الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عادل عبده يخرج عن صمته: كفاءات البيت الفني للفنون الشعبية صدأت والأوضاع أصبحت "تكسف".. والعلاقات الثقافية الخارجية تتسبب في أزمة مع سلطنة عمان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لا كرامة لنبي في وطنه".. مثل قديم ينطبق تماما على المخرج المسرحي الكبير عادل عبده، ابن البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، وأحد أهم الكوادر التي تعاني الإهمال بالبيت الفني، رغم أنه قدم أهم وأكبر الملاحم الشعبية في العديد من الأعياد القومية والمهرجانات بعدد من الدول العربية مثل سلطنة عمان وليبيا وغيرها، فضلا عن الكثير من الأعمال المسرحية المهمة، كما حاز على الكثير من التكريمات من بعض الدول؛ فضلا عن حصوله على درجة فنان قدير منذ عشر سنوات.
فقد قدم حفل افتتاح وختام مهرجان مسقط 2004، 2005، ومهرجان صلاله 2007، 2009، 2010، والعيد الوطني لسلطنة عمان 2015، وقدم في ليبيا أكبر ملحمتين في الوطن العربي الأولى فارس ورجال وحضرهم كل زعماء العرب والأفارقة وكانت تضم ألف حصان بالجمع بين عدد مشابه من الجمال وشارك بالحفل 6000 فنان وراقص وشارك من مصر في هذه الملحمة 300 فنان، وكان يعمل تحت يده 42 فرقة عربية بخلاف الفرق الأجنبية والأوكرانية المشاركة في الملحمة، وتم منحه درع العيد الوطني لسلطنة عمان، 
كما تعددت أعماله المسرحية سواء في مسرح الدولة أو المسرح التليفزيوني أو مسرح القطاع الخاص، ومنها "شقاوة" من إنتاج محمد فوزي وبطولة سيد زيان ووفاء عامر وسمية الخشاب ومحمود الجندي، و"مراية الحب" للكاتب مصطفى الضمراني وبطولة إيساف وفرح، و"ليلة أنس" وهي مسرحية غنائية وظلت تعرض 3 سنوات ما بين القاهرة والإسكندرية، بطولة فادية عبدالغني وكانت آخر أعماله على مسرح البالون مسرحية "زي الفل" بطولة وحيد سيف وريم البارودي وميسرة، في عام 2010.
"البوابة نيوز" التقته لتتعرف على سر غيابه خلال الفترة الأخيرة من خلال هذا اللقاء..



لماذا اختفيت عن الأنظار الفترة الماضية؟
لم أكن مختفيا وإنما كنت مشغولا بإخراج حفل العيد الوطني لسلطنة عمان وهو حدث مهم وكبير وأي مخرج يتمنى القيام به، ولقد قدمنا ملحمة حققت نجاحا كبيرا، وللأسف كنت أتمنى أن يكون سفري عن طريق وزارة الثقافة من خلال الإعارة التي أرسلت لي من سلطنة عمان مثل جميع المبدعين الذين شاركوا في الملحمة من أنحاء الوطن العربي؛ إلا أنني فوجئت بالاستهتار الشديد بالطلب الذي قدمته لهم للإعارة بقطاع العلاقات الثقافية الخارجية، حتى أن المستشار الثقافي العماني في القاهرة أعرب عن استيائه الشديد للجنة العليا للاحتفالات بالسلطنة، وهو موقف أصاب المسئولين بالسلطنة بالدهشة خاصة أن العلاقات الثقافية بين البلدين وطيدة، ولا ننسى ما فعله السلطان قابوس من التبرع لإنشاء أوبرا المنصورة بعد الحادث الإرهابي الذي دمر المسرح.

وكيف قمت بحل هذه المشكلة؟
كاد يتسبب هذا الأمر في أزمة كبيرة ولكن الله قدرني لاحتواء الموقف فقمت بأخذ أجازة بدون مرتب وقلت للمسئولين في عمان أن هذه المعوقات لموظفين صغار ولكن مصر ليس لها علاقة بهذا الفساد، وقمت بإخفاء الموضوع عنهم؛ رغم أنني عرضت الموضوع على رئيس قطاع الإنتاج الثقافي السابق وكنه قام بتسويف الموضوع وكذلك رئيس البيت الفني وقام بتسويف الموضوع أيضا وكنت أتمنى أن يتعاملوا مع الموضوع باحترافية وذكاء أكثر مما حدث وليس من منطق الغيرة والحسد، وعلمت فيما بعد أن بعض كبار المبدعين حدث معهم نفس الأمر ومنهم فنانين تشكيليين ومستقلين فتضايقت جدا وأنا هنا لا أتحدث عني وإنما أتمنى أن يتم التحقيق في وقائع الفساد فكيف يمكن لمسئول أو موظف أن يعرقل مشاركة فنان في حدث دولي يساهم في رفع اسم مصر عاليا لأن العيد الوطني لعمان ليس شيئا هينا وقد تعاملت خلاله مع جميع التقنيات وكنت أتعامل مع 6000 شخص ما بين عاملين وممثلين وراقصين كانوا من جميع أنحاء العالم.



