «الجذب»، بعض المقاتلين يعبرون الحدود ويحملون السلاح للدفاع عن مجموعة أو مجتمع يشترك معهم فى الهوية على سبيل المثال القبيلة والعشيرة والعرق حتى لو لم تكن نفس الجنسية، قد يشعر البعض الآخر أكثر بقوة للدفاع عن مجموعة من المعتقدات والأفكار، مثل عقيدة دينية أو أيديولوجية، ومهما كانت الدوافع، فإن الدافع الأساسى للدخول فى القتال والصراع قد يأتى فى المقام الأول من التأمل الداخلي، أو من التشجيع الخارجى، وهناك مجموعات أساسية للدوافع وبعضها أكثر قابلية للتطبيق على المقاتلين الأجانب من غيرها، وهى على النحو التالي:
■ الولاء: قوة تحفيزية هنا هو شعور المقاتل الأجنبى بالإخلاص والالتزام، أو الالتزام تجاه المجتمع الأوسع من شعبه ووطنه، وقد يكون مدفوعا بسبب العرق المشترك أو المعتقدات المشتركة أو ولائهم لزعيم معين.
■ المساعدة الذاتية: قوة تحفيزية هنا هى رغبة المقاتل الأجنبى واستعداده للمحاربة ويأتى من تقييم المنفعة المتبادلة.
■ الحوافز الاقتصادية: وتجذب بعض المقاتلين الأجانب العوامل المادية أو الاقتصادية والربح.
■ الإكراه: فى بعض الصراعات يمكن جذب المقاتل الأجنبى إلى المشاركة فى القتال من خلال الحالة النفسية أو حتى التلاعب البدني.
ولكن المغناطيس الرئيسى لجذب مقاتلين أجانب يبقى حول الهوية التى كان من أبرزها تكوين تنظيم القاعدة لمحاربة الشيوعية.
وتتناول الدراسة نوعيات المقاتل الأجنبى وتقسمها إلى:
■ الباحث عن الثأر: وهو المقاتل الذى يكون مملوءا بالإحباط والغضب ويسعى إلى متنفس ليصب تلك الحالات تجاه شخص أو جماعة أو كيان.
■ الباحث عن الذات: وهو المقاتل الذى يسعى إلى الاعتراف والتقدير من الآخرين.
■ الباحث عن هوية: وهو المقاتل الذى يكون مدفوعا فى المقام الأول بالحاجة إلى الانتماء، وأن يكون جزءا من شيء مفيد، وأنهم يسعون إلى تحديد هوياتهم أو الشعور بها من خلال الانتماءات إلى جماعات مختلفة.
■ الباحث عن الإثارة: وهى النوعية الأقل شيوعا أقل من ٥ فى المئة من المقاتلين الأجانب من ذلك النوع الذى يبحث عن آفاق جديدة من الإثارة والمغامرة، والمجد.
تناولت الدراسة أيضا انضمام المرأة الأجنبية داخل الجماعات الإرهابية ودوافعها التى تثير الكثير من الجدل، حيث إن دوافع الرجال ترتكز على الأيديولوجية أو السعى وراء المال أو الاضطهاد أو الاشتراك فى العرق، واللافت أن أبرز ما استخلصته الدراسة عن دوافع النساء الأجنبيات للانضمام هو الأمل فى العثور على الحب أو الرومانسية، وظاهرة انضمام النساء الأجنبيات ظاهرة حقيقية فى صفوف تنظيم داعش خاصة وهى فى ازدياد فى الفترة الأخيرة.
وكان هناك اكتشاف لبعض الشبكات التى تعمل على تجنيد النساء والفتيات للانضمام إلى التنظيم من عدة دول، بما فيها بعض الدول الأوروبية والآسيوية فضلا عن الدول العربية، حيث إن النساء الأجنبيات والمسميات بالمجاهدات داخل التنظيمات الإرهابية يأتين من عدة دول فى العالم، ولا يقتصرن على دولة بعينها، فبالإضافة إلى السوريات والعراقيات، توجد القادمات من دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها تونس، بالإضافة إلى مصر والسعودية، كما تأتى المقاتلات الأجنبيات من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن دول أوروبا الغربية، خاصة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهؤلاء غالبا من أبناء المهاجرين الذين يحملون الجنسيات الأوروبية.
وتعد منطقة آسيا الوسطى من المناطق الرئيسية التى تنضم نساؤها إلى تنظيم داعش، وغالبا ما تعد الشريحة العمرية ما بين ١٨ إلى ٢١ عاما أبرز الشرائح التى تقبل على الانضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية، وهى ما تشكل خطرا حقيقيا على الأمن والسلم الاجتماعيين فى بلدان العالم إلى جانب الضرر الكبير فى مجالات السياسة والأمن القومى للبلاد.
وترى الدراسة بحسب الإحصاءات أن المقاتلات الأجنبيات يقدرن بنحو ١٠٪ من إجمالى المقاتلين الأجانب سواء كانوا رجالا أو نساء معا، وينحدرن من عدة دول غربية وإسلامية، على رأسها دول شمال إفريقيا وآسيا الوسطى وأوروبا، ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد الجهاديات فى تنظيم داعش حتى الآن، وإن كان هناك تفاوت بين الدول فى أعداد مواطنيها من النساء الأجنبيات اللاتى انخرطن فى العمل الإرهابى، فمثلا تعد فرنسا من إحدى أهم الدول التى تصدر المجاهدات أو المقاتلات إلى التنظيم، حيث يوجد ما يقرب من ١٠٠ إلى ١٥٠ امرأة فرنسية بداعش بعد استبعاد العائدات من اللاتى لم يستطعن العيش فى ظروف الحياة الصعبة داخل مناطق الصراع فى سوريا والعراق.
وتشير الدراسة إلى نقطة هامة وهى أن المقاتلات الأجنبيات معروفات منذ عقود فقد تطوعت النساء للقتال فى حركات عنيفة، وفى ميليشيات مسلحة، واستطعن فى بعض الأحيان الوصول إلى مناصب كبيرة فى السلفادور وإريتريا والنيبال وسيريلانكا، والأسباب والدوافع أيضا للمقاتلات النساء هى نفس الدوافع بالنسبة للرجال، وهى التى دفعتهم إلى الانضمام إلى هذه التنظيمات الإرهابية.
وتضيف الدراسة أن هناك طرقا كثيرة لاستمالة المقاتلين والمقاتلات الأجانب، وهى تتمثل فى استخدام أساليب الترهيب والترغيب لدفعهم إلى الانضمام إلى صفوفهم، ويركز تنظيم داعش تحديدا بقوة على تجنيد الأجنبيات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبح معدل تجنيد النساء من قبل داعش يفوق بكثير ما تم رصده فى أى منظمة إرهابية أخرى، وتقوم مجموعات نسائية متخصصة بالقتال بتجنيد المقاتلات الأجنبيات، وأخريات سافرن لدعم المقاتلين الأجانب عن طريق الزواج بهم.
أيضا أكدت الدراسة أن مواقع التواصل الاجتماعى بالإنترنت أبرز الوسائل والمنافذ المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية لجذب كوادر جديدة من المقاتلين والمقاتلات الأجانب للانضمام إلى صفوفها أو تحفيز الذئاب المنفردة على شن هجمات، وهناك العديد من دعوات التحريض فى المنتديات والمواقع الإلكترونية لتنفيذ هجمات فى بلادهم، باستخدام وسائل مختلفة، ليس بالضرورة بتقنيات معقدة، بل باستخدام ما هو متاح ومتوافر.