الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

جدل كبير حول تطبيق "الخطبة المكتوبة".. علماء الدين: تكمم أفواه الأئمة حول القضايا المعاصرة وتقتل الابتكار.. الأئمة يطالبون بالتراجع عن تنفيذها والوزير يرد بتشكيل لجنة لاختيار الموضوعات

وزير الأوقاف الدكتور
وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جدل كبير أثاره قرار وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بتطبيق "الخطبة المكتوبة" على أئمة جميع مساجد الوزارة في أنحاء الجمهورية، بسبب عدم التزام بعض الأئمة بالخطبة المقررة من وزارة الأوقاف.
الأمر الذي جعل الوزير يعقد اجتماعا ظهرا اليوم الأربعاء، بوكلاء الوزارة، في جميع المحافظات لشرح كيفية تعميم "الخطبة مكتوبة "على جميع المساجد والتي ستدخل حيز التنفيذ في خلال أيام قليلة.
و"الخطبة المكتوبة " لمن لا يعرفها عبارة عن موضوع موحد يتم كتابته ويقرأ مكتوبا ويلتزم الإمام به حرفيا على المنبر كما هو.
وعلى الرغم من تقدم عدد من الدعاة وأئمة المساجد بجميع المحافظات بطلب إلى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالتراجع والعدول عن تنفيذ فكرة "الخطبة المكتوبة" التي أعلن اعتزامه بتطبيقها وتوسط الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى لإقناع الوزير عن تنفيذ الفكرة، إلا أن الوزير قرر تشكيل لجنة للبدء في اختيار الموضوعات التي ستطرح بالخطب المكتوبة للأئمة.

يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: أعتبر أن ما أقدمت عليه وزارة الأوقاف يعد قتلا لفن الخطابة وقتلا للابتكار، فصار الخطباء مجرد قارئين لنشرات إخبارية وهذا يؤدى إلى عدم الحاجة إلى كلية وأقسام الدعوة الإسلامية ولا إلى مهارات الخطابة ويمكن إسنادها إلى أي حامل أي شهادة ولو أصحاب الدبلومات.
وأضاف "كريمة" في تصريحات صحفية له اليوم الأربعاء، أن هذا القرار مهين لبلد الأزهر الشريف، لأن المأثور عن سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضوان الله عنهم والعلماء والدعاة في كل زمان ومكان ارتجال الخطبة وعدم كتابتها ونقل هذا العمل الرائد عبر الأجيال إلى أن ابتدع الساسة في منطقة الخليج كتابة الخطب لأمور سياسية معينة. 

بينما قالت الدكتورة آمنه نصير أستاذ العقيدة والفلسفة وعضو مجلس النواب إنها لا توافق على فكرة "الخطبة المكتوبة " التي أعلن وزير الأوقاف تطبيقها يوم الجمعة القادم وإنها ترفض هذا النوع من التضييق على الخطباء في المساجد ومعتبرة كتابة ورقة وتوزيعها للأئمة المساجد تؤدى إلى شكل روتينى ممل.
وأوضحت "نصير " في تصريحات صحفية لها اليوم، أن خطبة الجمعة على المنابر تأتى من خلال الأحداث المحيطة والتي تتوافق مع كل منطقة وكل حى ومسجد يخطب فيه الإمام مشيرة إلى أن الخطبة تختلف من مكان إلى آخر بحسب المنطقة والموضوعات التي يناقشها الخطيب للناس.

وتابعت "نصير" أن تحجيم التطرف لا يأتى من خلال ورقة مكتوبة يتم توزيعها على المساجد وإنما بعقد لقاءات ومناقشات مع الخطباء وكبار شيوخ الأوقاف
بدوره أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق إن توحيد خطبة الجمعة مكتوبة هو عيب كبير في حق علماء الدين بمصر وعلى وزير الأوقاف من باب أولى إقصاء المقصرين من الخطباء من على المنابر ومنحهم دورات تدريبية أو تحويلهم إلى أعمال إدارية وتصعيد الأكفاء فقط ووقف المجاملات والمحسوبيات والوسائط في اختبارات الخطابة. 

وأضاف الأطرش، إن ثقافة المجتمع تختلف في الصعيد عن المدن والقرى فما يصلح في الصعيد لا يصلح في منطقة أخرى وما يصلح في القرية لا يصلح للمدينة لافتا إلى أن توحيد فكرة الموضوع أو الخطبة كان أقل ضررا من توحيد نصها مكتوبة. 

الباحثون في شئون الجماعات الإسلامية يعتبرون أن اقتراح الخطبة المكتوبة من قبل وزارة الأوقاف كارثة وإلزام الأئمة بإلقائها سيؤدى إلى نشر التطرف والإرهاب أكثر لدى الكثير من الشباب.

سامح حمودة الداعية السلفي أشار بأن القرار لا يناسب جميع مناطق مصر ذات التسعين مليونا فهناك المدن والقرى والبدو والحضر والمناطق الشعبية وغير ذلك من التصنيفات فكل خطيب يعرف احتياجات رواد المسجد ويلمس ما يناسب أهل المنطقة التي يخطب فيها.

وأضاف "حمودة" في تصريح لـ"البوابة نيوز" اليوم الأربعاء، أن "وزارة الأوقاف ستختصر دور الخطيب في ورقة يصعد على المنبر ويقرأ منها فما فائدة الدراسة في الأزهر لسنوات طويلة وما الفائدة من خطباء المساجد في هذه الحالة، حيث يمكن لأي مواطن صعود المنبر وقراءة الخطبة أو يتم إرسال الخطبة عبر الواتس ونوفر الكهرباء والمايك والسماعات ونلغى صلاة الجماعة.

من جانبه قال الشيخ أحمد البهي مؤسس ائتلاف "أئمة بلا قيود" وأحد أئمة الأوقاف، إن هناك استياء من قبل الأئمة ورفض للنظام الجديد للخطبة الذي تحاول الأوقاف فرضه متسائلا: "كيف لإمام وخطيب درس في الأزهر سنوات طويلة يقتصر دوره على صعود المنبر والقراءة من ورقة.

وأضاف البهي أن القرار يخالف توجه الدولة بضرورة تجديد الخطاب الديني ولا يقدم أي جديد للأئمة والدعاة فبدلا من منحهم الثقة ودفعهم للعلم والتفقه يقرؤون من ورقة على المنبر.

ولم تخل تعليقات الأئمة على القرار من السخرية حيث دشنوا هاشتاج "لا للخطبة المكتوبة ". 
وعلق بعضهم قائلا: "افرض مثلا واحد متغاظ من الإمام وسرق منه الورقه يبقى ايه العمل؟..
فيما سخر آخر قائلا: ماذا لو تم تسريب الخطبة للمصلين قبل يوم الجمعة أكيد محدش هيجى يصلى؟...
وعلق آخر قائلا: دى مقدمة إن الخطبة بعد كدة مش هتبقى محتاجة إمام خالص لأنها هتتذاع في المساجد يوم الجمعة والإعادة يوم السبت للى فاتته الجمعة"..
بينما تساءل آخر: وهل سيخطب الوزير من الورقة ولا هيبقى من الأئمة المتميزين؟..
وقال أحد الأئمة:الخطبة المكتوبة تعني موت الإمام فكريا وإبداعيا، فلم يعد للإمام حاجة إلى القراءة والاطلاع، فقط نحتاج إلى قارئ جيد".