السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرئيس عبدالفتاح السيسي والثورة العالمية الثالثة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك ثورتان يشهدهما العالم هما الثورة الصناعية الثالثة والثورة الديمقراطية الثانية.
الثورة الصناعية الثالثة هى ثورة العلم والتكنولوجيا المتقدمة فى علوم الفضاء والإلكترونيات والاتصالات والمعلومات والهندسة البيولوجية، ويتسابق على حلبتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان والنمور الآسيوية الخمس فى شرق آسيا (كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، هونج كونج، وماليزيا).
والثورة الديمقراطية الثانية هى ثورة سقوط أنظمة حكم الحزب الواحد والزعيم الأوحد والآخذ بالتعددية وانتقال السلطة.
وبجانب هاتين الثورتين يشهد العالم فى الوقت الراهن الثورة العالمية الثالثة يونيو ٢٠١٣ وهى ثورة مصرية على إجبار الحمقى فى النظام الدولى على احترام عبر التاريخ وسيادة وسلامة الدول ويتسابق فى مضمارها دول المنطقة العربية والدول الإفريقية ودول العالم الإسلامى.
فهى ثورة ضد التطرف الدينى والعقائدى والفكرى والقيمى الذى ساد العالم.. ثورة ضد معاداة قيم الحرية وحق الإنسان فى أن يعيش فى أمن وسلام وسكينة ويتمتع ببيئة نظيفة ويجد متطلبات حياته الأساسية... ثورة ضد الظلم والقهر وتمارسهما الدول الكبرى على الدول النامية.. ثورة ضد الاحتكار الأجنبى البغيض بجميع أشكاله سواء المتعلق بالتكنولوجيا المتطورة أو المواد الغذائية الضرورية للدول الفقيرة أو السلاح أو غير ذلك من أشكال الاحتكار.
وكلها أمور واجهتها ثورة يونيو ٢٠١٣ التى ألح الثوار وطالبوا بقوة الفارس عبدالفتاح السيسى أن يتقلد مقاليد الحكم ويقود السفينة فى تلك الأجواء العاصفة والصعبة والدقيقة بعد أن استطاع أن يسقط المخطط الأمريكى الغربى الذى كان يهدف إلى سقوط المنطقة العربية وتفكيك دولها ومحو هويتها وحضارتها العريقة بالقدر الذى يعيد التبعية والاحتلال الأحنبى الاقتصادى والسياسى بل والعسكرى والقيمى والثقافى مرة ثانية ويمتد بعد ذلك إلى دول القارة الإفريقية الواعدة.
فقد أحدث هذا الرجل تغييرات نفسية وايدولوجية واجتماعية وسياسية وإقتصادية فى مصر والوطن العربى بل والعالم فى فترة وجيزة هى سنتان فقط من توليه حكم البلاد.
مثلما لم يحدثه أى زعيم آخر. ولولا الرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش المصرى العظيم ودوره البطولى فى التصدى للإرهاب العنيف فى سيناء لوصل الإرهاب فى أوروبا وانتشر وتحولت دوله إلى جحيم.
فكانت مصر ومازالت هى حائط الصد الأول المنيع الذى يمنع العمليات الإرهابية من أن تصل إلى أوروبا بالصورة والدرجة العنيفة التى خطط لها الإرهابيون. ورفع الرئيس شعار يد تبنى ويد تحارب الإرهاب وكانت رؤيته الاقتصادية أن التنمية الشاملة التى تجرى فى مصر والمنطقة العربية ينبغى أن تجرى فى إطار العملية العالمية التى تحتوى العالم كله.
وهى بالتالى لا تستطيع إلا أن تكون جزءا لا يتجزأ من هذه العملية العالمية، فانفتح على العالم كله شرقه وغربه شماله وجنوبه لأن الأزمة الراهنة ما هى إلا تعبيرا واضحا عن الانقلاب العميق الذى يحدث فى آليات عمل النظام الاقتصادى العالمى المستغل التى استمرت فيه الدول الغنية تمتص أى مكاسب تتم فى المناطق الضعيفة والفقيرة لتعيد توزيعها على المناطق الأقوى والأغنى.
حتى بالنسبة لرأس المال الأجنبى الذى كان يمكن أن يسهم فى تنمية الدول الفقيرة أو النامية عجز بل انحرف عن هدفه الأصيل والنبيل. فهذا الرأسمال الأجنبى لا يستثمر إلا بوصفه رأسمالا احتكاريا، ويحقق أرباحا مرتفعة وسريعة، تصدر إلى الخارج بدلا من إعادة استثمارها محليا. وهو لا يستثمر إلا فى صناعات لا تنافس منتجات موطنه الأصلى، وعندئذ فهو يفضل مجالات من التصنيع تضمن تبعية الاقتصاد المتخلف وتكرس التخلف فيه، وبالتالى فإنه لا يمكن اجتذاب رأس المال الأجنبى إلا بشرط تجدد تبعيته وتخلف البلدان المتخلفة أو ما يطلق عليها بلدان الجنوب المفترى عليها.
ولذلك كله يتوقف الأمر فى النهاية على تنشيط عملية القروض الأجنبية والدخول فى دوامة الديون والمديونية التى شلت تماما حركة التنمية وأدت إلى تدهور أقتصاديات الدول النامية، وهو الأمر الذى تنبه إليه الرئيس السيسى فوجه بعدم السماح بعملية القروض الأجنبية إلا فى أضيق الحدود وبالقدر الذى يعود بأفضل فائدة من ورائها. والأصل فى الفكر الاقتصادى المصرى الدخول فى شراكة مع الجانب الأجنبى فى المشروعات الكبرى التى تعتمد على التكنولوجيا المتطورة للغاية وبحيث يتم تسديد حصة الشراكة المصرية للشركات العالمية الكبرى من عائد المشروع. إن التطور نحو اقتصاد السوق الاجتماعية بعيدا عن الرأسمالية ظاهرة تاريخية بالغة الدقة.
