الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

أمهات وداعرات.. دراما رمضان "2-2"

نيللى كريم
نيللى كريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الدوافع والأسباب النفسية التي تحرك أبطال وبطلات كثير من مسلسلات رمضان نجد أن العلاقة بالأم تحتل موقع الصدارة، بينما يتراجع الآباء إلى خلفية باهتة لدرجة أنه لا يوجد له دور بالمرة في بعض الأعمال.
في «سقوط حر» الذي كتبه مريم نعوم ووائل حمدى، تلعب نيللى كريم دور «ملك»، وهى امرأة متهمة بقتل زوجها واختها، تعانى من مرض نفسى حاد، يتبين بعد عدة حلقات أن سبب مرضها هو علاقتها بأمها، مدرسة اللغة العربية، المتسلطة، التي كانت تفضل الأخت المقتولة، حتى أن هذه الأم القاسية تتحول إلى شبح مرعب يطارد الفتاة المريضة في أحلامها ويقظتها. وعندما تزور الأم ابنتها بعد طول تردد، تنتاب الاثنتان حالة هيستيرية وتهاجم كل منهما الأخرى، بعدها تنتاب «ملك» هلاوس تهاجم فيها أمها وتخنقها.
وفى المستشفى الخاص الذي تذهب إليه «ملك» في مرحلة لاحقة من شفائها، لا يطاردها شبح الأم، ولكنها تجد هناك حالة فتاة تشبهها، تعانى من أم متسلطة وأب ضعيف، تمنع ابنتها عن حبيبها فتحاول الفتاة الانتحار، وعندما تأتى الأم لزيارة ابنتها وتواصل تأنيبها وزجرها، تنفجر «ملك» وتهاجمها، ويتكرر الموقف بعد عدة حلقات أخرى.. في «إسقاط نفسي» واضح تحول فيه «ملك» رغبتها في الاعتداء على أمها نحو هذه الأم المتسلطة.
في مسلسل «فوق مستوى الشبهات» تلعب يسرا شخصية «رحمة»، أخصائية التنمية البشرية التي تعانى من مرض نفسى حاد حولها إلى شخصية سيكوباتية، مجرمة وقاتلة، ومثل «ملك» يتبين لاحقا أن علاقتها المعقدة بأمها وتفضيل هذه الأم لأختها هو سبب الخلل الذي تعانى منه. وكما نرى في «سقوط حر» يفاجئنا «فوق مستوى الشبهات» بمشهد نادر في الدراما المصرية تقوم فيه «رحمة» بالهجوم على أمها لفظيا وبدنيا، في نوبة هيستيرية خارجة عن السيطرة. ورغم أن الكراهية المتبادلة هي الشعور المسيطر على علاقة «رحمة» بأمها، لكن الأخيرة لا تستطيع التخلص منها نفسيا، ولا من غيرتها من الأخت الغائبة، المحجوزة أيضًا في إحدى المصحات النفسية، وعقب نوبة هيستيرية أخرى تنتاب «رحمة» عندما تعلم أن أمها كانت ستذهب بصحبة خادمتيها لزيارة ابنتها الثانية، تموت الأم، فتنهار «رحمة» وتنتابها نوبة بكاء هيستيرية تفاجئ الخادمتين.. وتجدر هنا الإشارة إلى أداء يسرا المدهش في التقلب بين القوة والضعف والقسوة والانهيار.
في «فوق مستوى الشبهات» نموذج آخر للأم الحماة، لكنه يختلف كثيرا عن نمط الحماة التقليدية في السينما المصرية.
«أحمد»، الذي يؤدى دوره مراد مكرم، من عائلة ثرية متعلمة، متزوج من «دينا»، نجلاء بدر، التي تخونه مع أحد أصدقائه.. وبمرور الأحداث يتبين أن «أحمد» يعانى من سيطرة أمه، التي تلعب دورها لطيفة فهمى، وأن ارتباطه بهذه المرأة الخائنة المتحكمة، التي لا تتورع عن مهاجمته والتلاعب به طوال الوقت، ربما يكون انعكاسًا لعلاقته المعقدة بأمه. ورغم أن المجال لا يسمح بالتعرض للتفاصيل الدقيقة التي يمتلئ بها العمل، في واحد من أفضل النصوص الدرامية المكتوبة هذا العام، أشير فقط إلى بعض المشاهد التي تذهب فيها الأم للإقامة مع ابنها لمساعدته في كشف خيانة زوجته. في أحد المشاهد يتحدث كل من الابن والأم باللغة الفرنسية، في رد فعل تلقائى غير واعى يعلنان فيه ارتباطهما واختلافهما عن الزوجة التي تبدو، وتشعر أنها، غريبة بينهما.
لقد رأينا نموذج الحماة المتسلطة كثيرا، ونموذج المرأة الخائنة أكثر، ولكن الأمر مختلف هنا، فكلتاهما تتواجهان، ونحن نراقب بشغف وتوتر، دون أن يمكننا الانحياز مع طرف ضد الآخر، وهو موقف نجد أنفسنا فيه مع بقية شخصيات وأحداث المسلسل.
آخر نموذجان للأم المتحكمة أريد أن أعرضهما، «قسمت» صاحبة فندق «جراند أوتيل»، التي تؤدى دورها أنوشكا، الأم، الأرستقراطية، الجميلة، المتحكمة في كل ما يتعلق بهذا «الكوزموبوليس»، أو الكون المصغر الذي يمثله «الجراند أوتيل».
الثانى هو نموذج الأم الذي تؤديه فردوس عبدالحميد في مسلسل «الأسطورة». فرغم أن ابنها، الذي يؤديه محمد رمضان، رجل عصابات وقاتل بارد الدماء، إلا أن الشخصية الوحيدة التي يضعف أمامها ويتحول إلى طفل خائف هي أمه.. ولكن هل هناك علاقة بالعنف والهيستريا التي تضرب هذه المسلسلات والعلاقة بالأمهات؟
هذا موضوع مقال الغد لو كان لنا عمر.