وهل تقدمت بشكوى رسمية؟
للأسف لم أتقدم بشكوى رسمية في هذا الأمر، ولكني عندما عدت لمصر حدث معي أمر آخر لم أتخيله وأعتقد أنه يحدث للمرة الأولى في تاريخ البيت الفني حيث فوجئت بضياع طلب الأجازة الرسمية التي تقدمت بها لرئيس البيت الفني ومن حسن الحظ أن فرقة الغنائية الاستعراضية كانت تحتفظ بصورة منها كما أنني كنت أحتفظ بصورة أيضا وعلمت بعد ذلك من رئيس البيت أنه حول الموضوع للتحقيق في النيابة الإدارية وكان يمكن أن أفتعل أزمة كبيرة ولكنني تغاضيت عن هذا الأمر طالما ظلت الأزمة داخلية لديهم ولم يوجهوا لي أي اتهامات في هذا الشأن. 

وما آخر أعمالك الفنية؟
أجهز الآن لعمل مسرحي بعد أن اتفق معي المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافي منذ عدة أشهر على نيته افتتاح مسرح البالون بعد التطوير بعمل فني كبير فاخترت مسرحية "نيرون" من تأليف حمدي نوار؛ وكنت قد تقدمت به للبيت الفني منذ أكثر من عام ونصف وتمت الموافقة عليه من قبل لجان القراءة والمكتب الفني وكل الجهات المختصة وهو عمل كبير وسيجد صدى كبير في الوسط الفني، ولكن إلى الآن لم أبدا في تنفيذه على أرض الواقع.



كيف تقيم أداء البيت الفني للفنون الشعبية في الوقت الحالي؟
لا أريد أن اتحدث بالتفصيل في هذا الأمر لوجود رئيس بيت مسئول عنه في الوقت الحالي وحتى لا يتم تفسير كلامي بشكل خاطيء ولكن بشكل عام، فإن البيت الفني يعاني الإهمال الشديد والكفاءات الموجودة من الفنانين والفنيين أوشكت على الصدأ من قلة الأعمال التي تقدم حتى الموهوبين لم يعد لديهم ثقة في المكان لأن يقوموا بإخراج طاقتهم أو إبداعاتهم في المكان وللأسف معظم رؤساء البيوت المتعاقبين لا يعلمون إمكانيات الناس الموجودة ولا يستطيع أن يفرق بين هوية كل فرقة وأخرى وهناك نواقص كثيرة جدا فالفرقة الغنائية الاستعراضية على سبيل المثال لا يوجد بها راقص واحد رغم أن هذه الفرقة كانت تنتج كل الأوبريتات العظيمة التي قدمت على خشبة البالون وللأسف لم يعد في الفرقة إلا عدد من الفنانين يعدون على أصابع اليد، وأصبحت الأمور تكسف، وأتمنى ممن يتولون إدارة البيت أن يعمل للمكان لا يكون همه أن يقدم أعمال كثيرة دون مضمون فالكيف مهم مثل الكم بالضبط.

يتهم البيت الفني دائما بأنه بلا كفاءات؟
كثيرا ما يتردد مثل هذه الأمور ولكنني أؤكد أن الكفاءات موجودة في كل الفرق ولكنها تحتاج من يعيد اكتشافها وإلى من يزيل عنها الغبار وساعتها ستجد جواهر، ولا أريد أن أقول أن الكفاءات "غرست في الوحل"؛ فالبيت يضم عدد من الفرق التي ليس لديها مثيل وتحمل على عاتقها تاريخ طويل من الفنون؛ مثل فرقة رضا والفرقة القومية للفنون الشعبية وفرقة الموسيقى الشعبية التي تعتبر مخزن التراث الشعبي وحارس الذاكرة المصرية، إضافة إلى السيرك القومي، ولاشك أن بيت فني يضم كل تلك الفرق بهذا لاتنغام يمكن إذا أحسن استغلاله أن يتحول إلى مكان يضاهي دار الأوبرا بحيث يتحول مسرح البالون إلى أوبرا شعبية؛ إلا أنني أحزن جدا عندما أدخل البالون أجده مظلم ولا يوجد أي نشاط إلا لناس تجلس على الكافيتريا أغلبهم "تعبان نفسيا" ولا يقدم شيئا إلا أنه ينتظر أول الشهر ليتقاضى المرتب دون أن يقدم شيئا؛ والمشكلة أن هؤلاء الفنانين يريدون أن يقدموا أعمالا فنية تخرج الطاقات التي بداخلهم ولا تتلخص متطلباتهم في تقاضي الرواتب فقط، ولو فعلت ذلك سيتناسوا قلة الرواتب؛ ولذا أرجو أن تهتم الدولة بالبيت الفني ولا اقول ذلك لأنني أرغب في تولي رئاسة البيت الفني رغم أنني أحد المرشحين لرئاسة البيت الفني منذ أكثر من عشر سنوات.



ولماذا لم تتولَّ رئاسة البيت الفني طالما تترشح لرئاسته منذ 10 أعوام؟
ليست مشكلتي في تولي رئاسة البيت ولا يشغلني هذا الأمر على الإطلاق ولكنني من كثرة من تولوا رئاسة البيت لم تعد تتملكني الدهشة من هذا الأمر، فأحيانا يختارون أحد المتخصصين في أمور البيت وكثيرا ما يختارون من ليس له أدنى علاقة بالأمر حتى أنهم ذات مرة اختاروا شخص يعمل بالبترول، ولم يتبق إلا أن يختاروا "سايس الجراج" ليتولى رئاسة البيت الفني؛ ورغم ذلك أثق أنهم لن يختارونني؛ لأن المعايير غامضة وليست مفهومة، وكل همي أن يختاروا فنان فاهم يقوم بتطوير المكان بشكل صحيح، وأتوجه لوزير الثقافة بالرجاء الاهتمام البيت الفني للفنون الشعبية والهيئة العامة لقصور الثقافة فهم أهم مكانين بالوزارة على الإطلاق.