الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

استقيموا ينصركم الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تنزف الأوطان تكون بحاجة لمواطنين بدرجة جراحين يمتلكون القدرة لعلاجها وتضميد جراحها، ووجود الدولة وفق الفهم السليم لها، أي بالمقومات التي تعتمد على فصل السلطات الثلاث، وتفعيل دور المؤسسات الدستورية، وتطبيق القانون على ضوء الدستور، هو ما يضمن لها التقدم والازدهار.
البعض يرى أن هذا لا يعدو أكثر من كونه تنظيرًا؛ لأن الواقع بعيد كل البعد عن هذا التوصيف، ولكن أي توصيف نظري عندما ينزل لميدان التطبيق سوف يتعرض لكثير من العوائق والتغييرات على ضوء التجربة، إلا أن الوصول بالواقع ليصبح قابلا للتطبيق بشكل عملي هو مهمة الجميع دون استثناء.
فالدفع باتجاه قيام الدولة، وتثبيت دور مؤسساتها، وتفعيل وظيفة السلطات خاصة السلطة التشريعية في وظيفتيها الأساسيتين الرقابة والتشريع، هو تقليص لمساحات الفساد وتكريس لولاء المواطنين لوطنهم، وهو ما ننتظره من البرلمان الذي تم رفع ميزانيته الى ما يقرب من المليار جنيه.
ولأن قيام الدولة بدورها كما يجب تجاه المواطنين، دون تمييز من تقديم كافة الخدمات سواء الطبية أو التعليمية وهو ما يساهم بشكل مباشر في النهضة بالتنمية في كل مجالاتها، بالإضافة لتكريس مبدأ الكفاءة والتخصص في الوظائف القيادية، ومحاسبة المفسدين دون النظر لمواقعهم، هذذه العوامل تقلص من موجات الفوضى وتعمق حالة التماسك الاجتماعي واستقرار المجتمع.
لكن الواقع يشير إلى تدهور كبير شهدته مصر خلال العقود الماضية، فعدم تطوير التعليم ليس سببه عدم رغبة الدولة فقط، ولكن أيضا هيمنة أصحاب المصالح الذين حولوا التعليم لتجارة أدت الى ضعف التعليم الحكومي، وهو ما دفع بعض المواطنين حرصًا منهم على تعليم أبنائهم إلى الاتجاه نحو التعليم الخاص.
كما أدى ضعف الخدمات الصحية الحكومية رغم توافر الأجهزة الحديثة، وكثرة الأخطاء الطبية والإهمال الطبي مع عدم وجود محاسبة وتدقيق وعقاب، أفقد المواطن الثقة بها، وبالتالي دفعه أيضًا للاتجاه نحو المستشفيات الخاصة التي يملكها غالبا منتفعون ليس من مصلحتهم تطوير الخدمات الصحية الحكومية.
كما أن استمرار الوساطة في كل شيء ومنها الوظائف القيادية على حساب الكفاءة أو التميز جعل المستحقين لهذه الوظائف يقومون بتشكيل كيانات داخلية في مؤسساتهم لحماية مصالحهم مع ضمان البقاء والاستمرار لهم، على الرغم من وجود توجه حقيقي لدى الدولة والقيادة السياسية للقضاء على هذه الظاهرة التي أصبحت جزءًا من واقعنا.
وعلى الرغم من ذلك فإن الحلول لا تكون في أخذ الحقوق بطرق غير دستورية ولا قانونية بحجة الظلم، ولكن أصبح من الضروري قيام النخبة بدورها الحقيقي في تكريس الحفاظ على الدولة، وإعادة الاعتبار لدور القانون والدستور، والدفع بالنواب الذين ما زالوا على عهدهم وقيمهم، لتفعيل دورهم الرقابي، وتقديم أسئلة برلمانية وتشريعات وقوانين تدفع بتطوير الخدمات المقدمة للمواطن، لكن الأمر في حقيقته أصبح دربًا من دروب الخيال لعدم وجود نخبة حقيقية.
علينا دعم البرلمان مهما كانت نظرتنا له، لأنه المنوط بتقليص دور المنتفعين في وقف عجلة التطوير، من خلال تقديم النواب بالاستجوابات حول معايير اختيار بعض الشخصيات للمناصب التنفيذية والقيادية، وهذا حق أصيل للبرلمان إلا أن النواب لما يتعرفوا على هذه الحقوق بسبب عدم قراءتهم للدستور أو الفهم الجيد لمهمتهم التي تم انتخابهم من قبل الشعب لكي يقوما بها.
لا أحد ينكر أو يمتلك القدرة على كف النظر عن أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يعمل ليل نهار من أجل النهوض بالدولة، والوصول بها نحو المستقبل المستنير، إلا أن تقصير بعض الجهات في الدولة عن القيام بدورها تجاه المواطن يكرس تشكيل كيانات داخل الدولة، وهو ما يعد فوضى ناعمة، ومع التراكم الزمني تضعف كيان الدولة لحساب هذه الكيانات، وتجعل الاستقرار هشا، وقابلا للخروج عن السيطرة عند الفتن والأزمات.
لذلك فان أي تحرك لا يأخذ في حسباته مصر وأجيالها القادمة هو تحرك لا يرتقى لطموحات الشعب الذي يعمل من أجله رئيس الدولة، وبالتالي فان التحركات الإصلاحية الحقيقية هي التي تعض على جرحها وتؤسس لمسيرة إصلاحية يقطف ثمارها الأجيال الحالية والقادمة لتبقى مكانة مصر عالية.. استقيموا ينصركم الله.