حافلة بالتناقضات الهائلة التى لم تحل بعد، ومن ثم يتميز بالتعايش الطويل الأمد بين اتجاهات متناقضة، منها اتجاهات بعيدة جدا عن الاقتصاد الموجه وقد تكون معادية له أيضا. ولذلك فإن الاعتبارات الذاتية ذات أهمية حاسمة هنا. فقد تتوطد اتجاهات ترمى للقفز فوق الأوضاع الموضوعية والذاتية، إما بتسريع التطور الاقتصادى بتدابير صعبة وهى نفس العبارة التى يقولها الرئيس عبدالفتاح السيسى ببساطة (نحن معندناش رفاهية الوقت) عبارة بسيطة تعكس فقه فكر الرئيس الاقتصادى العميق والوطنى، وإما بالاعتماد على قدرة الأجهزة التنفيذية وبخاصة العسكرية عن الحسم السريع والانضباط القوى واحترام الوقت. وهى نقطة مهمة للغاية كانت محل جدل بين بعض أعضاء نادى عواجيز الفرح. كل ذلك يفاعل الطابع الانتقالى الطويل الأجل لمرحلة بل لمراحل تسريع عملية التنمية فى مصر وقد امتدت إلى باقى دول الوطن العربى. إن الأمر يتوقف على القدرة على حل التناقضات الحادة التى تعتمل بطريقة موضوعية داخل المجتمع.
أ- يتوقف الأمر على مدى التطور الاقتصادى الذى يجرى لصالح الطبقات الفقيرة والهامشية والطبقات العاملة بحيث يتشكل هيكل اقتصادى لا يضع عراقيل جديدة فى الطريق إلى التنمية الاقتصادية الشاملة بل يزيد من القاعدة المادية ويوسع من القاعدة الاجتماعية للانتقال بمصر إلى الدولة الحديثة. وقد عبر عن ذلك الرئيس ببساطة أيضا (إن مصر أم الدنيا وستكون إن شاء الله قد الدنيا) ولتحقيق ذلك يقوم الرئيس بحل التناقضات التى أوجدتها جماعة الإخوان بوسائل اقتصادية متقنة وذلك باستخدام العلاقات الخاصة بالسوق أى العلاقات السلعية والنقدية.
ب- يتوقف الأمر أيضا على مدى تطوير السلطة فى الدولة لصالح الطبقات الكادحة بحيث يكون جهاز الدولة فى صف الانتقال بسرعة إلى رعاية المهمشين والبسطاء وسكان العشوائيات وطبقة العمال ومحدودى الدخل بما يحقق العدالة الاجتماعية ومن ثم تعتبر قضية السلطة وطابعها الإنسانى والاجتماعى أهم طرف حاسم فى مستقبل الطريق للتنمية الشاملة لرفع مستوى معيشة الجماهير الكادحة وترتب على الطبيعة الانتقالية لهذا الطريق أن قضية السلطة لا تحل مرة واحدة عن تغير نوعى واحد عن شكل الحكم. والمدقق بكل تحركات الرئيس السيسى لابد أن يلحظ مدى اهتمام السلطة متمثلة فى شخصه بالطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، وهكذا فإن المجتمع المصرى يتطور بثبات إلى الأمام، يتقدم من الأدنى إلى الأرقى، ومن البسيط إلى المركب، فالتطور بمعنى التقدم ليس خطأ مستقيما وإنما هو خط متعرج، وقد يفتح الباب أمام بعض العقبات أو المشاكل، فعندما تظهر مرحلة جديدة من التطور فإن تدمير المرحلة البالية لا يكون كاملا أبدا. تماما كما يحدث فى مصر فحتى الآن هناك عناصر مجرمة سماهم الرئيس جماعة الشر مازالت موجودة فى أجهزة الدولة بالرغم من الضربات القاصمة التى نالتها وشلت كثيرا من تحركها ولكنها لم تدمر كاملا. وعندئذ فإن المرحلة التاريخية الكاملة تتغير ككل. بقواها المنتجة وعلاقاتها الإنسانية. فلايوجد تطور للقوى المنتجة خارج إطار المجتمع البشرى. وهو ما بح صوت الرئيس له فكم مرة طالب بالعمل وبالاصطفاف لأنه مؤمن بأن التفاف الجماهير حول القائد هو حصن الأمان للوطن وهو الدرع والسيف الذى يقطع بهما دابر قوى الشر والإرهاب الداخلية والخارجية التى تعمل على تعطيل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تجرى بقوة وبسرعة على أرض الوطن، وهكذا فإن تطور المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا من خلال إحلال الجديد محل القديم تلد أشكالا جديدة للحياة الاقتصادية والاجتماعية.. وظروفا جديدة.. وجوانب جديدة للحياه الاقتصادية وعلى وفقها، يخلق الاقتصاد السياسى تعبيرات جديدة للعلاقات الجديدة البازغة وإن ظلت المصطلحات القديمة تستخدم زمنا ما، وبذلك يتم الانتقال من شكل إلى شكل آخر من أشكال تطور المجتمع المصري الذى نلحظه جميعا.