الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شياطين وبلطجية.. الفتى هَدْ السقف!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن الإعلان إياه الذى يستخدم نجاح لاعب الكرة الشهير محمد الننى جاب آخرنا.. وتعدت حدود أحلامنا التى رفعها هذا اللاعب «السقف».. اخترقته.. فصرنا فى العشر الآواخر من رمضان لا نطلب أن نتجاوز طموحات لاعب مصرى شهير بدأ من الصفر فقط.. أصبحت هناك نماذج أهم.. ناصر الدسوقى، «ونوس»، «يونس ولد فضة».
أعرف قطعًا أن ما تطرحه الدراما هو غيض من فيض.. وأن المؤلفين ليسوا ملزمين بتقديم «خطبة الجمعة».. أو أنهم يجب أن يقدموا بلادنا على الشاشة باعتبارها المدينة الفاضلة.
من الآخر - عمرى ما طلبت - إنهم يعملوا زى محمد عبدالوهاب و«يجيبوا الخرفان مستحمية على الشاشة»!!
لقد تجاوز المشاهد العربى هذه الأفكار منذ زمن طويل.. ويعرف أطفالنا أن ما يشاهدونه على الشاشة مجرد «خيال مؤلف».. لكنهم يعرفون أيضا أن الواقع تجاوز هذا الخيال بمراحل.. ولذلك كان من الطبعى أن ينتظر كل واحد فينا «ليلة القدر»، فربما أصبح «يونس ولد فضة» تاجر الآثار الذى يملك قريته ويشترى أصلا ليس له، ويتحكم فى موظفين وخدم، ويسكن فى «سرايا» ويتزوج مرة واثنتين.. من بنت الأصول والكبرات التى تنجب له الولد.. وحبيبة القلب التى لا مثيل لجمالها وذكائها.. طب منين ده كله؟! كيف يتأتى لشاب لم يكمل تعليمه.. مجهول النسب.. أن يفعل كل ذلك - حتى وإن كان يتحدث بلغة شكسبير وتولستوى وإبراهيم الفقى.. كيف له أن يركب «الهامر».. ويركب أحلامنا بكل هذه السهولة.. أراحنا الصديق عبدالرحيم كمال، وجاء بواقع يعرفه القريب والبعيد من أهلنا فى الصعيد.. مافيش أسهل من «تجارة الآثار» فى الخفاء، وبناء العمارات، وارتداء ثوب المقاول فى العلن.. فهل جاء عبدالرحيم كمال بـ«يونس ولد فضة» من بيتهم؟! بالقطع لا.. وارجعوا إلى النيابات ومحاضر شرطة الآثار.. ارجعوا إلى قضية شهيرة مثل قضية «السويسى» التى طالت أسماء كبيرة فى حينها من رجال السياسة.
الوضع نفسه فى «الأسطورة».. شاب بسيط يعمل فى «الخراطة» ويتاجر فى السر فى «المقاريط».. أو ما نعرفه نحن بالخرطوش.. هذه المرة النموذج الذى يقدمه محمد رمضان من حارة مصرية لم يحدد موقعها.. والشراكة التى تقوم بين ضابط شرطة وهذا الشاب وآخرين من «علية القوم»، نكشف جانبا ليس خفيا من عالم تجارة السلاح.
هذا النموذج الذى يجسده ناصر الدسوقى.. الذى لا يعترف بدولة القانون.. ويأخذ حقه وثأر أخيه بدراعه.. وينتقم من حبيبته «تمارا» ابنة الكبار ومن القانون الذى ظلمه عند حصوله - وهو طالب بالحقوق - على أعلى الدرجات، لكنه استبعده من تعيينات النيابة.. لقد أوجد المؤلف مبررات كافية لنقبل بصناعة بلطجى.. لقد فقد الشاب الطيب فرصة فى العمل.. ومات شقيقه جهارًا نهارًا على يد منافسه البلطجى.. وأهينت زوجته فى الشارع وكذلك أمه.. وتم سجنه وهو لم يرتكب جرمًا.. حتى وإن تمت تبرئته بعد ذلك.. هذه المبررات الدرامية كافية ليعود الدسوقى لينتقم ويتحول إلى بلطجى.. لكن هل يقبل الواقع المصرى أن تنفتح له كل الأبواب، المال والنساء والسطوة، لمجرد أنه تاجر سلاح..
للأسف نعم.. ماذا فعل هذا المجتمع.. وذلك القانون لحملة الماجستير والدكتوراه.. لقد تركناهم لسنوات يتسولون فرص عمل.. أى فرصة فى أى حتة دون جدوى وكأننا نقصد إهانة العلم والمتعلمين.. ألم يسمع رئيس الحكومة.. أى حكومة بهم.. بالعكس.. لقد افترشوا الشوارع المحيطة لمجلس الوزراء ولم يسمعهم أحد.. لقد أفطروا فى الشارع.. ولم يتركوا برنامجا فضائيا واحدا لم يذهبوا إليه ويعلنوا مشكلتهم من خلاله.. وهل كانوا فى الأصل فى حاجة لأى خطوة مماثلة.. بالقطع لا.. هل تم حل مشكلتهم برضه لأ.. طيب ماذا فعلنا لدفعة ٢٠٠١ فى النيابة، ومن تم استبعادهم بعد اختيارهم لأسباب غير مفهومة واللافتة الموجهة لعيونهم أكثر إهانة من استبعادهم.. «غير لائق اجتماعيًا».
كلنا يذكر بالقطع قصة عبدالحميد شتا بتاع الخارجية لاستبعاده بنفس التهمة.. وكلنا يذكر أحد وزراء العدل الذى تم استبعاده لقوله إن أبناء الزبالين لن يدخلوا النيابة.. ورغم هذا الاستبعاد.. هل حققنا العدل فى اختيارات الهيئات المهمة لعناصرها؟.. قطعا لم يحدث.. فلماذا لا يحلم شبابنا بتحقيق أحلامهم على طريقة «ناصر الدسوقى».. إن الشياطين التى تلعب فى أدمغة الشارع أشد فتكا من «ونوس» وشياطينه.. والاحتقان الذى سيطر على الصدور لن يجد ضالته وهو يشاهد كل تلك المنتجعات التى هى أجمل من مانهاتن وأكثر أمانا من نيويورك تحاصره من كل صوب.. لماذا لا يخترق «سقف أحلامه» على طريقة يونس أو ناصر الدسوقى.. لماذا ينتظر أن تأتيه فرصة الننى، خصوصا أن الطريقة لتجارة السلاح والآثار والمخدرات لا يحتاج إلى موهبة محمد الننى؟.. إن ما أفرغته دراما رمضان على شاشاتها وربما نجد فيه ما يهدد مستقبل وأحلام أطفالنا وشبابنا لا يقل أبدا مما يجرى فى الشارع.. سواء فعلت الدراما ذلك أو لم تفعل.. لقد اخترقنا السقف.. وننتظر على أحر من الجمر ليلة قدر نتحول فيها من مجرد مشاهدين إلى «أسطورة» أو فى أقل القليل حد يحدفلنا حتتين آثار من بتوع يونس.