السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فنانون ضد مصر!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفرق بين الفن أيام زمان واليوم، هو الفرق بين السماء والأرض، فالفن زمان كان رسالة وثقافة وأخلاقا وطنية، وأيضا التزاما مهنيا وفنيا، والفن منذ ثورة ١٩٥٢ كان له مضمون وهدف، لأنه ارتبط بانتصارات وانكسارات الوطن والأمة العربية، ومن هنا كانت الريادة الفنية لمصر، وتتوالى الأحداث فى ١٩٥٦ بالعدوان الثلاثى عقب تأميم قناة السويس من قبل الزعيم جمال عبدالناصر، وقرار مصر بناء السد العالى بقرض من الاتحاد السوفيتى عندما رفض صندوق النقد المساهمة فى إنشاء السد العالي، وظل الفن المصرى هو المعبر عن طموحات الشعب وتحقيق آماله، وكان للفنان المصرى دور مؤثر وفعال فى كل هذه المعارك من خلال الدراما والأغانى الوطنية، وشاهدنا فيلم بورسعيد، للفنان الكبير الراحل فريد شوقى، وردد الشعب أغانى الوطنية والحرية: «وطنى الأكبر والسد العالى والله يا بلدنا الله»، وبعد نكسة ١٩٦٧ هب فنانو مصر بجولة فى كل ربوع الوطن، وكانت على رأسهم العظيمة أم كلثوم التى بدأت المبادرة بنفسها، فتبرعت بكل ذهبها وأموالها لصالح المجهود الحربي، وقامت بجولة فى كل محافظات مصر تجمع التبرعات مع كل فنانات مصر، فاتن حمامة ونادية لطفى وشادية ومريم فخر الدين، وقمن بزيارة المصابين من أبنائنا فى القوات المسلحة ليتبرعن بالدم ويشددن من أزرهم.
كل هذه الأحداث والمناسبات الوطنية الخالدة لم يغب عنها الفنان المصرى بإبداعاته وإسهاماته فى السينما والأغاني.
أيضا كان الفنان المصرى حاضرا وبقوة فى معركة الكرامة العربية فى السادس من أكتوبر ١٩٧٣ من خلال دراما سينمائية هادفة وأغان وطنية كانت من أهم أسباب انتصار مصر على المؤامرات والتحديات، وشارك فيها نجوم ونجمات مصر محمود عبدالعزيز، وحسين فهمى، وعزت العلايلى، ومحمود ياسين، ونور الشريف، وأحمد زكى، وأحمد بدير، وأم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، وشادية، من ينسى أغنيات «عاش اللى قال» و«مصر اليوم فى عيد»؟ ومن ينسى أفلام «الرصاصة لا تزال فى جيبي»، و«بدور»، وغيرهما؟!
أما اليوم -للأسف الشديد- فالفن المصرى أصبح سلعة تجارية رخيصة هدفها الملايين وليس الإبداع، فانفصل الفنان عن المجتمع والدولة والشعب، وإلا فليقل لى أحد أين دور الفنان اليوم ومصر تحارب الإرهاب بالجيش والشرطة والشعب والقضاء؟ أين دور الفنان المصرى بعد ثورة ٣٠ يونيو التى تحتفل بها مصر هذه الأيام؟!
وحتى مسلسلات رمضان لم يراع فيها المؤلف أو المنتج أو المخرج أو حتى الممثل آداب وتقاليد وحرمة الشهر الكريم، وأصبح العامل المشترك فى دراما رمضان مخدرات وجنسا ورقصا وخيانة ومسخرة وسيلا جارفا من الدماء، وحتى النجم الكبير الذى تقاضى ٤٠ مليون جنيه عن مسلسل بلا طعم أو لون أو رائحة أساء فيه لمبادئ الدين الإسلامى والمسيحي، وهل مثل هذا الفنان يقوم بدفع الضرائب الحقيقية عن الملايين التى يتقاضاها بما يرضى الله لأداء واجب والتزام وطنى وقومي؟! أشك فى ذلك، وهل فكر أن يتبرع بأجره مدة لصالح أطفالنا مرضى الكبد والسرطان أو فكر أن يقوم بحملة تبرع من الفنانين أصحاب الملايين لنساعد الشعب الفقير من أهالينا فى العشوائيات لبناء إسكان آدمي؟! أشك فى ذلك أيضا، لأن تاريخ الفنان محصلة من المواقف تشكل فى النهاية سلوكه وانتماءه ووطنيته، ويقينى أن التاريخ يخلد الفنان الإنسان صاحب الإسهامات والالتزامات وليس الذى يعيش فقط فى فيلات وقصور ويكنز المليارات!!
وحتى دراما رمضان لم تنفصل فقط عن الدولة المصرية، ولكنها أساءت لبعض مؤسساتها السيادية وتحديدا وزارة الداخلية التى يستهدفها أعداء مصر فى الداخل والخارج لهدم المؤسسة الأمنية التى تحملت الكثير من التحديات والمؤامرات منذ ٢٥ يناير وحتى اليوم، لكنها تماسكت وتعافت بفضل دعم القيادة السياسية للمؤسستين الوطنيتين: العسكرية والأمنية حماة الوطن ليبذلوا الغالى والنفيس فداء لمصر، خرجت علينا دراما رمضان تصور ضابط الشرطة فى صور محزنة مثل المدمن والخائن والمرتشي، ولم نجد الصورة الحقيقية لضابط الشرطة أو الجندى الذى يقدم حياته ثمنا لأهله وبلده ويستشهد أو يصاب كل يوم فى سيناء أو الوادي، لم نجد مشهدا واحدا يؤكد أن خير أجناد الأرض من رجال الشرطة والجيش يدافعون عن الأرض والعرض للحفاظ على أمن مصر القومي، وأنهم يستحقون كل تقدير وإجلال من شعب مصر العظيم الذى أنجب هؤلاء الأبطال.
نعم لقد اختفت دراما الوطنية المصرية بعد غياب محفوظ عبدالرحمن وأسامة أنور عكاشة، والأمل فى وحيد حامد الذى قدم الجزء الأول من مسلسل «الجماعة»، وقدم فيه صورة ضابط الشرطة أو الأمن الوطنى الإنسان العاشق لتراب الوطن.
زمان تبرعت أم كلثوم بكل ذهبها للمجهود الحربي، واليوم الزعيم يتهرب من الضرائب بالملايين!