الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

شيخ الأزهر: حديث (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) صحيحٌ أُسيء شرحه

 أحمد الطيب
أحمد الطيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: إن حديثَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) -حديثٌ صحيح، ولكن فَهْمُ البعض له على أنه يجب استخدام السيف لنشر الإسلام فهمٌ خاطئٌ، ولا يدلُّ على معرفةٍ بعلوم اللغة العربية، إذ إن كلمة (الناس) في (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) لا يقصد منها الكون كله أو البشرية كلها، لأن (ال) في الناس للعهد، أي ناس معهودين ومخصوصين؛ وهم مشركو مكة الذين أخرجوا المسلمين، وحاربوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونكثوا عهودهم ولا يَرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وبالتالي فإن المقصود بقتال الناس قتال المشركين المعتدين آنذاك، حيث إن كلمة (الناس) هي من العام الذي أريد به الخاص، و(أقاتل) تعني رد العدوان المبدوء من جهة المشركين.
وأضاف شيخ الأزهر في بيان اليوم عن حلقة برنامجه (الإمام الطيب) الذي يذاع يوميًّا طوال شهر رمضان المعظَّم على التليفزيون المصري وقنوات سي بي سي إكسترا، وإم بي سي مصر، وتليفزيون أبو ظبي وعدد من القنوات الفضائية الأخرى، أن شرط القتال في الإسلام أن يكون في سبيل الله، و"سبيل الله" ليست كلمة فضفاضة كما يظن البعض، بل هي كلمة منضبطة ومفهومة في إطار قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا.."، حيث شُرعت أحكام القتال وأحكام المستأمنين وأحكام الأسرى وأحكام المعاهدين، في إطار أخلاقيات غير موجودة في أي نظام في العالم لا قديمًا قبل الإسلام ولا بعد الإسلام حتى الآن، مبديًا إعجابه بعبارة للأديب العربي العملاق مصطفى صادق الرافعي التي يقول فيها: "إن لسيوف المسلمين أخلاقًا" يعنى هناك أخلاق تضبط سيف المسلمين، مؤكدًا أن الحرب لا تُعلن من أي جهة إلا من حاكم الدولة أو من ينيبه من وزارة الدفاع أو مجلس أعلى للحرب، ولم يحدث في الفقه الإسلامي أنْ تُرك للأفراد أو للجماعات أو المجموعات على الإطلاق مهمة إعلان الحرب؛ لأن هذا أمر خطير لو ترك لمجموعة لأصبح الأمر مسرحًا للدماء.
وأشار الإمام الأكبر إلى أن الفتوحات الإسلامية كلَّها ليست احتلالًا، وإنما كانت لعرض الإسلام والدعوة إليه فقط، وذلك أنها أعطت الحرية المطلقة لأهل البلاد المفتوحة؛ إمَّا الدخول في الإسلام، وإمَّا البقاء على دينهم والإقامة في أوطانهم مقابل رمز يدل على أنه يخضع لهذه الدولة الجديدة، وهذا الرمز كما يقول العقاد: "أَيسرُ ما يَقبلُه غالبٌ من مَغلوبٍ"، مؤكدًا أن الإسلام لم يستخدم السيف لنشر الدعوة على الإطلاق، لأن القرآن الكريم حدد منهج الدعوة ولم يتركه لاجتهاد الأفراد أو الجماعات، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فليس أمام المسلم إلا وسيلةٌ من ثلاث وسائلَ يبلِّغ بها رسالة الإسلام؛ وهي: الحكمة التي تعني الحجة والبرهان، ثم الموعظة الحسنة التي تُلين القلوب، وبها معطياتٌ عاطفية تزيِّن للإنسان الإيمان، ثم الحوار شريطة أن يكون بالتي هي أحسن، فإذا لم يستجب المدعوُّ فدعه وشأنه: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وقد طَبَّق النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا حين وَفَد إليه نصارى نجران ليجادلوه ويحاوره في أمر الدين الجديد، واستقبلهم في مسجده –صلى الله عليه وسلم- وحين حانت صلاتهم قالوا للنبيِّ: يا محمدُ، إنَّ هذا وقتُ صلاتِنا، وإنَّا نريدُ أن نُؤدِّيَها، فقال لهم: "دُونكم هذا الجانبَ مِن المسجدِ، صلُّوا فيه" وأدوا صلاتهم، وبعد ذلك رفضوا أن يدخلوا في هذا الدين، ومع ذلك كرمهم النبي –صلى الله عليه وسلم- وودعهم وأرسل مَن يُودِّعهم إلى خارج المدينة، وهذه هي دعوة الإسلام ونبي الإسلام لا فيها سيف ولا فيها إكراه، لأن السيف يستخدم في الدفاع وليس في الهجوم.
ووجّه شيخ الأزهر رسالة للشباب الموجودين على مواقع التواصل الاجتماعي ولهم صفحات تروج للعنف أو الدعوة للإسلام بالسيف فقال: "لا يصح أن تؤخذ أحكام الدين الإسلامي من وسائل التواصل الاجتماعي، لأن هذا الدين علم، وهذا العلم يجب أن يأخذوه من إعلامه لا من أدعيائه، وجهلهم لن ينجيهم من الله يوم القيامة إذا عبثوا بالدماء باسم الفهم المغلوط للإسلام.