رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

توجيهات الرئيس.. إلى متى؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُثيُرنى المُطأطئون، بتقوسهم، وسكونهم، وتصفيقهم الحاد والدائم لمَن يسوس بغض النظر عن صواب أو خطأ ذلك السائس. ويصفعنى المُصطلح القاسى «توجيهات الرئيس»، لأحزن بشدة ويغزونى الإحباط كنمل سريع الانتشار موقنًا أننا لم نتغير ولم نتطور ولم نفارق مُربع دولة الفرد التى عرفناها مُنذ عهد الفراعنة، حتى لو كان ذلك الفرد لا يعمل على الانفراد بالكلمة. 
على صفحات الجرائد، وفى نشرات الأخبار تتكرر الكلمات الدالة على سلبية القطيع الذى لا يتحرك مسئولوه، ولا يعمل وزراؤه، ولا تتحقق آماله دون توجيهات الرئيس. 
هل يحتاج واضعو الخطط لتوجيهات كى ينشدوا التقدم؟ 
وهل ينبغى لكُل مسئول عن ملف، ألا يفعل شيئا إلا بعد أن يتلقى الأمر؟ 
وهل لا مكان للإبداعات الخلاقة والحلول غير التقليدية، لكى تولد على أرض الواقع وتجد طريقًا للتنفيذ إلا إذا تمت برعاية الرئيس وتحت إشرافه وبناء على توجيهاته؟ 
فى قضية تسريب امتحانات الثانوية العامة، قالت الصحف إن الأمر لن يتكرر بناء على توجيهات الرئيس، وفى أزمة الطاقة نشروا أن الأداء سيتحسن بناء على توجيهات سيادته، وفى أزمة الدولار قالوا إنه قدم توجيهاته بتوفير العملة الصعبة، وفى كيت وكيت كرروا أن التوجيهات هى المُنشّط وهى المُحفّز وهى الدافع إلى الأمام، وكأن الجميع آلات صماء صدئة تنتظر مَن يبث فيها الحيوية. 
تلك أمة الناعسين الذين لا يُقدمون خيرًا لبلادهم سوى السير وراء القائد دون مناقشة أو تفكير أو دراسة، وذلك فعل الكسالى الساكنين الذين ينتظرون دائما التشجيع أو التحفيز ليعملوا. توجيهات الرئيس لا يجب أن تكون هى مُحرك المسئولين هُنا وهُناك، وإنما عقيدتهم بضرورة الإنجاز، والعمل، وإيمانهم بأن التغيير نتاج عمل جماعى وليس إرادة فرد واحد. 
إن الرئيس لا يُسعده أن تكون له توجيهات فى كُل شىء. وليس من خصائص عمله أن يتدخل فى كُل أمر بمقترحات أو تصورات، لأنه بطبيعة الأمر ليس خبيرًا فى كُل شىء. وعمل الرئيس أى رئيس هو التدقيق فى اختيار شخصيات أكفاء قادرين على الحل والربط، ولديهم رؤى وتصورات واضحة، ويمتلكون الصلاحية لاتخاذ قرارات تكفل مواجهة المشكلات. 
هذا ما أتصوره إن كُنا نحلم ببلد أكثر تقدمًا وبمجتمع أكثر تحضرًا. والله أعلم.