الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"حقائق" أم "هلاوس" عبدالناصر سلامة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما عرضه عبدالناصر سلامة، رئيس تحرير الأهرام السابق، فى مقالة بـ"المصرى اليوم" اليوم عن إخفاء الدولة لوثائق تثبت ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير، وتأكيده على أن معلومته مصدرها الرئيس الأسبق حسنى مبارك أمر لا يجب أن يمر مرور الكرام، والتحقيق فى هذا الأمر واجب، فثبوت وجود ذلك المستند قد يغير مسار القضية، أما إذا ثبت أنها محض "هلاوس" فيجب أن يُحاسب، فنحن أمام اتهام مبطن بالخيانة لكل أجهزة الدولة المصرية التى فرطت فى "أرض" مصرية على حد تعبيره.
لا أسعى للرد على ما كتبه "سلامة" ولا التعليق على مقالاته التى تتشابه كثيرًا مع توجه كثير من القيادات الصحفية التى خرجت من رئاسة التحرير بعد 25 يناير و30 يونيو، فالجلوس على مقعد رئيس التحرير فى الصحف القومية أصبح يختلف عن اليوم التالى للخروج منه، فغالبيتهم اختار طريق المعارضة السياسة بدون سابقة انتماء للمعارضة، يمكن أن تفسرها على أنها انتقام أو غضب من الخروج، وربما ظهور لحقيقة أفكاره التى كانت مخفية، وهى حرية شخصية على أية حال.
صفحة "أنا آسف يا ريس" التى تديرها مجموعة من المعجبين بالرئيس الأسبق، وتدعم بالنشر كل المقالات المؤيدة للرئيس الأسبق سواء لسلامة أو لغيره من كتاب الحزب الوطنى المنحل، احتفت بالمقال الأخير، والذى يظهر فيه الرئيس الأسبق وكأنه رفض تسليم الجزر وتحدى المملكة السعودية، بالرغم من وجود رواية أخرى تؤكد توثيق شهادة الرئيس الأسبق فى أوراق القضية وتأكيده على أنهما سعوديتان احتلتهما مصر بموافقة السعودية، وألمحت مصادر خاصة فى هذه الرواية شبه الرسمية إلى أن اللجنة التى شكلها الرئيس السيسى لبحث موضوع تبعية الجزيرتين لجأت للجمعية الجغرافية البريطانية بصفتها الوحيدة التى لديها أقدم خرائط فى العالم، وكان رأيها أن الجزيرتين سعوديتين، وهو ما اتفق أيضًا مع شهادة المشير حسين طنطاوى، حيث أكد أن الجزيرتين قام جمال عبدالناصر باحتلالهما بموافقة سعودية، وبعدها دخل عبدالناصر فى خلافات قوية مع السعودية كان من نتائجها قطع العلاقات بين البلدين، وأيضا الرئيس الأسبق حسنى مبارك لديه خلفية كبرى عن حقيقة وضع الجزيرتين منذ عهد عبدالناصر.
وتم إرسال وفد على أعلى مستوى إلى مبارك لسؤاله، وكان رأيه: "أن الجزيرتين سعوديتان، احتلناهما بعد توافق مع السعودية؛ لأنها لم يكن لديها قوات بحرية تستطع حمايتهما، وأنا شكلت لجانًا كتير وعقدوا اجتماعات متواصلة لبحث تسليمهما للسعودية لكنى كنت بـ(أماطل فى التسليم) خوفا من رد فعل الرأى العام، وإذا أردتم معرفة المزيد عن الجزيرتين عليكم الاستماع إلى كل من (اللواء محسن حمدى؛ لأنه كان رئيس هيئة المساحة العسكرية، وكان أيضا يتولى رئاسة اللجنة العسكرية المشرفة على عملية انسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها بعد نكسة ١٩٦٧) والدكتور مفيد شهاب؛ لأنه كان مسئول المفاوضات مع إسرائيل لعودة طابا.
وتشكلت وفود رسمية للذهاب للثلاثة (اللواء محسن حمدى، والدكتور مفيد شهاب، وسامى شرف) وكان أول رد فعل سريع من جانب "سامى شرف" الذى قال: إن الجزيرتين سعوديتان وجمال عبدالناصر كان يعتبرهما ذات أهمية كبرى لخنق إسرائيل، وكانت لديّ كافة المستندات والوثائق التى تثبت ذلك، ولكن تم سرقة كل المستندات حينما تم إلقاء القبض عليّ عام ١٩٧١ بأمر من الرئيس السادات، والأستاذ محمد حسنين هيكل يعرف قصة الجزيرتين كاملةً، ويعلم أن عبدالناصر استخدمهما لكسر أنف إسرائيل بموافقة سعودية، وهو ما ظهر فى كتابه "سنوات الغليان" الصادر عام 91 .
لا أريد أن أجزم أن هناك محاولة لاستغلال قضية تيران وصنافير لتلميع الرئيس الأسبق مبارك على حساب الرئيس السيسى، رغم أن كل الشواهد تؤكد ذلك، فالأول "سَوَّف" القضية، والثانى قرر بشجاعة التصدى لها، تلك الشجاعة لم تعجب البعض، ومن ثم ظهرت محاولات "سلامة" وغيره بشكل متزامن ومحير، فهل نحن أمام حملة منظمة هدفها استغلال تلك القضية لوضع الشارع المصرى فى حيرة وتشكك وإحباط من إدارة البلاد؟
أرى أنه لا حل أمامنا سوى اللجوء لجهات التحقيق والقضاء المصرى المستقل الذى يتصدى للقضية حاليًّا، ويمكنه طلب شهادة مبارك، وإذاعتها للناس لنكتشف معًا حقيقة ما كتبه "سلامة" وغيره من الكتاب المنتمين للحزب الوطنى المنحل.