الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأسطورة.. ومؤامرة تدمير الشباب

الدكتورة غادة عبد
الدكتورة غادة عبد الرحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قلة أدب، بلطجة، تجارة سلاح، اغتصاب، وقتل.. كانت هذه الخلطة السرية التى اقتحم بها مسلسل «الأسطورة» بيوت وعقول ملايين المصريين الذين ساقتهم أقدارهم للانصياع لأحداث تلك الحبكة الدرامية «المحوجة ببهارات السبكى».
ولعله ليس من قبيل الصدفة أن يتحول بطل «الأسطورة» محمد رمضان إلى أيقونة قطاع كبير من الشباب الذين يعتبرونه «المثل الأعلى» أو حتى كثير من الفتيات اللاتى ينظرن إليه على أنه «فتى الأحلام».. والدليل على ذلك أن «رمضان» تحول إلى ملهم الموضة، سواء فى الأزياء التى يرتديها أو قصة الشعر التى تبتكر من أجله، أو حتى طريقة حلاقة الذقن التى ظهرت فى مسلسله الأخير.
وبكل أسف فإن شخصية البلطجى وصلت إلى ذروة انتشارها فى الأعمال الفنية فى المجتمع المصرى خلال السنوات العشر الأخيرة، نتيجة الظروف السياسية والاجتماعية السيئة التى صاغت شخصية البلطجى بشكلها الجديد، وجعلت جحافل الشباب الذين لا يجدون أى فرصة عمل يمتهنون هذه المهنة لجمع المال، سواء خلال المواسم الانتخابية أو خلال الحياة اليومية بوجه عام.. إلا أن هذه الحالة قد تضاعفت صفاتها الإجرامية عدة مرات فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ التى تم الزج بالبلطجية وطريدى العدالة لتشويه صورة الثوار وإعطاء صورة ذهنية تربط بين الثورة والانفلات الأمنى والأخلاقى.
وإذا كانت السينما والدراما التليفزيونية قد عرفتا شخصية البلطجى منذ عقود بعيدة، لكن يبدو أن هذه الشخصية الدرامية شهدت تطورات ملحوظة على مستوى الشكل والمضمون فى أيامنا الحالية.
وأكد نقاد وفنانون أن شخصية البلطجى اكتسبت بعد ثورة ٢٥ يناير، بعدًا سياسيًا جديدًا، نتيجة الأدوار التى بدأ يلعبها فى المجتمع المصرى بعد الثورة.
وهاجم رواد مواقع التواصل مخرج العمل التليفزيونى محمد سامى، واعتبروا أن ديكور المنزل الفخم والمترف الذى يقيم فيه الأسطورة لا يعكس ملامح الحارة المصرية.. واعتبر مغردون أن من المفترض أن يعكس منزل البطل ملامح حارة شعبية يعانى سكانها من الفقر والحاجة.
وتدور أحداث المسلسل المصرى «الأسطورة» حول شاب خريج كلية الحقوق الذى يجسده الفنان محمد رمضان، يسكن فى منطقة السبتية، يسعى للانضمام إلى السلك القضائى، ولكن نظرًا لسمعة شقيقه السيئة الذى يعمل تاجرًا للسلاح يتم رفضه.
ويتورط بعدها رمضان فى الإجرام الذى يمارسه شقيقه خصوصا بعد دخول أخيه فى صراعات مع تاجر سلاح كبير، فيقوم التاجر بقتله وتلفيق قضية تجارة سلاح له، ليدخل رمضان السجن على أثر هذه القضية.
ويقدم هذا العمل الفنى صورة سلبية عن الأحياء الشعبية و«أولاد البلد»، فبدلًا مما اشتهروا به بالشهامة والمروءة أضحت البلطجة هى عنوان المرحلة ورمزًا لروح العصر.. فمن يتأمل المشهد الذى قام خلاله «ناصر الرفاعى» فى مسلسل «الأسطورة»، بإذلال أحد الخصوم وتلبيسه «قميص» نوم حريمى وترديده للكلمات الآتية: «لما واحدة بتتصور بقميص نوم لجوزها وكانت بتقيسه له.. كل الناس هتنسى يا مرسى.. إنما لما راجل يتصور بقميص نوم ما فيش كلب فى المنطقة هينساها.. صوروا.. صورى يا منطقة»، وبالفعل خرجت موبايلات النساء من البلكونات تصور المشهد مع ابتسامة على كل الوجوه بلا استثناء، إنه الانتقام والتشفى والراحة النفسية.
وهنا تكتمل فصول مؤامرة تدمير أجيال كاملة من الشباب والتى اعتاد الغرب عمومًا وأمريكا على وجه الخصوص تصديرها لشعوب العالم الثالث، ومن بينها مصر، من خلال تسويق شخصيات خارقة للعادة مثل «سوبر مان» و«سبايدر مان» وحتى «الرجل الأخضر» وهو النموذج الذى يستهوى الشباب فيلتفوا حوله ويتخذونه قدوة، ومن هنا يسهل توجيه سلوك هذ الشباب فى الاتجاه المطلوب.. نحو الهاوية طبعًا.