الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"المزاج" البريطاني.. والطلاق مع أوروبا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتظر العالم كله، وكذلك داخل بريطانيا، نتيجة التصويت على بقاء أو خروج إنجلترا من المجموعة الأوروبية.
أعلنت النتيجة بأن بريطانيا ستخرج من أوروبا لتعود لاستقلالها قبل أن تنفجر «الأفراح» لهذا الطلاق!! إنجلترا منذ قرون طويلة وهى تنتمى إلى نفسها، ومنذ دخولها إلى المجموعة الأوروبية وهى لا تشعر بارتياح أن تنتمى إلى شىء آخر غير بريطانيا.. ثم بريطانيا.. ثم بريطانيا..!!
ورغم أن نسبة التصويت للخروج لم تزد على ٥٢٪ فإن الزلزال كان له آثار اقتصادية فورية، حيث انخفض سعر الجنيه الإسترلينى ٩٪، وهو انخفاض لم يحصل منذ عام ١٩٨٥.
وحينما أقول «المزاج» البريطانى فأنا أقول إن المزاج البريطانى رفض أن يحسب المكسب والخسارة، وهو بكل المعايير خسارة أكثر من المكاسب وحسب، وأن «المزاج» لأهل هذا البلد يريد أن يعيش وحده مستقلا.!! فيكون سعيدًا..!!.
أما التغيرات على مستوى العالم بعد الطلاق البريطانى الأوروبى فهناك حالة طوارئ على مستوى البنك المركزى الأوروبى، الذى هو على استعداد لضخ سيولة جديدة إضافية.
ولكن أكد رئيس الاتحاد الأوروبى أن الدول الأوروبية متمسكة وعازمة على الحفاظ على وحدتها.
أما وزير خارجية بريطانيا الذى كان بجانب كاميرون، وبجانب البقاء مع المجموعة الأوروبية فكان غير متفائل وهو يقول إن العالم سيصبح أقل أمنًا بدون إنجلترا.
أما الرئيس الفرنسى أولاند فقد صرح بأن أوروبا يجب أن تبدى قوتها وثباتها لكى تتجاوز الأخطار الاقتصادية والمالية النابعة من خروج بريطانيا.
أما التصريح الجريء من جانب المرشح الجمهورى ترامب فكان ملخصه أنه يهنئ إنجلترا بخروجها من المجموعة الأوروبية واستعادتها لزمام الأمور فى بلادها، وستتاح يوما الفرصة للأمريكيين لإعادة إعلان استقلالها، وانتقد أوباما الذى نصح البريطانيين بالبقاء فى أوروبا.
والآن هناك ظاهرة أسعار الذهب التى ارتفعت كثيرا بحثا عن مكان آمن، وليس هناك من مكان آمن أكثر من الذهب، فى حين تراجعت أسعار بورصة باريس وفرانكفورت، وكذلك بورصة طوكيو ٨٪.
وخسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانية تويوتا ونيسان أكثر من ٨٪، لأن هاتين الشركتين لديهما مقار فى بريطانيا.
أما خبراء الاقتصاد الألمانى فمن رأيهم أنه يجب التعجل فى إجراء مفاوضات خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى للحد من الخسائر الاقتصادية.
بقى ترتيب الدول المعرضة للمخاطر ودرجة أهميتها، فمثلا هناك ثلاث دول ستتعرض إلى مخاطر عالية، وهى هولندا وأيرلندا وقبرص، فقبرص مثلا لأن إجمالى صادراتها لإنجلترا يبلغ ١.٣ مليار يورو، وأيرلندا فهى تشارك بريطانيا الحدود ويربطها العديد من أعمال التبادل التجارى، حيث بلغ حجم صادراتها إلى بريطانيا ٥.٨ مليار يورو.
واللافت للنظر أن أحزاب اليمين المتطرف فى أوروبا مثل فرنسا رحبت بقرار إنجلترا، فقد أعلنت مارين لوبين رئيسة حزب الجبهة الوطنية أن تصويت إنجلترا يعتبر انتصارًا للحرية، ودعت فرنسا لتجرى استفتاء مماثلا، وفى ألمانيا دعا «حزب البديل من أجل ألمانيا» إلى إجراء استفتاء فى بلاده.
فى حين صرح رئيس وزراء الدنمارك بأن بلاده لن تجرى استفتاء، وأنه يأسف لنتيجة الاستفتاء البريطاني.
وفى بولندا أعلن رئيسها السابق كواسينيفسكى أن انسحاب بريطانيا سيؤدى إلى فوضى فى أوروبا، كما أنه سيكون نهاية بريطانيا.
ولكن على مستوى آخر أكد الأمين العام لحلف الأطلنطى أن وضع بريطانيا داخل الحلف لن يتغير. بقى الآن أن هناك أجندة لقاءات واجتماعات، أولها لدول الاتحاد الأوروبى فى لوكسمبورج للتحضير للقمة الأوروبية المرتقبة فى ٢٨/٢٩ يونيو، وثانيها سيكون اجتماعا لوزراء خارجية الدول الست لمؤسسة الاتحاد الأوروبى، وهى فرنسا وألمانيا وهولندا ولوكسمبورج وبلجيكا وإيطاليا، ويوم السبت بألمانيا لدراسة الموقف ونتائجه.
أما رئيس وزراء روسيا فقد قال فى تصريح له إن خروج بريطانيا زاد من تقلبات أسواق السلع الأولية، وهو ما يثير قلق موسكو.
ولاشك أن الضحية الأولى لنتيجة الاستفتاء كان ديفيد كاميرون نفسه الذى أعلن عزمه على الاستقالة فى أكتوبر القادم، لأنه يرى أن رئيس الوزراء القادم هو الذى سيتولى مسئولية المفاوضات فى عملية الخروج من الاتحاد.
وفى الخلاصة كيف يمكن أن نقيم مسئولية قرار إنجلترا بالخروج من البيت الأوروبى، والبعض يقول هذه هى الديمقراطية، والبعض يقول هذا قرار انتحارى، والسؤال هل هذا هو ثمن الديمقراطية؟