الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

تحية للورد اللي فتح في مسلسلات رمضان

عصام زكريا
عصام زكريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أفضل الأشياء التى تنتج عن موسم دراما رمضان، بغض النظر عن الزحام والفوضى والسلبيات الأخرى، هى أن الموسم يكاد يتحول إلى جامعة تتخرج فيها كل عام وجوه ومواهب جديدة فى كل العناصر، كتابة وإخراجا وتصويرا وتمثيلا، جيل جديد يبدو مثل سيل هادر يستحوذ على الساحة.. لا أستطيع أن أذكر أسماءهن وأسماءهم جميعا لكثرة عددهم، ولأننى لا أعرف أسماء معظمهم. وجوه ناضرة تشيع حياة وجمالا وطاقة، كل ما تحتاج إليه فرصة، وأساتذة بحق وحقيقى، يستخرجون منهم أفضل ما لديهم.
انظر إلى مسلسل «ونوس» مثلا، أو «يونس ولد فضة»، أو حتى «أزمة نسب» و«أبوالبنات» و«كلمة سر».. فى كل مسلسل تقريبا ستجد وجوها لا تعرفها، تتراوح أعمارها من سن المراهقة وما قبلها، إلى سن الشباب والنضج، بل أحيانا تجد وجوها جديدة حتى فى أدوار الآباء والأمهات والأجداد. ولكن الأمر لا يقتصر على التمثيل، ولو دققت فى عناوين المسلسلات سوف تجد أسماء شابة فى كل العناصر الأخرى.
هذه المواهب قادرة على تغيير خريطة وشكل ومستوى الفن السينمائى والدرامى فى مصر، فقط لو أتيحت لها الفرص الجيدة، ولكن الفرص التى أعنيها ليست فرص العمل وأكل العيش، بل فرص الإبداع والإنجاز الفنى وتجاوز الممكن والمتاح بتحقيق ما يبدو صعبا أو مستحيلا.
قد يتصور أهل «السبوبة» من الذين دخلوا مجال الدراما من أجل مكسبها «الحلو»، أننى أقول كلاما مثاليا إنشائيا، ولكن كلامى ناتج عن قناعة راسخة بأن أهل الفن والثقافة هم القوة الدافعة الرئيسية لأى مجتمع، حتى قبل العلماء، وتاريخ العلم نفسه يخبرنا أن كل الاختراعات ولدت أولا كخيال فى رؤوس المبدعين.
أعلم أن كثيرا من أبناء وبنات الأجيال الشابة لا يفكرون بهذه الطريقة، وأنهم ضحايا نظام سياسى واقتصادى يتكاثر على الفساد والنصب.. ولكن أملى ينصب على الطموحين العاشقين للفن، لا الجنيه والدولار.
هذه الأجيال الشابة التى تطل علينا كحديقة باسقة من الزهور فى مسلسلات رمضان تحتاج إلى فرصة إبداع لا فرصة عمل، إلى عقل مدبر قادر على استخراج الإبداع كما يستخرج الذهب والأحجار الكريمة من باطن الأرض. وهذا العقل المدبر ليس المخرج، كما يعتقد الكثيرون، بل المنتج الفنان الواعى.
وبما أن من يتحكم فى سوق الإنتاج الفنى فى مصر مجموعة من البقالين، إلا من رحم ربى، يتحكم فيهم مجموعة من السماسرة من أصحاب القنوات، وراءهم عصابة من غاسلى الأموال وطفيليات الرأسمالية الفاسدة، فليس من المتوقع فى المستقبل القريب أن تحظى هذه المواهب الشابة بفرص لصنع أفلام ومسلسلات تتجاوز المتاح المتواضع، المتوسط المستوى على أقصى تقدير، نحو أعمال قادرة على تغيير المشاهدين والمجتمع من خلال إبهاره وتحريكه وصدمه وإغضابه إذا لزم الأمر.
من بين حوالى ثلاثين مسلسلا تعرض الآن، وتوشك على الانتهاء، نادرة هى الأعمال التى تحمل وراءها عقلا إنتاجيا واعيا يتمتع بطموح فنى كبير.. ولكن هذه الأعمال القليلة تبدو مثل اللآلئ وسط كومة من الزجاج الفالصو.. ولذلك تبدو غريبة ويتيمة وربما منبوذة من موظفى النخبة وجيش أرباع الموهوبين.
المجد لهؤلاء المواهب التى تحتاج إلى فرصة إبداع، والمجد لمن منهم يصر رغم كل شىء على الإبداع.