الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا اهتزت إيران؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى تدعم فيها فرنسا المعارضة الإيرانية، وتحتضن مؤتمرها السنوى الذى يقاوم وسط حضور مئات الآلاف من الإيرانيين المغتربين بالدول الأوروبية، وتثبت فيه باريس قدرتها على تأمين مؤتمر بهذا الحجم دون وقوع أى مشاكل أو أزمات، أو حتى خطأ فى التنظيم ولو صغيرا لا يذكر.. نعم من الواضح اهتمام باريس وتعاطفها مع المعارضة الإيرانية بل وتدعيمها لها.. ولأنها ليست المرة الأولى كما قلت.. ولأن هذا المؤتمر ليس الأول.. يبرز تساؤل مهم: لماذا تخشى إيران من هذا المؤتمر هذه المرة؟! ولماذا ردود الفعل المعادية لكل الدول التى حضرت المؤتمر؟! 
هل تخشى إيران من السيدة مريم رجوى، التى اختارها المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية فى اجتماعه يوم ٢٨ أغسطس عام ١٩٩٣ رئيسة للجمهورية فى إيران للفترة الانتقالية المزعومة التى ستكون بعد سقوط النظام الحالى على حد زعم المعارضة. الحقيقة أن هذه السيدة «صغيرة الحجم رقيقة الملامح»، لها القدرة غير العادية على الحشد ومن كل دول العالم ولها مشجعون ومؤيدون كثر، وكان هذا واضحًا فور دخولها المؤتمر.. ومن المعروف أن المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية هو حزب أسس بمبادرة من مسعود رجوى فى ٢١ يوليو عام ١٩٨١ فى طهران ثم نقل مقره المركزى إلى باريس، ومسعود رجوى هو رئيس المجلس والمتحدث باسمه، وللمجلس أمانة وستة أمناء يهتمون بالشئون الإدارية الخاصة بالمجلس، وقد انبثقت عن المجلس خمس وعشرون لجنة تشكل الهيكل الرئيسى للحكومة الإيرانية المؤقتة المستقبلية.
ومريم رجوى القيادية الإيرانية تخرجت فى كلية هندسة المعادن فى جامعة الشريف الصناعية، وانخرطت فى الحركة الطلابية وشاركت فى هيئات طلابية معارضة لنظام الشاه محمد رضا بهلوى من عام ١٩٧٣ وحتى ١٩٧٨ وكانت إحدى مسئولات القسم الاجتماعى بمنظمة مجاهدى خلق، ما بين عامى ١٩٧٩ وحتى ١٩٨١ ثم سرعان ما ترشحت للبرلمان الإيرانى بعد نجاح الثورة والإطاحة بنظام الشاه، وقد استمرت المنظمة فى معارضة نظام الخمينى، وساندت نظام الرئيس الإيرانى الأسبق «بنى صدر» فى مواجهة المؤسسة الدينية، وبدأت تسير مظاهرات ضد نظام الخمينى، فقوبلت بضربات عنيفة، ومع مطلع الثمانينيات بدأت المنظمة فى العمل المسلح ضد النظام الإيرانى، وأعلنت إنشاء المجلس الوطنى للمقاومة الإيرانية. ولها حضور فى العديد من اللقاءات الدولية، وقد التقت مسئولين دوليين عديدين، واقترحت على الغرب ما أسمته الحل الثالث للتعامل مع إيران، وهو إحداث تغيير بيد الشعب الإيرانى، مؤكدة أن ذلك هو «الطريق الوحيد للحيلولة دون وقوع حرب خارجية».
وهى تؤكد أن للنساء دورًا كبيرًا فى مسار إسقاط نظام ولاية الفقيه، مبرزة أن نسبة النساء فى برلمان المنفى تتجاوز ٥٠٪.
وتلخص تصورها للنظام الإيرانى ما بعد سقوط نظام ولاية الفقيه فى بنود من بينها احترام الخيار الديموقراطى، واحترام نتائج الانتخابات، وضمان الحريات، وإلغاء عقوبة الإعدام، وفصل الدين عن الدولة، والمساواة الكاملة بين النساء والرجال، وإصلاح النظام القضائى، واحترام حرية السوق، والعمل على أن تكون إيران خالية من السلاح النووى.
