الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قتل الأقباط.. الجرائم الجنائية التي يريدها البعض طائفية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حدث هذا فى ساعات متقاربة. 
«العثور على طبيب قبطى شاب مقتولًا فى طنطا». 
آلة الدعاية القبطية «مواقع وصفحات تدار من الخارج وبعضها يدار من الداخل» سارعت إلى نسج قصة من خيالها، فالذين قتلوه اثنان من جيرانه، بالطبع لا بد أن يكونا سلفيين، وحتى تكون الحكاية مكتملة، فلا بد من الإشارة إلى أنه تم ذبحه، فى إيحاء لا تخفى على أحد دلالته. 
«مقتل راهبة من دير مار جرجس على طريق مصر إسكندرية الصحراوى». 
نفس المواقع والصفحات تتبنى رواية استهداف الراهبة لأنها فقط كذلك، وحتى تكتمل القصة أيضًا، تم التأكيد على أن من أطلقوا الرصاص على الراهبة قد كبّروا وحمدوا الله وهم ينصرفون من مسرح الجريمة. 
لا أعفى المتطرفين من جرائمهم ضد الأقباط بالطبع، ولا أهون الأمر وأقول إنه ليست هناك مشكلة ضخمة فى الخطاب الدينى فيما يخص الأقباط، لكننى أضع هاتين الجريمتين أمامى وأنا أرصد خطرًا قادمًا، يحاول البعض أن يضخمه بجهل شديد، وبسوء نية لا يمكن لعين محايدة أن تخطئها. 
الأقباط فى النهاية مواطنون مصريون، يعيشون فى وطن يمر بأزمة، وهم بهذه الوضعية مرشحون لأن يكونوا ضحايا لهذه الأزمة، ولا أقصد بالأزمة هنا جانبًا أمنيًا أو سياسيًا، ولكننى أشير إلى الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية أيضًا. 
ما حدث فى طنطا وعلى طريق مصر الإسكندرية الصحراوى يؤكد ذلك تمامًا، فالطبيب الشاب قتل نتيجة خلاف فى قضية آثار، والراهبة كانت تمر بالصدفة بسيارة إلى جوار مسرح جريمة بشعة استهدفت رجل أعمال لخلافات عمل. 
لم يقتل الطبيب والراهبة لأنهما مسيحيان إذن، ولكن لأنهما كانا طرفين فى وقائع عادية، يمكن أن نشهدها كل يوم، وكان من الممكن جدًا أن يكون الضحايا فيها مسلمين، وساعتها لم يكن لأحد أن يلتفت لما جرى. 
أين الخطر الذى أتحدث عنه هنا؟ 
الخطر أن الذين يستهدفون الوطن منذ ٣٠ يونيو، أدركوا أن العمليات الإرهابية من شأنها أن توحد الناس، تجعلهم كتلة صلبة فى مواجهة العدو الكامن، وهو ما يجعل هذا الشعب عصيَّا على الكسر، فبدأوا فى البحث عن القضايا التى تفرق ولا تجمع، الجرائم التى تشطر المصريين، وجعلهم جبهات متناحرة، وهو الهدف الخبيث الذى لو تحقق، لأصبحنا لقمة سهلة البلع والهضم. 
ستقول إنك انحزت إلى أن هذه الجرائم ليست طائفية، من ماتوا فيها لم يقتلوا على الهوية، فكيف يستقيم ما تذهب إليه؟ 
أقول لك هذا صحيح تمامًا، فأنا لا أتحدث عمن قتلوا، ولكننى أشير إلى من عالجوا هذه الجرائم على أنها طائفية، تجاهلوا الواقع، وتمسكوا بالكتالوج القديم، فما دام القتيل مسيحيًا، فلا بد أن يكون القاتل إرهابيًا، ويبدأون فى تحميل القيادة السياسية والأجهزة الأمنية المسئولية الكاملة، بل ويتهمون نظامًا بكامله بأنه يفرط فى حقوق الأقباط، ويتركهم يقتلون فى الشوارع، ضاربين عرض الحائط بأننا أمام جرائم جنائية، راح أقباط ضحيتها، لأنهم مواطنون فى مجتمع اختلت فيه معايير القيم. 
النفخ فى مثل هذه الجرائم لا يصب مطلقًا فى نهر الوطن الواحد، والإصرار على أن هناك استهدافًا للأقباط، لن يفيد أحدًا على الإطلاق، لا المسلمين ولا الأقباط، فعندما يضيع الوطن يصبح الجميع ضحايا، ولذلك فليس أمامنا إلا العقل، نعتصم به، ونلتف حوله، لأنه السبيل الوحيد لإنقاذنا. 
ليس بالعقل وحده نمسك بحبل إنقاذنا، القانون أيضًا سبيل للنجاة، فإذا كنت أرفض تحويل الجرائم التى يسقط أقباط ضحايا لها إلى حوادث طائفية، فإننى أرفض تمامًا أن يتم التهاون فى تطبيق القانون، لأن الضحايا أقباط، فمن هذه الثغرة ينفذ من يريدون شرًا بهذا الوطن، فأغلقوا فى وجوههم كل الثغرات حتى ننجو، فلا سبيل لنا إلا النجاة، لأن البديل مخيف، وخطر على الجميع.