الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أردوغان وسلاح العنف.. إلى متى؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الرد العنيف لأردوغان على محاولة الانقلاب فى تركيا وفتح أبواب السجون والاعتقالات لرجال الجيش والقضاء، رغم إقالة ٩ آلاف شرطى وإقالة ٣٠ محافظًا وارتفاع عدد القتلى إلى ٢٠٨ أشخاص، طالب أردوغان بإعادة نظام حكم الإعدام.
وكانت ردود الفعل العالمية شديدة أمام عنف تحركات أردوغان، وبالذات احتجاجًا على إعادة نظام حكم الإعدام، وكان أحدها رد فعل الحكومة الألمانية، وحذر رئيس البرلمان «البوندستاج» من خطورة عودة حكم الإعدام، وأن البرلمان التركى مسئول مسئولية مضاعفة داخليًا وخارجيًا.
وأعلن من جانبه آلان جوبيه، رئيس وزراء فرنسا السابق، أن أوروبا لن تسمح بتوسيع الاتحاد الأوروبى، وأن تركيا ليس لها مكان فى أوروبا، وأيضًا طالب البيت الأبيض أردوغان بألا يخالف قواعد الشرعية والقانون.
بقى أن أردوغان كان وما زال يعتمد على أنصاره الإسلاميين الذين يتصدون لخصومه من الجمهوريين، ومن فيينا أعلن سباستيان وزير الخارجية النمساوى أن عودة حكم الإعدام فى تركيا سيكون غير مقبول على الإطلاق بل سيعتبر بمثابة «تطهير تعسفى».
وجاء بدوره وزير خارجية لوكسمبورج ليحذر حكومة تركيا من خطورة إعادة تطبيق عقوبة الإعدام، ورغم النقد والهجوم من معظم عواصم العالم على أردوغان، إلا أنه اعتبر أن ما قام به هو هزيمة لمن قاموا بمحاولة الانقلاب وانتصار له ولأنصاره.
ولكن فى رأيى أن انتصار أردوغان هو انتصار وقتى، وستأتى مرحلة تتمرد فيها القوى المناصرة له. نحن نعلم أن أردوغان لعب طوال الوقت على «كارت التحالف مع القوى الإسلامية»، مثل ما قام به فى الماضى أن يقف بجانب الإخوان المسلمين ومعاداة النظام المصري.
ثم سقطت جماعة الإخوان وعادت القوة إلى النظام المصرى وقدراته العسكرية والسياسية، واختار نظام أردوغان أمام فشله ومعه جماعة الإخوان المسلمين.
وقد تمكن ريوهانس هان، المفوض الأوروبى، من أن يكشف كيف أن عمليات الاعتقال السريعة التى تمت أثناء محاولة الانقلاب اعتقل خلالها كثيرا من رجال القضاء، وكيف أن حكومة أردوغان أعدت قائمة الاعتقالات سلفًا.
وقد تعقدت العلاقات بين أمريكا وتركيا، لا سيما بعد أن أعلن جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، أن الاتهامات بخصوص محاولة الانقلاب يجب أن تقدم الحكومة التركية «أدلة وليس مزاعم».
ورد عليه رئيس وزراء تركيا بقوله «إن بلاده قد تراجع صداقتها بواشنطن» وأن تركيا لديها وثائق تثبت من المسئول عن محاولة الانقلاب.
ومن ناحية أخرى، أفصحت السلطات السعودية أنها أوقفت الملحق العسكرى التركى فى الكويت، بعد محاولته السفر إلى أوروبا، للاشتباه بصلته بمحاولة الانقلاب.
ولا ننسى أيضًا كيف أن مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى قالت بلغة صريحة وحازمة إنه يجب على السلطات التركية احترام الحقوق الدستورية والأساسية فى الرد على الانقلاب الفاشل.
والآن نستطيع أن نقول إن عواصم العالم تتكلم لغة واحدة فى مواجهة تركيا، متهمة إياها بعدم احترام النظم والقوانين والدستور.
أردوغان منذ بداية حكمه اختار لغة العنف والقوة تجاه خصومه، وفى نفس الاتجاه الذى يسير فيه أردوغان باستعمال لغة العنف والقوة فإنه أيضًا يستعمل أحيانًا لغة المناورة والمراوغة، مثلما حاول منذ أسابيع مضت أن يتعامل مع مصر بلغة هادئة، وكأنه يريد المصالحة، وكان وزير خارجيتنا صريحًا فى التشكيك فى النيات والقصد.
أما الرئيس السيسى فبهدوئه المعتاد لم يرد على الرئيس التركى.
من الذى يمكن أن يتخيل أن يغير الرئيس أردوغان سياسته تجاه مصر وتجاه الإخوان المسلمين؟ صحيح أن كل شيء قابل للتغيير فى السياسة، لكن هناك حدودًا فى المناورات، ومصر بحكم لغة العقل التى تمارسها دائما تعودت أن تسمع وتفكر ثم تتكلم.