الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إبراهيم محلب ونظرية "الدوا التركيب"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما ذهب أعضاء من لجنة استرداد الأراضى التى يرأسها المهندس إبراهيم محلب لمقابلة بعض نواب البرلمان، وجدوا من يسألهم: وهل ستفتحون ملفات جمعيات الجيش والشرطة التى وضعت يدها على أراضى الدولة، ودون تردد أجاب أحد أعضاء اللجنة: نعم سنفتح كل الملفات، فلا أحد الآن فوق القانون. 
كنت قد سألت هنا عن المعايير التى تضعها اللجنة فى عملها، عن مساحة الشفافية التى يجب أن تتمتع بها؟ 
ومن المهندس محلب سمعت ما يمكن أن يكون منهجا للعمل العام فى مصر. 
فى لجنة استرداد الأراضى جمع المهندس محلب ممثلين عن الجيش والرقابة الإدارية والأمن الوطنى والكسب غير المشروع والضرائب والأموال العامة، لا يأخذ قرارا إلا بعد أن يستطلع رأى كل هذه الجهات، ولا يصدر قرارا يخص قضية معينة إلا بإجماع الآراء. 
الأرقام هنا لن تكون مفيدة، لا مساحة أراضى الدولة التى لم يتم تقنينها بعد، ولا المبالغ التى حصلتها اللجنة، ولا المبالغ المتوقع الحصول عليها، المهم فى المسألة كلها المنهج الذى يفتقده كثير من مؤسسات الدولة. 
أمام اللجنة آلاف الحالات، بعضها يكشف شبكة الفساد التى أضاعت على الدولة أراضيها وأموالها، من بينها مثلا حالة لرجل أعمال حصل على ٣٧ ألف فدان، لم يدفع للدولة مليما واحدا، بل صدر قرار من وزير الزراعة السابق أمين أباظة بإعادة الأرض إلى الدولة مرة أخرى، وبفعل الفساد تحول القرار إلى مجرد حبر على ورق. 
الآن استردت اللجنة ما يقرب من ٢٥ ألف فدان، وتركت لرجل الأعمال ١٢ ألف فدان لأنها وجدتها مزروعة. 
وهنا تظهر نظرية إبراهيم محلب التى يبدو أنها كانت أداته فى مواقع عمله المختلفة (المقاولون العرب – وزارة الإسكان – رئاسة الوزراء – لجنة استرداد الأراضى الآن). 
يطلق عليها «الدوا التركيب»... فكل مشكلة لها حل مختلف يناسبها، لا يمكن أن تطبق نفس القواعد على كل الحالات رغم اختلافها وتناقضها، ولذلك تنجح اللجنة فى معالجة حالات رجال الأعمال الذين حصلوا على أراضى الدولة، لديها قواعد ثابتة نعم، لكنها مرنة جدا. 
فى تقدير إبراهيم محلب، أن لجنة استرداد الأراضى لن تنتهى من عملها إلا قبل عام، وهى فترة وجيزة جدا، لمواجهة النهب المنظم الذى تعرضت له أراضى الدولة منذ سنوات. 
حالة هذه اللجنة والنجاحات التى تحققها، يجعلك تسأل: لماذا لا تسود هذه الروح فى بقية قطاعات الدولة؟ 
الآن لدينا قيادة سياسية لديها إرادة واضحة لمواجهة الفساد، للبناء، لتجاوز كل الأزمات التى تعيشها مصر، فما الذى يمنع آخرين من العمل كما يعمل إبراهيم محلب. 
يبدو أن الأزمة فى السيستم كما يقولون، وليس معنى أن إبراهيم محلب يدير عمله بهذه الكفاءة، أن كل من يتولى مسئولية فى هذا البلد يمكن أن يكون مثله، ما زلنا نعيش عصر الأفراد، وهو عصر مرهق لمن يتصدون للعمل العام، ويلقى على أكتافهم مسئوليات كثيرة، لكنهم فى الغالب يكونون على قدرها... ومحلب من هؤلاء الذين ساقتهم أقدارهم ليكونوا هنا فى هذه الفترة التى تحتاج فيها مصر إلى بناءين عظام... ومسئولين قادرين على المواجهة والعمل لوجه هذا الوطن فقط.