الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدولة في مفهوم الإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
30 يونية ليست مناسبة لمجرد فتح خزينة الذكريات التي صاحبت خروج الإخوان المسلمين من السلطة بعد ثورة الملايين التي طالبت بعزل محمد مرسي، واستبعاد جماعته من إدارة المشهد السياسي في مصر قبل ثلاثة أعوام، وإنما لطرح عدة قضايا جوهرية تبدو في غاية الأهمية، يأتي في مقدمتها مفهوم الدولة عند الإخوان.
الاشتباك مع القضايا الفكرية التي تتبناها الجماعة كفيلة بتفسيقك سياسيًا، حتى تُصبح عدوًا ذنيمًا ولا مانع من وصفك في هذه اللحظة بالعُتل الزنيم استشهادًا بالآية الكريمة "عُتل بعد ذلك زنيم" والمقصود الجافي الشديد في كفرة الملاصق للقوم وهو ليس منهم، هذا لمجرد اختلافك مع زوايا الإخوان المنحرفة في السياسة وليس في الدين.
اختلافك مع التنظيم يأخذ مراحل قد تنتهي بوصفك في أحسن الأحوال بأنك عدوًا للمشروع الإسلامي، وهو ما يُعني بمفهوم التنظيم عدوًا للفكرة الإسلامية والإسلام، وهنا تكمن خطورة الجماعة التي ترى معارضيها بهذه الصورة.
هناك فرق كبير بين أن تسمح الجماعة بمعارضتها، وبين أن تحكم على معارضيها، علاما تعارض تنظيم رفع راية "الإسلام هو الحل" شعارًا؟ وكيف ينظر المجتمع والتنظيم لهذه المعارضة التي تراها الجماعة في حقيقة الأمر مخالفة وليست معارضة؟، ولا يغرنك تزين قوائم الجماعة في أي انتخابات ببعض من تسميهم معارضين لها في المنهج، فكل هؤلاء المعارضين عند أول محطة لا يكتفي التنظيم بتسميتهم بالمخالفين لها، وإنما يعمد لتفسيقهم سياسيًا والأمثلة كثيرة بدءً من محمد البرادعي وانتهاءً بحمدين صباحي والقائمة تطول.
الجماعة لا تقبل بالمعارضة سواء من داخلها أو خارجها بحكم فهمها لحقيقة الإسلام والذي يستلزم أن يتراص الجميع لتطبيق الفكرة متحصنين بالسمع والطاعة لمن يربط العزم لتطبيقها، التنظيم يريد معارضة هشة لسياساته ولا يسمح بمعارضة أفكاره أو تعريتها، ولا يريد أي اشتباك من هذا النوع، ويرى في صاحبة خطر يستوجب الاغتيال المعنوي، فضحايا الإخوان كُثر على مدار التاريخ حيث عمدت الآلة الإخوانيه لقنص كل من يعارضها بهذه الصورة ولا عصمة لدمه حتى ولو كان جزءً من التنظيم والأمثلة في د. كمال الهلباوي ومختار نوح ومحمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم.
جماعة الإخوان المسلمين لم يكن لديها أي مشروع للدولة سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا، وأن ما كتبته بعد وصول محمد مرسي للسلطة كان عبارة عن خواطر أشرفت الجماعة على صياغتها دون وجود أساس نظري لهذه الأفكار ولم تفلح الجماعة حتى في تطبيقها، والأخطر أن الجماعة أفرطت في تفاؤلها للمستقبل دون أي رؤية، فقط اعتمدت على طموحها.
والمشكلة الخطيرة التي تُصيب التنظيمات الدينية أن يكون هناك فرق شاسع بين الطموح والإمكانيات، فإذا كانت إمكانيات التنظيم ضعيفة ومتواضعة بينما بلغ طموحه عنان السماء حدثت المشكلة الحقيقية وأصبح التنظيم أداة لاستخدام العنف بهدف نيل طموحه، فقد تكون إقامة الدولة وأستاذية العالم التي ترفعها الجماعة شعارًا لها مشكلة خاصة إذ لم تستطع أن تترجم ذلك على الأرض الواقع، فتلجئ لوسائل أخرى قد لا تُحبذها ولكنها مضطرة للتعامل بها حتى دون أن تدري.
مكتب الإرشاد كان يمثل حديقة خلفية لإدارة شؤون الحكم، وكانت الجماعة بمكتبها في المقطم تدير كافة المؤسسات داخل الدولة وتنظم شئونه العامة فضلًا عن تنظيم شئون التنظيم، وليس لديها مانع من أن تعقد اجتماعًا واحدًا لتنظيم شؤون الدولة والجماعة معًا وهو ما كان يحدث، كما كان يعقد أمين عام التنظيم د. محمود حسين اجتماعًا واحدًا لمناقشة شؤون الحزب والتنظيم معاً داخل مكتب الإرشاد، فيضم الاجتماع أمناء الحزب في المحافظات ومسئولي المكاتب الإدارية في نفس الإجتماع! وكان ينتظر أولي الأمر صدور قرارات المكتب مع عقدة كل أربعاء من كل أسبوع، ففيه تُرسم سياسات وتوضع توصيات أشبه بالقرارات وتُمنح الشرعية وتمنع عن قوى سياسية ولا يبقى على مكتب الرئيس إلا الموافقة.
من برامج الإخوان التي اعتمدوا عليها في إدارة دولتهم التي سقطت في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة أعوام تصريحات لمرشد الجماعة محمد بديع، عندما وجه إليه سؤالًا عن برامج الإخوان على شاشة فضائية مصر 25 فرد قائلًا،: "لو لم يصنع الإخوان شيئًا غير الحفاظ على المال العام دون سرقته لكفى"، معتقدًا أن الدولة خزينة من الأموال من يأتي لحكمها لابد أن يكون أمينًا وكفى بغض النظر عن مهارته في إدارة شئون الحكم، وأخرج من معادلته قدرة هذا الشخص أو التنظيم في إدارة الدولة.
فات مرشد الجماعة أن القدرة على إدارة شؤون الحكم هي أولى صفات الأمانة "إن خير من استأجرت القوي الأمين"، فتاهت الجماعة في التفرقة بين مجرد الحفاظ على المال العام والمعنى الحقيقي للأمانة وهي القدرة على إدارة شئون الحكم فضاعت الدولة.