الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نهاية حزب الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ تأسيسه فى مطلع الثمانينيات لم يمنَ «حزب الله» بخسائر كبيرة كما يحدث له الآن فى سوريا، وأكثر من كل حروبه مع إسرائيل مجتمعة. ومع استمرار نزيف الحزب تقول أكثر التقديرات تحفظًا إنه خسر ألفًا من خيرة مقاتليه، والتقديرات الأخرى تتحدث عن ثلاثة آلاف. خسر كذلك عددًا من قياداته العسكرية المهمة، ومن بينها، كما رصدها الكاتبان ماثيو ليفيت ونداف بولاك: قُتل فوزى أيوب، قائد لبنانى - كندى مزدوج الجنسية من «حزب الله» فى محافظة درعا جنوب سوريا، من أهم المطلوبين لدى «مكتب التحقيقات الفيدرالى» الأمريكى، وحسن حسين الحاج، فى معارك جرت حول إدلب، وقُتل خليل محمد حامد خليل فى حمص، وقُتل على فياض فى منطقة حلب، بينما لقى «قائد (حزب الله) المخضرم» خليل على حسن، مصرعه أيضًا فى منطقة حلب فى أوائل الشهر الحالى، والأهم أرفع قادته، مصطفى بدر الدين، الذى قتل فى شهر مايو الماضى. كلهم قتلوا فى معارك مع الثوار السوريين أو الجماعات المسلحة الأخرى فى سوريا. وعدد قتلاه ومراتبهم العسكرية من أسرار الحزب التى عود الجميع على عدم إفشائها إلا عندما يدرك أنها ستذاع من قبل الآخرين. فهل ستؤثر الخسائر عليه وعلى مستقبله كقوة محلية لبنانية وكميليشيا خارجية ملحقة بالحرس الثورى الإيراني؟ «حزب الله»، بخلاف إيران، لا يستطيع فرض التجنيد الإجبارى على شباب طائفته فى لبنان، ولا يملك من وسيلة لإقناعهم بالانخراط فى صفوفه إلا من خلال الدعاية الدينية والسياسية وبالإغراءات المالية. كان زعيم ما يسمى «حزب الله»، حسن نصر الله، يتعهد بأنه سيقضى على «التكفيريين» فى بضعة أشهر. لكن، وبعد أن طالت الحرب فى سوريا إلى خمس سنوات، أمضى الحزب يقاتل فيها أربع سنوات، هل يستطيع أن يستمر مهما طال أمد الاقتتال؟ والأسوأ له أن حجم تورط «حزب الله» ازداد وتجاوز سوريا، حيث يبعث رجاله للقتال نيابة عن إيران فى العراق أيضًا، ويعيش حالة استنفار متواصلة ومرهقة فى داخل لبنان. وعدا عن نزيف الدم والمال فإنه خسر كل شيء تقريبًا من سمعة وتأييد فى العالم العربى بناهما خلال مواجهاته مع إسرائيل. وفى حال فشل المغامرة الإيرانية فى سوريا، وهو الأرجح، ستكون تأثيراته خطيرة على «حزب الله» ليس فقط فى سوريا، وبلده لبنان، بل حتى داخل طائفته، فقد كان يبرر هزائمه أمام إسرائيل، كما فى حرب ٢٠٠٦، بالقول إنه كسب بإفشال أهداف إسرائيل! إنما فى حال هزيمته فى سوريا، أو استمرار خسائره فى سوريا، سيكون وضعه صعبًا، بما فى ذلك داخل طائفته. ولن يستطيع ضمان اصطفاف شيعة لبنان خلفه، بعد أن كان يحارب ما وراء الحدود، كما يقول لهم، دفاعًا عن سلامتهم ووجودهم، فى حين أنها حرب بالنيابة عن المصالح الإيرانية التى حولت مقاتلى «حزب الله» إلى مرتزقة يحاربون لخدمتها فى كل مكان، وحربه فى سوريا كلفتهم الكثير ولم تمنحهم الأمن الموعود. ولأن مواجهة إسرائيل أصبحت مستبعدة، خاصة بعد توقيع اتفاق إيران النووى مع الغرب، وكذلك بسبب ضعف الحزب عسكريًا، فإن مبرر وجود «حزب الله»، كمؤسسة ميليشيات مسلحة، أصبح صعبًا فى أن يدوم من دون تحديات له فى لبنان. وهذا ما يجعل الحزب، وإيران، حريصين على رفض أى حل لا يبقى على الأسد رئيسًا وبسلطات كاملة، لأنهما يعرفان أن تأثيرات الهزيمة تتجاوز حدود سوريا إلى لبنان. هزيمة الأسد فى سوريا الأرجح أنها ستقضى على «حزب الله» فى لبنان. فحجم الثمن الذى يكلف الحزب بسبب تورطه فى المستنقع السورى باهظ. وهو الثمن الذى كان يتحاشى دفعه، حتى فى زمن مواجهاته العسكرية مع إسرائيل، باللجوء إلى الاختباء بين المدنيين أو تحت الأرض، بدعوى استدراج العدو أو بحجة توفير قدراته للمواجهة. حرب سوريا القذرة أفقدت «حزب الله» سمعته، وتاريخه، وشعبيته، وشرعيته، وشبابه، وقادته.
نقلًا عن الشرق الأوسط