الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

للمرة المليون.. مصالحة مع مَن؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثارت التصريحات الأخيرة للمستشار «العجاتى»، وزير مجلس النواب، لغطا شديدا فى الشارع السياسى حين قال –لا فض فوه- إنه يعكف على إعداد مشروع للعدالة الاجتماعية، يتضمن مشروعًا للمصالحة مع الإخوان، لعرضه على البرلمان!.
والسؤال الموجه لسيادة الوزير: هل تتحدث باسمك الشخصى باعتبارك مواطنا أم أنك تتحدث باعتبارك وزيرا فى وزارة يرأسها رئيس مجلس الوزراء؟.
وهل أذن لك المجلس بأن تدلى بهذا التصريح أم أنك اجتهدت بغير معرفة حقيقية بطبيعة التنظيم الحديدى لجماعة الإخوان المسلمين؟.
وهل المشكلة فى المصالحة –كما زعمت- مع الإخوان الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء، أم مع التنظيم، بمعنى السماح بعودة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من جديد بهياكلها التنظيمية المعروفة؛ وهى المرشد العام ومكتب الإرشاد ومجلس الإرشاد ومديرو المكاتب الإدارية ورؤساء الشُّعَب؟.
معنى ذلك يا سيادة الوزير أنك تمهد الطريق لعودة الجماعة إلى الحياة السياسية مرة أخرى حتى تعدّ -بهدوء وفى ظل القانون- للانقلاب مجددا على الدولة المصرية!.
وفى تقديرنا أنه على السيد المهندس «شريف إسماعيل»، رئيس مجلس الوزراء، أن يصدر على الفور بيانا يشرح فيه مبررات اقتراحات الوزير، لأنه لو كان قد اجتهد فى هذا الأمر الخطير بمفرده لكان معنى ذلك أنه يقف ضد الإرادة الشعبية التى تمثلت فى الحركة الثورية التى قامت فى ٣٠ يونيو وبدعم جسور من القوات المسلحة وأنتجت بعد ٣ يوليو الدولة التنموية الجديدة بدستور جديد ورئيس جديد للجمهورية هو «عبدالفتاح السيسى» ومجلس نواب جديد.
والسؤال الموجة لسيادة الوزير: ما هو الهدف من المصالحة التى يقترحها؟، هل هو عودة جماعة الإخوان المسلمين من جديد بتنظيماتها وتشكيلاتها لممارسة دورها التقليدى وهو الكمون فى الظل والعمل الدءوب على الانقلاب على الدولة المصرية سواء بالعنف الذى تمرست به طوال عمرها، أو من خلال انتخابات سياسية مزورة -بالمعنى الاجتماعى للكلمة- ونقصد تزييف الوعى الاجتماعى والاعتماد على الشعارات الدينية لخديعة المواطنين البسطاء؟.
ألم ترفع جماعة الإخوان المسلمين حين ظهرت نتائج الاستفتاء الشهير المشبوه «الانتخابات أولا أم الدستور أولاً»- شعار غزوة الصناديق؟.
وهذا التعبير الذى صكته الجماعة لحشد الناخبين وراء المرشحين تعبير بالغ الدقة فى الواقع!، لأن الهدف الاستراتيجى المعلن للجماعة هو «غزو» المجتمع المصرى من خلال مشروعها فى «أسلمة المجتمع وأخونة الدولة».
ألم تظهر دعوات أطلقتها بعض الجماعات الدينية المتطرفة -المتحالفة مع جماعة الإخوان- لتكوين «شرطة دينية» تقوم فى الشوارع بمهمة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟.
وألم تكن هذه دعوة مبكرة لاحتلال المجال العام، وفرض قيم اجتماعية مشوهة بحكم التأويلات الدينية المنحرفة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟.
لو تم مشروع «الغزو الإخوانى» للمجتمع لتخلّق لدينا مجتمع فاشىّ يهيمن عليه مجموعة من الفقهاء المتخلفين الذين يمثلهم فى الوقت الراهن مشايخ السلفية الذين يكثرون من الفتاوى الشاذة، التى تتضمن محاولة منظمة للتحكم فى عقول الناس وسلوكها الاجتماعى.
ولو طالعنا فترة حكم الإخوان المسلمين القصيرة الذى ثارت عليه ملايين المصريين لاكتشفنا أنهم –عكس ما صرح به الدكتور «مرسى» حين كان مجرد مرشح لحزب النور والعدالة- لو حكموا فسيكون ذلك «مشاركة لا مغالبة» بمعنى أنهم سيتعاونون مع الجميع ولن يقوموا بإقصاء أى تيار سياسى معارض.
غير أن الممارسة العملية –بعد أن تولى الرئيس المخلوع منصب رئيس الجمهورية- أثبتت أن حكمهم سيكون مغالبة لا مشاركة.
والدليل على ذلك هيمنتهم المطلقة على لجنة وضع الدستور، وإقصاؤهم كافة التيارات السياسية الليبرالية والثورية. وقد بلغت ذروة الحكم الإخوانى الديكتاتورى قمتها، وهى صدور الإعلان الدستورى الكارثى الذى نزع الشرعية الدستورية عن «محمد مرسى» الرئيس المخلوع –لأنه بهذا الإعلان- أعلن نفسه ديكتاتورا مطلق السراح.
وقد جابهت شخصيا الدكتور «محمد مرسى» بحقيقة المسلك الإخوانى فى المغالبة لا المشاركة فى الاجتماع الذى عقده مع مئات المثقفين والفنانين فى قصر الاتحادية. وقلت له: عكس ما وعدت به، حكمكم أصبح مغالبة لا مشاركة. وأضفت: لن يستطيع فصيل سياسى واحد أن ينفرد بحكم مصر.
ويشهد على هذا النقد المباشر عشرات المثقفين ممن حضروا اللقاء.
ونقول أخيرًا لسيادة الوزير -صاحب اقتراح المصالحة مع الإخوان- ليست المسألة عدم مصالحة الإخوان الذين تلوثت أيديهم بالدماء، بل عدم مصالحة الجماعة الإرهابية التى تلوثت أيديهم بالدماء فى جرائم الإرهاب التى يقومون بها كل يوم.