وعلى مدى سنوات عدة لم ترد إيران.. ولم تهتز، فلماذا كان رد الفعل العنيف هذا العام للمؤتمر الذى ينعقد كل عام فى نفس التوقيت؟ الإجابة قالتها الحكومة الإيرانية بين السطور فى تعليقها على احتضان باريس لمؤتمر المعارضة الإيرانية هذا العام، وهو حضور الأمير تركى الفيصل «رئيس الاستخبارات السعودية السابق»، وإعلانه تأييد العالم الإسلامى للانتفاضات فى إيران وتأكيده أنه «يريد إسقاط النظام الإيرانى»، وهو ما اعتبره محللون وكتاب سعوديون بداية لنقلة حقيقية فى المعركة بين البلدين، وبدورها اعتبرت الصحف السعودية فى افتتاحيتها الأسبوع الماضى أن التمثيل العربى والدولى الكبيرين يعكس حالة الامتعاض الكبيرة من النظام القائم فى طهران وممارساته الإرهابية بحق شعبه وجيرانه..كما حظى مطلب إسقاط النظام الذى رفعته رجوى والأمير تركى الفيصل بتأييد الصحف السعودية فى مقالاتها وافتتاحياتها، فيما أثنى «أنور قرقاش» وزير الدولة للشئون الخارجية فى الإمارات، على الحضور الجرىء للأمير تركى الفيصل فى المؤتمر محملًا إيران المسئولية بسبب سياستها..ومن المعروف أن العلاقات بين السعودية وإيران تشهد أزمة حادة عقب إعلان الرياض فى ٣ يناير الماضى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة على خلفية الاعتداءات التى تعرضت لها سفارة المملكة فى طهران وقنصليتها فى مدينة مشهد شمالى إيران، وإضرام النيران فيهما احتجاجًا على إعدام «نمر باقر النمر» رجل الدين السعودى الشيعى مع ٤٦ مدانًا بالانتماء للتنظيمات الإرهابية.
ولا شك أن الخطوة السعودية بالحضور فى المؤتمر، كانت رسالة للطرف الإيرانى بأن الرياض تملك أوراقًا ربما لم تكن تستخدمها فى السابق ضمن صراعها الإقليمى مع إيران..والسؤال الآن: هل ستكتفى إيران بالتهديد والوعيد الذى قامت به الحكومة الإيرانية واستدعائها السفير الفرنسى فى طهران لتسليمه رسالة احتجاج عبرت فيها عن استيائها من انعقاد المؤتمر، وقالت إن التصريحات التى تخرج منه أمر غير مقبول..وأضاف المتحدث أن الجمهورية الإسلامية فى إيران ستواصل التصدى لهذه الجماعة، وستدين أى حكومة تدعمها سواء كانت أوروبية أو من المنطقة.
والآن وبعد حادث الدهس الذى وقع فى مدينة نيس الفرنسية والتى أكدت تقارير فرنسية وجود شبهة إرهابية وراء الحادث.. يبرز سؤال مهم: هل من الممكن أن تكون إيران وراء الحادث بالفعل، بما يعنى أنها بدأت فى تنفيذ تهديداتها بالانتقام من فرنسا والدول التى حضرت المؤتمر؟ وإن كان ذلك فمن التالى؟ وهل من طريقة لمنع العمليات الإرهابية الإيرانية أم سنجلس لانتظار الحادث القادم فى أى مكان؟ فكل دولة لديها نقاط ضعف من خلال مصالح مشتركة مع دول مختلفة من الممكن أن تلعب دورًا مهمًا فى ردع النظام الإيرانى ومنع ممارساته العنيفة تجاه المنطقة، أؤمن دائما أن الطرق الدبلوماسية هى الحل الحقيقى لكل مشاكل المنطقة، ولكن أن تتم بصورة صحيحة ومكتملة حتى تنعم المنطقة بالأمان والاستقرار.. وهو ما نأمله جميعًا، وليس ببعيد، لدينا خطط إيجابية بدأت بالفعل فقط تحتاج إلى متابعة واستمرارية..وفى النهاية التوفيق من عندالله.