رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

أمهات وداعرات.. دراما رمضان "2-1"

سوسن بدر
سوسن بدر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سوسن بدر فى «أفراح القبة»، هالة صدقى فى «ونوس»، صفاء الطوخى فى «سقوط حر»، أنوشكا فى «جراند أوتيل»، فردوس عبدالحميد فى «الأسطورة»، لطيفة فهمى فى «فوق مستوى الشبهات».. وغيرهن كثيرات من شخصيات الأمهات المسيطرات المتحكمات، اللواتى يقدن حياة أبنائهن وبناتهن إلى الهاوية غالبا، بسبب هذه السيطرة.
لسنوات وعقود اعتادت الميلودراما على تقسيم النساء إلى صنفين أساسيين، العاهرة والعذراء، ومن يشاهد السينما المصرية ومسلسلاتها يمكن أن يرى بسهولة كيف سيطر هذان النموذجان على ٩٠ بالمئة من الإنتاج، إن لم يزد، كما يمكنه أن يرى أن صورة الأم نفسها طالها التصنيف نفسه، فانقسمت بين نموذج الأم المتفانية المضحية المقدسة، والحماة الحقودة الشريرة التى تدبر المؤامرات ضد زوجة ابنها الطيبة، أو زوج ابنتها الطيب.
وبالرغم من أن هذا التصنيف التنميطى انكسر بعض الشىء فى العقدين الأخيرين، ولم تعد شخصيات النساء مجرد أدوار اجتماعية وثقافية، تعكس طريقة التفكير السائدة اجتماعيا حول النساء، والتى فرضها الرجال منذ بضعة آلاف من السنين، ليستولوا على حكم العائلة والقبيلة والدولة والعالم.. بالرغم من أن هذه الصور النمطية تتغير منذ فترة لصالح نماذج أكثر تركيبا وواقعية، إلا أن ثنائى الأم القديسة والحماة الشريرة ظل صامدا ضد أى تطوير حفاظا على الصورة السائدة عن الأم. وأذكر مثلا الصدمة التى حدثت منذ عامين عندما قدم الثنائى المؤلفة مريم نعوم والمخرجة كاملة أبو ذكرى شخصية أم تقوم بقتل أطفالها فى مسلسل «سجن النساء»، مع شخصيات نسائية أخرى تكسر الأنماط المعتادة مثل الأم والأب اللذين يديران شبكة دعارة ببناتهما.
هذا العام نرى عائلة مماثلة فى «أفراح القبة»، ليست موجودة فى رواية نجيب محفوظ المقتبس عنها المسلسل بالمناسبة، تتكون من أم قوادة وأب شاذ وثلاث بنات لا يعرفن بوجود حدود جنسية أو أخلاقية، ولكن المدهش والجديد هنا هو قدر الإنسانية التى تقدم بها كل شخصيات العائلة، فتجعلنا نتفهم الظروف البائسة التى حولتهن إلى أشباح بشرية مشوهة. أجمل ما فى معالجة المخرج محمد ياسين لشخصيات مسلسله هو قدرته على الدخول إلى قلب وعقل كل شخصية، بدون استثناء، والنظر إليها بعطف يجعلنا نتجاوز مفهوم الإدانة والحكم المتحامل والمتعصب ضد الأفراد، إلى نقد النظام الاجتماعى ككل، أو بؤس العالم بشكل أعم. وهى رؤية قلما نراها فى ثقافتنا المنحازة والمتحاملة على الأفراد بطبعها.
تلعب سوسن بدر بتمكن معتاد دور «بدرية»، الأم الفقيرة التى وجدت نفسها مسئولة عن بنات ثلاث وزوج «صايع» مدمن تكتشف أنه شاذ أيضا، ويتشوه جسدها فى مشاجرة مع هذا الزوج، فتمتلئ بالحقد على الجميع، حتى بناتها، باستثناء واحدة توجه لها ما تبقى لها من أمومة، وإن كانت تفقد ذلك أيضا على الطريق.
على النقيض من شخصية «بدرية» فى «أفراح القبة» نجد شخصية «إنشراح» التى تلعبها هالة صدقى فى «ونوس»، وهى أم مثالية ربت أبناءها الأربعة وابنة أختها بمفردها بعد أن هرب الزوج متخليا عن زوجته وأبنائه.
تجسد «إنشراح» النموذج الأساسى للأم القوية الطاهرة، الوحيدة القادرة على مواجهة غوايات الشيطان «ونوس»، ولكنها مسيطرة ومستبدة بشكل يفتح ثغرات أمام مؤامرات هذا الشيطان.
بين الأم التى تدمر عائلتها بحقدها وطمعها، والأم التى تظل عمود الأساس الوحيد الذى يحافظ على العائلة، تبقى شخصيات الأمهات فى مسلسلات هذا العام هى الأهم والأكثر محورية وتأثيرا دراميا، وسأعرض المزيد منها غدًا.