رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تمثيليات البوتوكس ومدرسة الأباجورات!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجه الممثل السينمائى والتليفزيونى هو أهم أدواته. كل عضلة فى هذا الوجه تؤدى وتعبر أفضل مما تفعل عضلات أرنولد شوارزنيجر أو يوسف الشريف. وكل تجعيدة رسمها الزمن على الوجه تنطق بخبرات ومشاعر أفضل مما تفعل كل كلمات الحوار حتى لو كانت من تأليف شكسبير. الأمر يختلف فى المسرح، حيث يعلو صوت الممثل وحركة جسده وأطرافه على تعبيرات وجهه لدرجة أن الممثلين فى المسرح اليونانى كانوا يرتدون قناعا، وفى المسرح اليابانى كانوا يغطون وجوههم بالمساحيق. فى السينما يمكن التحايل على فشل الممثل فى التعبير بوجهه عن طريق بعض الوسائل المعروفة، مثل زاوية التصوير وحجم اللقطة والإضاءة والمونتاج والماكياج، ولكن فى التليفزيون يصبح الأمر أكثر صعوبة لأن اللقطات أقرب والمشاهد أطول والإضاءة أكثر سطوعا. 
جراحات التجميل قد تعيد ملامح الوجه بضعة سنوات للوراء، ولكنها غالبا ما تمحى، كما لو كان بأستيكة، عضلات وعروق وتجاعيد الوجه التى هى أهم أدواته فى التمثيل، وأسوأ أنواع جراحات التجميل هى التى تقترب من العضلات المحيطة بالعين والفم، فهى تجعل الممثل غير قادر على التعبير عن مشاعره بعينيه وغير قادر على النطق بها بفمه، وكم من ممثلة وممثل فى الشرق والغرب ضاعوا بسبب عمليات الشد و«البوتوكس» وغيرها من عمليات إعادة الشباب، ولكن أحدا لا يتعلم.
أنظر إلى « بوتوكس» صفية العمرى فى «ليالى الحلمية» وليلى علوى فى «هى ودافنشى» وأحمد عز فى إعلانات المجمعات السكنية... وأحزن على التشوه الذى أصاب وجوههم. أنظر إلى غيرهم من كبار الممثلين الذين «شدوا» وجوههم مرة واثنتين حتى أصبحوا غير قادرين على النطق بسهولة، وأقارن ما أراه بوجوه ميريل ستريب وآل باتشينو وجاك نيكلسون ويحيى الفخرانى، التى تبدو شابة ونضرة وتضج بالحيوية بالرغم من تجاعيد الزمن التى تغطيها.
أباجورات
إذا كان الممثل السينمائى والتليفزيونى يرسم ملامح الشخصية بوجهه وصوته، فإن مدير التصوير يرسم الفيلم أو المسلسل بالنور. الإضاءة هى أهم أدوات مدير التصوير والمخرج للتعبير عن الموقف الدرامى، وتعتمد مهارة مدير التصوير على قدرته على استخدام الظلال والمساحات المظلمة أو غير المضاءة جيدا، أكثر مما تعتمد على إضاءة كشافات ملاعب الكرة التى غالبا ما أساءت إلى مسلسلات الفيديو القديمة حتى فى زمن أسامة أنور عكاشة وييى العلمى.
وقد كان الاكتشاف الذى غير مصير المسلسلات التليفزيونية فى العالم العربى هو قدرة كاميرات الفيديو الحديثة على التعامل مع الإضاءة التعبيرية السينمائية، وهو العنصر الذى حسم المنافسة لصالح المسلسلات السورية لسنوات طويلة، وكل ما هناك أن هذه المسلسلات اعتمدت على مديرين تصوير درسوا فى روسيا فنون الإضاءة الدرامية.
وبالرغم من أن الدراما التليفزيونية المصرية ظلت محلك سر أمام غزو الدراما السورية والمكسيكية والتركية، إلا أن دخول أجيال شابة من مديرى التصوير إلى مجال التليفزيون أدى تدريجيا إلى التطور الذى تحول إلى طفرة فى السنوات الأخيرة.
مع ذلك ألاحظ كسلا و«فهلوة» مصرية واضحة فى «تصوير» الكثير من الأعمال المعروضة، حيث يعتمد مدير التصوير من هؤلاء على أسلوب واحد فى إضاءة معظم المشاهد بغض النظر عن واقعية ومنطقية هذه الإضاءة أو مناسبتها للموقف الدرامى. هذا الأسلوب يمكن أن أطلق عليه تهكما مصطلح «مدرسة الأباجورات»، حيث يعتمد مدير التصوير على الأباجورات وحوامل الإضاءة حتى لو كان المشهد يدور داخل غرفة فوق السطوح فى حى عشوائى لا يعرف سكانه سوى لمبات التوفير البيضاء القبيحة المنظر والإضاءة!